الأنصار
التعريف :
فرقة باطنية عنصرية ظهرت بين السود في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات الميلادية وامتدت إلى كندا وأمريكا الوسطى والجنوبية نظراً لقوة أنشطتها . وهي تدعي الإسلام والانتساب إلى المهدية في السودان ، غير أن عقائدها خليط من النصرانية واليهودية والبوذية والإسلام .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
• ولد مؤسس هذه الفرقة دوايت يورك Dwight York سنة 1935م بمدينة نيويورك ، وكان يتعاطى المخدرات ، فقضى فترة من عمره في السجن . وهناك تعرف على مبادئ الإسلام ودرس النصرانية واليهودية وغيرها من الأديان والفرق . وبعد إطلاق سراحه في أوائل الستينات ، أسلم في مسجد ستايت . بحي بروكلين بمدينة نيويورك ، وانتحل لنفسه اسم عيسى عبد الله . وبما أن الوضع الاجتماعي في أمريكا كان مشحوناً بالشعور القومي آنذاك ، فقد أخذ عيسى يدعو شباب السود في ضواحي نيويورك إلى الإسلام ، بطابع قومي ، معتمداً في ذلك على تأويل نصوص الإنجيل المتداول ، والقرآن الكريم . واتخذ شعاراً لفرقته هلالاً بداخله نجمة داود ، وبداخلها صليب فرعون ، وقد أطلق على فرقته في بداية الأمر اسم
( أنصار الصوفية الخاصة ) شعاراً للفرقة ثم غير اسم الفرقة إلى النوبيين انتساباً إلى قبائل النوبة بمصر والسودان ، وإبرازاً للاتجاه القومي ، ثم غير الاسم مرة أخرى إلى جمعية أنصار الله كما فرض على أتباعه في البداية التحلي بقطعة عظم صغيرة في الأذن اليسرى ، وارتداء طرابيش سوداء وملابس من غرب أفريقيا ثم غير الزي إلى حلقة فضية في الأنف مع وضع العمامة على الرأس وارتداء الثوب السوداني .
• النظام الاجتماعي والاقتصادي :
- ألزم عيسى أتباعه بالسكن الجماعي ، حيث تتجمع النساء في وحدة خاصة منفصلة عن وحدة الرجال ، ويتجمع الأطفال في وحدة أخرى منفصلة عنهما ، وخصص غرفة واحدة في مهجع النساء للإتصال الجنسي بين المتزوجين بالتناوب وسموا تلك الغرفة ( الغرفة الخضراء ) . وكان عيسى الوحيد الذي يسمح له بحرية الاختلاط مع نساء الفرقة في سكنهن ، فكثرت تقريرات العضوات اللاتي انسحبن من الفرقة بسبب دخوله على نساء الغير وحمل عشرات النساء في آن واحد بأولاد له ، كما اختار عيسى بعض النساء كملك يمين له ، إضافة إلى زوجاته الأربع اللاتي يبدلهن من حين إلى آخر ، وحدد عيسى للنساء ما عدا زوجاته وملك يمينه أعمالاً جماعية معينة مثل الطبخ والخياطة وغسل الثياب وجمع معلومات لتأليف كتب تطبع باسمه .
- فرض عيسى على المعتنقين الجدد تسليم جميع ما عندهم من الأموال والممتلكات وأجبر من كان يعمل منهم أو يدرس في الجامعات بترك العمل والدراسة كما دعاهم إلى مقاطعة أقربائهم ومفاصلتهم وقطع صلتهم بهم حتى لا يكون لهم أدنى درجة في الاستقلال المالي أو الفكري واقتبس عيسى نظام التسول الجماعي من الفرقة الهندوكية ( هاري كريشنا ) التي كانت منتشرة بين الشباب البيض حينئذ ففرضه على جميع أتباعه الذكور حيث ظهروا في زوايا أحياء نيويورك وممرات مطار كيندي وعربات القطارات يتسولون من طلوع الشمس إلى غروبها ويسلمون جميع ما يجمعون من التبرعات إلى عيسى فيتصرف فيها كما يشاء ، ومن لم يجمع الحد الأدنى من التبرعات التي عينها عيسى ( خمسين دولاراً ) حرم آخر النهار من مباشرة زوجته .
