Oyallanty أويانتي
من بعيد يأتي المحاربون منتصرين.كانوا قد حاربوا وسيطروا على أولئك المتمردين في المحافظات التي تشكل إمبراطورية الإينكا.
يأتون من بعيد إلى " كوزكو" المدينة العظيمة ، ليهدوا انتصارهم إلى الإنكا ابن الشمس. وفي مقدمتهم يأتي "أويّانتي" بطل الأنديز، القائد المحارب القوي والشاب الطويل و المنتصر .
في مدينة " كوزكو" تمّ تزيين القصر الإمبراطوري من أجل استقبال أويانتي المنتصر ، وفي العرش الذهبي ينتظر الإنكا محاطا بهدايا عظيمة إلى القائد المحارب.
هناك والى جانب العرش كانت زوجة الإنكا والأميرة "كويّيور" ، ومع أن اسمها يعني"نجمة" فان عينيها كانتا حزينة وخافتة مثل الفوانيس عندما يشرق عليها نور الصباح .
تقترب الحاشية ، وتقترب معها أصوات النايات المصنوعة من قصب السكر و من العظام، و كذلك تقترب أصوات الطبول الكبيرة ، وتسمع الجوقات وصرخات الشعب الذي يهتف للأبطال.
وإلى صالة العرش يدخل الموسيقيون والمغنّون والمحاربون ، الذين ينقلون هدايا الذهب والأحجار الكريمة.
يعلن المنادي إلى الربان الكبير ابن الأنديز ظهور أويانتي بثياب ملونة ، وهو عاري الذراعين والفخذين ، وفأسه في الخصر ، والخوذة مزركشة برأس النسر .
يصل أويانتي، ويتقدم وينحني أمام العرش ،يتكلم وصوته رصين:
_:"سيدي يا ابن الشمس لقد انتصرت كما أردت أنت ، وهنا عند قدميك كما الشعوب التي هزمتها ، أضع الفأس التي أخذتها إلى المعركة، قل لي إن كنت استحق فضلك ؟ وإن كنت اقدر أن أقول لك رغباتي كما وعدتني، عندما خرجت إلى الحرب"؟.
فنهض الإينكا واخذ أويانتي بين ذراعيه. ورفع أويانتي رأسه ونظر إلى الأميرة" كوييور" ، فبقيت عيناها ثابتة في عيني المحارب القوي كوعد حب صامت.
قال الإنكا:
=: " اطلب!! اطلب أيها الشجاع أويانتي ستجدني جاهزا لأكرّم النصر البطولي لأفضل رجالي المحاربين.. تكلم ولا تصمت.. فكل الخيرات تبدو لي أنها لا تكفي لتكريمك ".
وبقي أويانتي صامتا ، تتجه نظراته ثانية لتتقاطع مع نظرات العيون الثابتة لكوييور اسم النجمة..
=:" تكلم اطلب يا أويانتي "..ألحّ الإنكا,:" قل ما تشاء".
فتحدث أويانتي :
_: "أيها السيد يا سيدي أريد نجمة ..لكن الإينكا لم يفهم ، وعبّر عن ذلك بنظراته إلى المحارب .
-:" نعم أيها السيد العظيم أريد نجمة ، أريد كوييور ابنتك التي تهب الحب لقلبي" .
فارتعد الإينكا ، واشتعلت عيناه كالجمر وبدأ فمه يرتعش قبل أن يتكلم :
=: " مستحيل هذا أبدا يا أويانتي ..فأنت بذلك تطلب تدمير الأعراف السماوية للإينكا ، ففي جسد الأميرة تجري الدماء المقدسة للشمس ، وكذلك دماء القمر ، ولا يمكن خلطها بدماء الإنسان. هذه هي قوانين الإينكا ابن الشمس التي تريد أن تنتهكها. كيف يمكن أن يتسع قلبك لهكذا رغبة مرعبة "؟
رفع أويانتي نظراته عالياً وقال:
_: " أنا ابن الأرض الأقدم من القمر، وبخفقان من نار الجبال انولد في قلبي حبّ النجمة القوي، الحب الذي لا ينهزم ، وهكذا تحبني كوييور، ولن تكون هناك قوة في العالم يمكنها أن تعارض ملكا من الأنديز ".
=: "لا أيها المتشامخ أويانتي ! لا أريد سماعك ! ابتعد من هنا "..
