Caupolican كاوفوليكان
في يوم من الأيام ظهر خلف سلسلة الجبال بعض الرجال البيض على ظهر خيول لم يروها أبدا من قبل ، لم تكن معروفة ، كانوا مسلحين بحديد يلمع، يلبسون حديداً ويملكون الرعد والنار التي تخرج من المدافع والبنادق القديمة فتقتل.
أثار ظهور المقاتلين الإسبان مفاجأة وخوفا كبيرين عند الارواكانوس الذين تساءلوا: هل هم آلهة؟
كانوا يقولون، ويصرخون، ويسألون: هل جاءوا من المياه ؟ أية مراكب عجيبة وغريبة أقلتهم ؟ انهم يحملون الصواعق بأيديهم، ويركبون دواب سريعة مثل الريح ،انهم آلهة انهم آلهة!!
ولأول مرة تم غزو أراضيهم ،و لأول مرة انتشر الرعب والعبودية في قلوب الارواكانوس، فعاشوا خانعين خاضعين لإرادة كائنات غريبة ، كانوا يبحثون عن الذهب والفضة.
الغزاة البيض أخذوا يتحولون إلى أفظاظ قساة فجبروتهم وإساءاتهم وأفعالهم الشريرة جعلتهم ضعفاء وحاقدين.
:ليسوا آلهة أيها الاخوة انهم ليسوا آلهة -هكذا كان يصرخ نبلاء الارواكانوس- انهم أناس شريرون اضطهدونا وأذلونا وبمقدورنا أن نهزمهم فلننهض إلى الحرب نعلن الحرب والموت على هؤلاء الغرباء، فلن يكون هناك راحة وسلام في قلوب أطفال الارواكانوس ما لم تنظف أرضنا ، وتتحرر من هؤلاء الأبالسة.
ومن الجبال ومن السهول نهض الإستنفار ، يركض المراسلون بين غابات أرواكانوس من أجل تحريك وتجميع الناس ، وجعل زعماء القبائل يعقدون الاجتماعات الكبيرة للحرب ، وهناك في السهل الكبير بين الجبال بدأوا يتجمعون:
"توكفال" مع ألفين من المحاربين ،"اونغولو" مع أربعة آلاف، "كايوكوفيل" مع ستة آلاف، "لينكوي" مع ثلاثة "ليموليمو" و" تفورين" و "كولكولو" وآخرين مع آلاف من المحاربين الشباب.
غاب فقط "كاوفوليكان" القوي والحائز على إعجاب الجميع.
كانت المجادلات قوية و حامية الوطيس بين زعماء القبائل، ليقرروا من الذي سيقود الحرب ضد الغزاة فصرخ "كايوكوفيل":
"عندي تحت الأوامر العدد الأكبر من المحاربين، وأنا مستعد لأجرب قوتي مع أي كان" فقال" تفورين":
"أنا جاهز للموت مع جميع رجالي ، ولا أحد يتفوق علي في الشجاعة واستخدام السلاح".
المحاربون الآخرون صرخوا أعلنوا عن حسناتهم وسخّنت المنافسة الهمم، والمجادلات كادت تتحول إلى نزاع بين الجميع، فتحدث "ليموليم" الشيخ والحكيم وقدم نصيحته:
"أيها الزعماء الشجعان اتركوا سلاحكم الآن ، فالأفضل أن يرفع ضد العدو، جميعكم متساوون بالنبل والقوة، امتحنوا قوة أذرعكم، وليكن الرئيس هو الذي يقدر على حمل الجذع الأضخم في غاباتنا على كتفيه من غير توقف أو استراحة.
أخذ جميعهم يمتحن أسباب الشيخ"ليموليم" ،والذي راح ينظر إلى الجبال بقلق، يرقب قدوم العظيم "كاوفوليكان"
أحضروا جذعا ضخما من شجر البلوط ، حملوه بين ستة رجال أصحاب عضلات قوية، ومن شدة ثقله فلقد أحضروه يجرونه بين الستة ، وأبقوه وسط حشود المحاربين، الذين يحضرون المسابقة.
يأتي "فايكابي" شاب طويل قاسي اللحم ، يحضن الجذع ويحمله، ويبقيه على كتفيه مدة ست ساعات
و "كايوكوفيل" يستسلم قبل أن يصل إلى هذا الوقت بينما "فورين" و "اونغولو" أبقياه طيلة نصف نهار .
أمـّا "لينكويا" ا لقوي فيحمل الجذع بسلاسة على كتفيه العريضتين جدا ، ويتمشى ويركض بالجذع ،منذ أن خرجت الشمس والقمر أيضا يفاجئه بنوره الساحر.
وعندما تصل الشمس إلى منتصف السماء، وتبدأ بالنزول نحو المغيب، يسقط الجذع عن الأكتاف القوية للينكويا .
كلهم يصرخون: لينكويا انتصر !! فلتكن قيادتنا له !! فلـ"لينكويا" الحظوة في أن يكون المسؤول الأعلى".
وفي هذه اللحظات يأتي ويتقدم كاوفوليكان، يأتي وحيدا من غير محاربين يرافقونه .
كاوفوليكان: طويل، وقوي ومحارب متمرس ،وخفيف الحركة وله هيبة قوية وصارمة، والجميع يقدّرون الأقوى والأنبل.
يأتي "كاوفوليكان" عندما تبدأ الشمس بالغروب ، وكلهم يطلبون وقتا للراحة، ويقررون تمديد المسابقة حتى اليوم التالي،
وعندما بزغ الفجر في أعالي الجبل حمل "كاوفوليكان" الجذع الثقيل على أكتافه الخارقتين.
يطلع النهار، وتعلو الشمس إلى منتصف السماء، وتختفي ثانية خلف الجبال، والليل يظهر النجوم و"كاو فوليك" يروح ويجيء ببطء وبسرعة، دون أن يعطي إشارات تعب، تعود الشمس للطلوع، ويمضي نهار كامل ، ويخرج القمر ثانية بطلعته البهية ، ومرة ثانية يأتي الفجر ، ليرى "كاو فوليك" مع الشجرة على كتفيه.
وفي نهاية اليوم الثالث ،عندما تصل الشمس إلى نصف السماء يقفز "كاو فوليك" ، ويرمي الجذع الثقيل إلى بعيد ،فتهيج الحشود بالانفعال :انه الأقوى انه الأقوى انه "كاوفوليكان".
يضع الشيخ "ليموليم" الفأس الحجري في يد المنتصر، و من تلك اللحظة استعد الارواكانوس للقتال تحت أمر كوافوليك العظيم.
وبطولاته في الحرب ضد الغرباء كانت كثيرة ، ولم تفقدها الذاكرة، فلقد غناها الشعراء كما غنوا مماته المفخرة من أجل حرية أرض أرواكانوس.