الأفكار والمعتقدات :
• زار عيسى السودان في عام 1973م ، وقابل أهل المهدي ، والتقط عدة صور فوتوغرافيه لنفسه مع أفراد عائلة المهدي ، وعند عودته إلى أمريكا غير اسمه إلى عيسى عبد الله المهدي ، وادعى أنه حصل على شهادة الدكتوراه في علوم الشريعة خلال الشهور الأربعة التي قضاها هناك . وقد زاره في نيويورك الصادق المهدي وبعض إخوانه الآخرين فصوروا الصادق يعانقه ،ويصافحه وأتباعه ، ويخطب في معبده تأييداً لدعواه ، وغير عيسى اسمه مرة أخرى إلى عيسى الهادي المهدي ، وأضاف اسمه واسم أمه إلى شجرة نسب المهدي المزعوم .
• أعلن عيسى في أواخر السبعينيات أنه مجدد القرن منافساً لابن اليجا محمد ( المعروف بوارث دين محمد ) الذي ادعاه آنذاك . وفي أوائل الثمانينيات تطرق إلى الألوهية حيث صرح في كتبه أنه الإله المتجسد .
• يعتقد الأتباع أن الجنس الأبيض ليسوا بشراً على الحقيقة إذ لا أرواح لهم وإنما تلبست بأجسادهم الأرواح الشريرة فهم حسب اعتقاد الاتباع شياطين في صورة آدميين ، أما الأنبياء فيعتقدون أنهم جميعاً كانوا من أصحاب البشرة السوداء .
• زعم عيسى أن جبريل جامع مريم البتول فأنجبت منه النبي عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) وهو بدوره لم يرفعه الله إليه إنما توفاه الله في الأرض .
• ينكر أتباع عيسى نسخ التوراة والإنجيل ويقولون بعدم تحريفهما ، وأوجب عيسى على أتباعه العمل بتعاليمها .
• زعم عيسى على أنه عثر على الصحف التي أنزلت على آدم وشيت وإبراهيم وإدريس كما ادعى أنه ترجم بعض نصوصها إلى اللغة الإنجليزية .
• زاد في الصلاة أشياء كثيرة ، مثل أن يقول المصلي عند التشهد الأخير ( اللهم صلى على محمد أحمد خليفة رسول الله ، ثم ألغى الصلاة على النبي مدعياً أنه شرك وعبادة موجهة إلى رسول من دون الله تعالى ) .
• يعتبر الأتباع يوم الجمعة يوم تمهيد للعيد الأسبوعي وهو يوم السبت فهم يؤدون في السبت بعض الطقوس المقتبسة من طقوس اليهود .
• يعتقد الأنصار أن نعيم الجنة نعيماً نفسياً وأن آلام النار آلاماً نفسية وليست حقيقية .
• يحرم الأنصار أكل لحوم الإبل والضب كما لا يجيزون العمل في يوم السبت . كما أنهم يحلون وطء المرأة في دبرها ويبيحون شرب الخمر لأداء الطقوس الدينية اليهودية .
• لهذه الفرقة صحف ومجلات وأكثر من مائتي كتاب ، كلها تنسب إلى عيسى ، وهي تتناول أفكار الفرقة واعتقاداتها ومن ضمنها ترجمة للأوراد الراتبة للمهدي السوداني المزعوم وترجمة وتفسير لبعض أجزاء القرآن .
الانتشار ومواقع النفوذ :
يقع مركز الفرقة في مدينة نيويورك ، ولها أحياء كبيرة أخرى في واشنطن وفيلاديلفيا في الولايات المتحدة ، وفي مونتريال بكندا وسان وان بجزيرة ترينيداد بأمريكا الوسطى ، ولها فروع متوسطة الحجم في جورج تاون وجمهورية غيانا بأمريكا الجنوبية ، وجزيرة سانت فيسانت من جزر الكاريبي .
ويتضح مما سبق :
أن الأنصار فرقة باطنية عنصرية ظهرت بين السود في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الستينيات ومنها امتدت إلى دول مجاورة ، وهي تدعي الإسلام والانتساب إلى المهدية في السودان ، ويعتقد أتباع هذه الفرقة أن الجنس الأبيض لا أرواح لهم وأنهم ليسوا بشراً ، وقد زعم مؤسس هذه الفرقة أنه الإله المتجسد ، وافترى على مريم بهتاناً عظيماً فقال إن جبريل جامعها فأنجب منها عيسى عليه السلام ، وتنكر هذه الفرقة نسخ التوراة والإنجيل ، وتحل وطء المرأة في دبرها ، وغير ذلك من الأمور والعقائد لشاذة .