وفي الوقت الذي تمكن أويانتي فيه من الوصول إلى البوابة، ويهرب ، تابع ملك الإينكا صراخه:
=: "أيها الجند ، يا جنودي اتبعوه! لا تدعوه يخرج من مدينة كوزكو ،فليمت قبل أن يصل إلى قمم جبال الأنديز. أعلنوا الحرب عليه وعلى أتباعه، ولتطبّق قوانين أبناء الشمس والقمر ".
وفيما بعد ثبت الإينكا نظراته في "كوييور" الجميلة ، وفي عينيه سؤال ملييء بالحسرة .لكن كوييور تحدثت بصوت واثق:
*: "سيدي ابن الشمس .. أنت والدي الإينكا مالك كل الإمبراطورية ، لكن قلبي سليل القمر والشمس قد احتله "أويانتي" نعم لقد احتله ".
=: "لا ! "، صرخ الاينكا مزمجراً، :" أبدا يا ابنة الدم المسمم بحب إنسان, لن تمزقي قانون القدر. أنا سأمنعك. ستكونين مدفونة في بيت العذراوات المنذورات للشمس. وسوف تنتظرين هناك ساعات حياتك لتكوني عروساً لها. هذه هي قوانيننا.القوانين المقدسة لأبناء الشمس ".
ماذا سيحل بك, يا كوييور الجميلة والحزينة يا اسم النجمة!؟ ماذا سيحل بك بين عذراوات الشمس في ذاك المحفل المحاط بأسوار مغلقة وعالية!؟ ماذا سيحل بك بغير حب أويانتي!؟
سوف يقدّمونك إلى الشمس كزوجة ، بحسب معتقدات الإينكا.. وبينما أنت تحلمين ببطلك فهم يطاردونه ، وهو يهرب ، يريد الاجتماع بمحاربيه في الجبال .
انك يائسة من غير أمل. الليل والشفق سيفاجآنك بعينيين مليئتين بالحب الضائع. أيتها الجميلة والحلوة يا "كوييور" ! الحب قريب و يحيط بك مع الأسوار العالية. انك لا تعلمين أيتها العذراء الشاحبة ، انك ستمضين إلى لقائه هذه الليلة في الحقل الذي تتمشين فيه مع أحزانك تحت النجمات. انك لا تعلمين،لكن، "أويانتي" قريب منك وسيأتي ،لأنه لاشيء يمنع رغبته ، فلقد دخل إلى حيث الأبواب قد أغلقت وها هو قريب جدا منك وأنت الآن تستمعين إلى قلبه في صدرك.
الآن ستشعرين أنك مأخوذة كما لو كنت تطيرين على الذراعين الجبارتين لأويانتي ، يحملانك بحلاوة كما لو كنت ملتفة بغيمة تحت القمر الذي يرانا.
أنت لا تعلمين إلى أين تذهبين لكنك ستشعرين بالأمان بين الذراعين اللتين تحملانك ، وترفعانك إلى الجبال ، وسوف تشعرين بالنسيم العليل والنقي في القمم الشاهقة التي يصلها نسر الكوندور.وهناك سوف ترتاحين في خيمة "أويانتي" التي شيدها من الجلود القوية, ستكون قلعة من قلاع الأنديز ، يحميك فيها آلاف المحاربين ، يحرسون القمم والطرقات والأعناق تحت النجوم.
وأنت أيها البطل المقدام ، سوف تشعر بالسعادة لأنك تحديت قوانين الآلهة. إنها قلعة الصخور في أعلى الجبال ، يحرسها آلاف المحاربين الأوفياء لأويانتي. وفي كل مكان توجد عيون يقظة في القمم وفي النهر الذي يجري في الوادي.
أما خيمة أويانتي فيحرسها المحاربون الأكثر وفاء له ، ويصمتون كي لا يعكرون صفو أحلام الأميرة التي اقتُلعت من بين أبناء الشمس وتم تنصيبها ملكة وأمّا لأبناء الأرض الذين سنّوا الأسلحة و هييأوا صدورهم لقتال جيوش الإينكا إن هي وصلت إليهم.
ويمر ليل النجوم صامتا فوق بلاد الأنديز. ويخرج أويانتي من الخيمة ليتكلم مع قياداته فتصله أخبار أن الإينكا أرسل جيوشه ضد القلعة. وكل شيء جاهز للمقاومة وللانتصار. فلا أحد يقدر على الوصول إلى أعلى قمة ، حيث توجد الأميرة.
وفي الحال يأتي أحدهم ليبلغ عن وصول رجل جريح إلى بوابة السور والذي يقول إنه يحمل أخبارا إلى "أويانتي".
