كيف تشكلت جزيرة دي سييلاند*
قبل زمن بعيد كان الملك الرحيم "غيلفواGylfwa /" يقيم مجلسه في"أوبسالا /Upsala "، المدينة القديمة المحاطة بقبور الملوك الوثنيين كانت أراضي المملكة واسعة خضراء كثيفة الغابات ، وتحت سلطته توسعت كثيراً إلى أبعد من الأفق الذي يُرى من الأبراج العالية للقلعة، لأنه لم يكن ممكناً الوصول إلى نهايتها عبر رحلات من ركوب الخيل .
عاش الملك الشائخ وبشعر مثلج ليتأمل ويحكم مملكته ، ولم يكن يُعرف شيئ عن عائلته ، وربما لم يكن له عائلة أو انه كان يفضل الوحدة .
في المجلس كانت تعيش شابة فاتنة الجمال ، إذ كان الشيخ غيلفوا يداعبها ، كأنها ابنته وكان اسمها "غيلفيون /Gelfion" الرائعة بيضاء وشقراء بل انها تشبه أميرات الحكايات والأساطير.
كانت حياة "غيلفيون" يلفها غموض مبهم ، فالبعض يظن أنها كانت ابنة الملك ، و آخرون كانوا يقولون: إن المسن "غيلفوا " تبنـّاها من طفولتها ، وآخرون كثيرون كانوا يؤكدون أن أمها كانت ابنة لأحد العمالقة أصدقاء ملك الجبال العظيم .
كانت غيفلون فاتنة الجمال بشكل مذهل ، فصوتها عذب حلو، وفي أعماق عينيها الشفافتين يتوهج ضوء النظرات الغريبة، التي تكاد تشبه نظرات الآلهة .
في ذلك الوقت كان يحكم الدينمارك الملك "أودين،Odin" ، وله ابن رائع وشجاع هو الأمير"سكيولد، Skiold" والذي وصل فجأة إلى مجلس "غيلفوا" مجذوبا بسمعة غيفليون الفاتنة الجمال ، ولما رآها سكولد صار مثل المسحور من روعة غيفليون التي وقعت بحبه أيضا .
كان المسن غيفلوا ينتظر اليوم الذي سيفصله عن غيفلون بالحزن والألم ، لكنه أخفى حزنه ، وداعب الضفيرتين المذهبتين لشعر الشابة وقال:
" غيفلون !! بنيتي !! سأكون محظوظاً وسأموت مطمئناً عندما أراك سعيدة.. فلترع الآلهة زواجك.. أريد الآن أن أقدم لك الأعطيات التي طالما تمنيتيها ".
:"ملكي غيلفوا _ أجابت غيفلون_ سأشعر بحزن عميق عند مفارقتي لك ، فأنا أحب بلدي كثيراً .. ولن أطلب منك شيئاً أكثر من سماحك لي أن آخذ حفنة من تراب السويد إلى بلدي الجديد ..فإن شئت احصل لي على حفنة من التراب يمكن لرجل أن يحرثها في لحظة و من غير تعب " .
:" حسنا يا غيفلون _ قال الملك _ فليكن كما تشائين " . ونادي على حرّاث قوي ولا يتعب .
اختفت غيلون من القصر ،فلقد ذهبت إلى الجبل ، حيث كانت أمها قد خرجت من هناك ، وبانقضاء عدة أيام عادت يرافقها رجل حرّاث ، وكان عملاقا ، جاء معه أبناؤه الأربعة ، وهم عمالقة أيضاً ، كانوا يحملون محراثاً ضخماً يجعل الأرض تهتز، وكي يمكنه بسط المحراث ، فلقد أحضر أبناءه الأربعة .
حمل العملاق المحراث وغرس السكة في الأرض، وضغط فوصلت إلى الأعماق . طحنت الصخر الحيّ بينما العمالقة الأربعة الآخرون كانوا يدفعون مقود الحراثة بقوة قادرة على اقتلاع أضخم أشجار البتول .
بدأت الأرض تنفطر بين غيوم من الغبار وكسرات حجارة متطايرة ، وظهرت الأثلام عميقة وعميقة مثل الأخاديد ، فلقد اشتغل العمالقة دون تعب ، أطالوا الأثلام حتى كادت تختفي في الأفق .
وأخيراً بانتهاء اليوم كانت قطعة من أرض السويد قد قـٌطعت ، وكانت غيفيلون سعيدة بذلك .
:" أيها الملك غيلفوا أنظر !! سآخذ إلى بلدي الجديد هذه الأرض التي رأتها عيناك وداستها أقدامك ".
اكتفى الملك المسن بالنظرات - وهو يدمع- إلى فرحة غيفليون .
وعادت الشابة العذراء إلى ملك الجبال ،وفي إحدى الليالي رجعت ، يرافقها عددٌ كبيرٌ من العمالقة ، الذين رفعوا قطعة الأرض الشاسعة المحروثة والمهيـّأة ، والتي تم اقتطاعها ، ثم سحبوها حتى البحر، وهناك رفعها العمالقة ومضوا بها كأنها سفينة هائلة تسيـّرها ذراع العذراء الممدودة ، وهي تؤشر وجهتهم وفي المياه المظلمة والعميق بين الدينمارك والسويد وضع العمالقة قطعة الأرض بقوة بحيث استقرت صماء و بلا حراك .
هكذا يروون كيف ظهرت جزيرة سيلاند الخصبة والرائعة .
وهناك في منطقة "أوبسالا" ، حيث تم اقتلاع الجزيرة فلقد ملأت الأنهار الحفرة الضخمة ، وشكلت بحيرة ميلارMelar المرآة الكبيرة من الماء والتي أبقتها غيفليون ، كي تكون قطعة من سماء السويد هناك مقابل الأرض التي أخذتها .