البلاليون
التعريف :
" أمة الإسلام " ، حركة ظهرت بين السود في أمريكا وقد تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية ، وعرفت فيما بعد باسم ( البلاليون ) بعد أن صححت كثيراً من معتقداتها وأفكارها .
التأسيس وأبرز والشخصيات :
• مؤسس هذه الحركة والاس د.فارد وهو شخص أسود غامض النسب ، ظهر فجأة في ديترويت عام 1930م داعياً إلى مذهبه بين السود ، وقد اختفى بصورة غامضة في يوينو 1934م .
• اليجابول أو اليجا محمد 1898-1975م التحق بالحركة وترقى في مناصبها حتى صار رئيساً لها وخليفة لفارد من بعده ، زار السعودية عام 1959م وتجول في تركيا وأثيوبيا والسودان والباكستان يرافقه ابنه والاس محمد الذي كان يقول بالترجمة .
• مالكم إكس ( مالك شباز ) : كان رئيساً للمعبد رقم 7 بنيويورك . خطيب ومفكر قام برحلة إلى الشرق العربي وحج عام 1963م ، ولما عاد تنكر لمبادئ الحركة العنصرية وخرج عليها وشكل فرقة عرفت باسم ( جماعة أهل السنة ) وقد اغتيل في 21 فبراير 1965م .
• لويس فرخان : الذي دخل في الإسلام عام 1950م وخلف مالكم إكس على رئاسة معبد رقم 7 وهو أيضاً خطيب وكاتب ومحاضر ، وهو على صلة قوية حالياً بالعقيد القذافي ، يدعو إلى قيام دولة مستقلة بالسود في أمريكا ما لم تحصلوا على حقوقهم الاجتماعية والسياسية كاملة .
• والاس و.محمد ، الذي تسمى باسم وارث الدين محمد ولد في ديترويت 30 أكتوبر 1933م وعمل رئيساً للحركة في معبد فيلادلفييا 1958-1960م وأدى فريضة الحج عام 1967م كما تكررت زياراته للملكة العربية السعودية .
- انفصل عن الحركة وتخلى عن مبادئ والده عام 1964م لكنه عاد إليها قبيل وفاة والده بخمسة أشهر آملاً في إدخال إصلاحات على الحركة من داخلها .
- حضر المؤتمر الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في نيويورك بولاية نيوجرسي 1397هـ/1977م .
- قام بزيارة للمركز الإسلامي بواشنطن في ديسمبر 1975م .
- حضر على رأس وفد المؤتمر الإسلامي المنعقد في كندا عام 1977م ، وفي كل مرة منها كان يعلن عن صدق توجهه الإسلامي وأنه سيسعى إلى تغيير المفاهيم الخاطئة في جماعته .
- زار الملكة العربية السعودية عام 1976م وتركيا وعدداً من بلاد الشرق وكان يقابل كبار الشخصيات في البلاد التي يزورها .
- أعلن في عام 1975م عن الشخصيات التي سيعتمد عليها في رئاسته للجماعة والذين من أبرزهم :
• مساعداه الخاصان كريم عبد العزيز والدكتور نعيم أكبر .
• المتحدث باسم المنظمة : عبد الحليم فرخان .
• مستشارون للنواحي الثقافية : د.عبد العليم شباز ، د.فاطمة علي ، فهمية سلطان .
• الأمين العام : جون عبد الحق .
• رئيس القيادة العسكرية : اليجا محمد الثاني .
• ريموند شريف : صار وزيراً للعدل بعد أن كان قائداً أعلى لحرس الحركة المسمى ثمرة الإسلام ويرم إليه بالرمز F.O.I الذي تأسس منذ عام 1937م .
• أمينة رسول مسؤولة عن جهاز تطوير المرأة .
• د.ميكل رمضان : الممثل لكافة لجان المساجد ورئيس لجنة التوجيه .
• ثيرون مهدي : الذي انضم للحركة عام 1967م رئيساً لهيئة اكتشاف الفساد والآفات الاجتماعية بين أفرد الحركة التي تشكلت عام 1976م .
• إبراهيم كمال الدين : المشرف على هيئة فرقة الأرض الحديثة للإشراف على مشروع الإسكان في الناحية الجنوبية من شيكاغو .