وعلى ضوء المشاعل تعرّف أويانتي على "رومنيهوي" قبطان جيوش افيننكا ورفيق حروب كثيرة ،الرفيق الذي كان قد أنقذ حياته. و "رومنيهوي" يأتي جريحا يقول: إن الإينكا قد أقصاه عن القيادة وعاقبه بشكل قاس لأنه لم يتمكن من منع هروب أويانتي واختطاف الأميرة ،وهو الآن في حالة حقد ويستعد للقتال ضد السيد القاسي.
يأمر أويانتي بعنايته وحراسته ، لأنه لا يعرف أين يختبأ التزلف والخديعة في قلب رومنيهوي .
لكن جيوش الإينكا أتت بصمت عبر الطرقات والجبال وعند بزوغ الشفق كانوا قد وصلوا إلى الوادي الذي تسيطر عليه القلعة.
ودارت حرب عنيفة بين جيوش الإينكا ومحاربين الإنديس فاحترقت الغابات ، وسقط مطر من النبال و رعود من الحجارة تساقطت من المجنبات ، فالخديعة والخيانة سمحتا للأعداء بالتقدم بين دخان الحرائق.
أمر أويانتي رفاقه أن يأخذوا الأميرة كوييور إلى ممر في داخل الأرض ، ينفتح بين الصخور، ويتجه نحو السور الذي يحيط بصولجانه، لكن إلى جانب السور كان الخائن يزحف ، ويتقدم ويقترب من ظهر أويانتي ، ويفرغ ضربة جبارة من فأسه على رأس البطل، فسقط بطل الإنديس مضرجًا بالدماء وفاقدا للوعي وسط حصنه المنيع .فبالخيانة فقط أمكن مهاجمة قلعة الإنديس. فلقد زحف المحاربون الاينكا في الليل حتى السور ، وانتظروا إشارة النار التي أرسلها الخائن رومنيهوي.
وتم اسر كوييور و أويانتي، وأخذهما إلى مدينة كوزكو، حيث كان الاينكا العظيم قد اعدّ لهما العقاب.
وصلت هوادج القضاة مرفوعة على حمالات من ذهب. وأمام ابن الشمس احضروا كوييور و أويانتي الجريح وبلا خوذة ولا سلاح!!
وفيما يحتفظ الكهنة بصمت مطبق وجّه الاينكا سؤالا إلى أويانتي
:" لماذا انتهكت معبد عذراوات الشمس "؟ وكان صوته يدوي ويهدد..
تقدمت كوييور وقالت:
" كنت أنا يا أبي وسيدي لم يكن الذنب ذنبه ، بل أنا هربت إلى الجبل لاتبعه لان قلبي كان يوجهني نحوه ".
لكن ،أويانتي سيقول الحقيقة ، ينظر بحزم إلى الاينكا ويقول:
"هذه هي الحقيقة أنا اختطفت الأميرة إني أحبها على طريقة حب أبناء الأرض وأخذتها معي، أنقذتها من العقاب الفظيع الذي كان قد أعدّ لها. فلا يمكن للشمس أن تأخذ لها زوجات من لحم من بنات الإنسان إنما فظاعتك ووحشيتك هما القادرتان على تقديم حياة الأميرة الشابة ..أنا فقط من يحبها وعندي الاستعداد للتضحية بحياتي لأجلها وليس أنت أو الشمس التي تدعي انك ابنها ".
في عيني الاينكا لمع برق من الحقد فقال:
:" أويانتي أيها الزنديق!! اعترف بذنبك المارق. القانون سيطبق وسيحرق المذنب بالنار المخلصة.أما الابنة التي تدنست فسوف تنفى وتلقى إلى التشرد في الصحارى ".
سمع أويانتي كلمات الاينكا ونظر إلى كوييور، وفي النظرات كانت مواساتهم الكبيرة .
سار المحارب صاحب القلب الذي لا يهزم، سار بخطوات واثقة نحو الموت وهو يفكر في كوييور الحبيبة الجميلة.
مات أويانتي البطل !! أما كوييور النجمة الحلوة فلقد شرّدت إلى الحقول والصحارى ، لكن في إمبراطورية الاينكا يتذكر الجميع ذلك الحب الذي وحّد لأول مرة بين ابن الأرض وابنة السماء.
ومنذ ذلك الوقت والجميع يعبرون عن إعجابهم بكوييور اسم النجمة وببطل الأنديس الذي أحبها على طريقة أبناء الإنسان.