• سلطان محمد : أحد أحفاد اليجا محمد : يقال بأنه على فهم جيد للإسلام ، وهو إمام في واشنطن ، وكان يدرس الإسلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وقد توفي عام 1410هـ في الرياض .
• محمد علي كلاي : الملاكم العالمي المعروف : يقال بأن مالكم اكس هو الذي اجتذبه إلى الحركة كما أنه كان أحد أعضاء المجلس الذي أنشأه والاس محمد بعد استلامه رئاسة الحركة من أجل التخطيط للأمور المهمة في الجماعة .
الأفكار والمعتقدات :
لا بد من ملاحظة أن أفكار هذه الحركة قد تطورت تدريجياً متأثرة بشخصية الزعيم الذي يدير أمورها ، ولذا فإنه لا بد من تقسيم تطور الحركة إلى ثلاث فترات ( انظر مادة الفرخانية ) .
أولا : في عهد والاس د.فارد :
• عرفت المنظمة منذ تأسيسها باسم " أمة الإسلام " كما عرفت باسم آخر هو ( أمة الإسلام المفقودة المكتشفة ) ، وبرزت أهم أهدافها فيما يلي :
- التأكيد على الدعوة إلى الحرية والمساواة والعدالة والعمل على الرقي بأحوال الجماعة .
- التركيز على تفوق العنصر الأسود وأصالته والتأكيد على انتمائهم إلى الأصل الأفريقي والتهجم على البيض ووصفهم بالشياطين .
- العمل على تحويل أتباعها من التوراة والإنجيل إلى القرآن مع استمرار الأخذ من الكتاب المقدس في بعض الأفكار .
أنشأ زعيمها منظمتين:واحدة للنساء أطلق عليها اسم ( تدريب البنات المسلمات ) ويرمز لها بالرمز ( T.M.G ) وأخرى للرجال أسماها ( ثمرة الإسلام ) بغية إيجاد جيش قوي يحمي الحركة ويدعم مركزها الاجتماعي والسياسي.
ثانياً : في عهد اليجا محمد :
• أعلن اليجا محمد أن الإله ليس شيئاً غيبياً ، بل يجب أن يكون متجسداً في شخص ، وهذا الشخص هو فارد الذي حل فيه الإله ، وهو جدير بالدعاء والعبادة . وقد أدخل بذلك مفاهيم باطنية على فكر جماعته .
• اتخذ لنفسه مقام النبوة وصار يتصف بلقب رسول الله .
• حرم على أتباعه القمار وشرب الخمور والتدخين والإفراط في الطعام والزنى ، ومنع اختلاط المرأة برجل أجنبي عنها ، وحثهم على الزواج داخل أبناء وبنات الحركة ومنعهم من ارتياد أماكن اللهو ولمقاهي العامة .
• الإصرار على إعلاء العنصر الأسود واعتباره مصدراً لكل معاني الخير ، مع الاستمرار في ازدراء العرق الأبيض ووصفه بالضعة والدونية ، ولا شك أن الاكتتاب في الحركة مقصور على السود دون البيض بشكل قطعي والدونية لا مجال لمناقشته إطلاقاً .
• لا يؤمن اليجا محمد إلا بما يخضع للحس ، وعليه فإنه لا يؤمن بالملائكة ولا يؤمن كذلك بالبعث الجسماني إذ أن البعث لديه ليس أكثر من بعث عقلي للسود الأمريكيين .
• لا يؤمن بختم الرسالة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعلن أنه هو خاتم الرسل إذ ما من رسول إلا ويأتي بلسان قومه وهو أي - اليجا محمد - قد جاء نبياً يوحى إليه من قبل فارد بلسان قومه السود .
• يؤمن بالكتب السماوية ، لكنه يؤمن بأن كتاباً خاصاً سوف ينزل على قومه السود والذي سيكون بذلك الكتاب السماوي الأخير للبشرية .
• الصلاة على عهده عبارة عن قراءة للفاتحة أو آيات أخرى ودعاء مأثور مع التوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان ، وهي خمس مرات في اليوم .
• صيام شهر ديسمبر من كل عام عوضاً عن صوم رمضان .
• يدفع كل عضو عشر دخله للحركة .
• ألف عدداً من الكتب التي تبين أفكاره ، منها :
- رسالة إلى الرجل الأسود ( في أمريكا ) .
- منقذنا قد وصل .
- الحكمة العليا .
- سقوط أمريكا .
- كيف تأكل لتعيش .
- أنشأ صحيفة تنطق بلسانهم أسماها محمد يتكلم .
ثالثاُ : في عهد وارث الدين محمد :
• في 24 نوفمبر 1975م اختار وارث الدين اسماً جديداً للمنظمة هو ( البلاليون ) نسبة لبلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• ألغى وارث الدين في 19 يونيو 1975م قانون منع البيض من الانضمام إلى الحركة وفي 25 فبراير 1976م ظهر في قاعة الاحتفالات عدد من البيض المنضمين إليهم جنباً إلى جنب مع السود .
• العلم الأمريكي صار يوضع إلى جانب علم المنظمة بعد أن كان ذلك العلم يمثل الرجل الأبيض ذا العيون الزرقاء الشيطان القوقازي .
• في 29 أغسطس 1975م صدر قرار بضرورة صوم رمضان والاحتفال بعيد الفطر .
• وفي 14 نوفمبر 1975م تحول اسم الصحيفة من محمد يتكلم إلى بلاليان نيوز ثم أصبحت الجريدة الإسلامية .
• أعلن أن لقبه إمام وقد حصر اهتمامه بالأمور الدينية بينما وزع الأمور الأخرى على القياديين في الحركة.
• تم إعداد المعابد لتكون صالحة لإقامة الصلاة .
• أصدر في 3 أكتوبر 1975م أمراً بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة لدى المسلمين خمس مرات في اليوم .
• التأكيد على الخلق الإسلامي والأدب والذوق وحسن الهندام ولبس الحشمة بالنسبة للمرأة .
• يقوم الدعاة في الحركة بزيارة السجون لنشر الدعوة بين المساجين وقد لاحظت سلطات الأمن أن السجين الأسود الذي يعرف عنه التمرد وعدم الطاعة داخل السجن يصبح أكثر استقامة وانضباطاً بمجرد دخوله في الإسلام ، ومن هنا فإن السلطات تسر بقيام الدعاة بدعوتهم هذه بين المسجونين .
• تصحيح المفاهيم الإسلامية ، التي اعتنقتها الحركة منذ أيام فارد واليجا محمد بطريقة خاطئة ، ومحاولة تصويبها .
• إن الأمور التي ذكرناها سابقاً لا تدل على أن الحركة قد توجهت توجهاً إسلامياً صحيحاً تماماً ، لكنها تدل على أن هناك تحسناً نوعياً قد طرأ على أفكار ومعتقدات الحركة قياساً على ما كانت عليه في عهد من سبقه . وهي ما تزال بحاجة إلى إصلاحات عقائدية وتطبيقية حتى تكون على الجادة الإسلامية .
• لقد اضطربت الأمور كثيراً بين قادة الحركة وكان محصلة هذا الاضطراب أن أعلن وارث الدين في 25 مايو 1985م حل الجماعة وترك كل شعبة من شعبها تعمل بشكل منفرد ، وفي كل يوم هناك جديد حول المصير الذي ستؤول إليه الحركة .
• هناك محاولات يقوم بها العقيد القذافي ومحاولات يقوم بها حكام إيران بغية احتواء الحركة وتسييرها وفق الأهواء الخاصة بكل منهما ، وهناك شخصيات جديدة تظهر وزعامات تختفي وانقسامات قد تهدد الجميع .
• لقد عرفت الجماعة بعدد من الأسماء كان من آخرها أمة الإسلام في الغرب .
الجذور الفكرية والعقائدية :
• قامت هذه الحركة على أنقاض حركتين قويتين ظهرتا بين السود هما :
- الحركة المورية التي دعا إليها الزنجي الأمريكي تيموثي نوبل درو علي 1886-1913م الذي أسس حركته سنة 1913م وهي دعوة فيها خليط من المبادئ الاجتماعية والعقائدية الدينية المختلفة وهم يعدون أنفسهم مسلمين لكن حركتهم أصيبت بالضعف إثر وفاة زعيمها .
- منظمة ماركوس جارفي 1887-1940م الذي أسس منظمة سياسية للسود سنة 1916م تحت اسم Universai Negro Improvement Associlation وتتصف هذه الحركة بأنها نصرانية لكن على أساس جعل المسيح أسود وأمه سوداء وقد أبعد زعيمها عن أمريكا سنة 1925م مما أدى كذلك إلى اندثار هذه الحركة .
• ولهذا يمكن أن يقال بأن هذه الحركة تنظر إلى الإسلام على أنه إرث روحي يمكن أن ينقذ السود من سيطرة البيض ويدفع بهم إلى تشكيل أمة خاصة متميزة لها حقوقها ومكاسبها ومكانتها .
• تأثر المؤسس الرئيسي للحركة اليجا محمد بما في التوراة والإنجيل من أفكار بالإضافة إلى ما أخذه من الإسلام وإفرازات التمييز العنصري في الولايات المتحدة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
• يبلغ عدد السود في أمريكا أكثر من 35 مليون نسمة منهم حوالي مليون مسلم .
• كانوا يسمون مساجدهم معابد ولهم الآن ثمانون شعبة في مختلف أنحاء أمريكا ونخصص الحصة الأولى كل يوم لتعليم الدين الإسلامي .
• يتركز المسلمون السود في ديترويت وشيكاغو وواشنطن ومعظم المدن الأمريكية الكبيرة ويحلمون بقيام دولة مستقلة ، وهم يناصرون قضايا السود بعامة .
ويتضح مما سبق :
أن أمة الإسلام في الغرب حركة مذهبية فكرية ، ادعت انتسابها للإسلام ، ولكنها أفرغته أمداً طويلاً من جوهره ومضمونه ، ذلك أنها في عهدها الأول ، وإن كانت قد دعت إلى تحويل أتباعها صوب القرآن الكريم إلا أنها أبقت على فكرة الاستمرار في الأخذ من التوراة والإنجيل . وفي عهدها الثاني اتبعت المفاهيم الباطنية وقالت إن الإله ليس شيئاً غيبيا وإنما يجب أن يتجسد شخصاً معيناً هو فارد الذي حل فيه الإله فعلاً كما يزعمون ، وذهبت إلى عدم ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبشرت بنزول كتاب سماوي على السود ، وجعلت الصيام في شهر ديسمبر بديلاً عن صوم رمضان . وفي عهدها الثالث اتخذت هذه المنظمة اسماً جديداً هو : " البلاليون " نسبة إلى بلال الحبشي مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد أمر وارث الدين محمد بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة ، مع تصحيح المفاهيم الإسلامية السابقة لديهم ، وبدأ الاتجاه الحقيقي لهم صوب الإسلام بمفهومه الحق .
القرامطة
التعريف :
القرامطة حركة باطنية هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة . وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري ، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
• يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وتركوا أثراً بارزاً على سيرهم وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن :
- بدأ عبد الله بن ميمون القداح رأس الأفعى القرامطية بنشر المبادئ الإسماعيلية في جنوب فارس سنة 260هـ .
- ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراُ .
- وفي سنة 278 هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم .
- هرب ذكرويه واختفى عشرين عاماً ، وبعث أولاده متفرقين في البلاد يدعون للحركة .
- استخلف ذكرويه أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج وهزم في حمص وسيق ذكرويه إلى بغداد وتوفي سنة 294هـ .
• قام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة ، ويعتبر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي الإجتماعي ، بلغ من سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الاتاوة ومن أعماله الرهيبة أنه :
- فتك هو ورجاله بالحجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم في الفقر حتى هلكوا .
- ملك الكوفة أيام المقتدر 295-320هـ لمدة ستة أيام استحلها فيهم .
- هاجم مكة عام 319هـ ، وفتك بالحجاج ، وهدم زمزم ، وملأ المسجد بالقتلى ، ونزع الكسوة ، وقلع البيت العتيق ، واقتلع الحجر الأسود ، وسرقه إلى الأحساء ، وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339هـ .
• توفي سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم الذي قوي أمره واستولى على دمشق سنة 360هـ ، ثم توجه إلى مصر ودارت معارك مع الخلافة الفاطمية ،لكن الأعصم ارتد وانهزم القرامطة وتراجعوا إلى الأحساء .
• خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس ، أسند الأمر إلى رجلين هما جعفر وإسحاق اللذان توسعا ثم دار الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم .
• وللمجتمع القرمطي ملامحه المتميزة إذ تشكلت في داخله أربع طبقات اجتماعية متميزة :
- الطبقة الأولى : وتسميهم رسائل إخوان الصفا " الإخوان الأبرار الرحماء " وتشمل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وثلاثين سنة . وهم ممن على استعداد لقبول الأفكار القرمطية عقيدة وتمثلاُ في نفوسهم .
- الطبقة الثانية : ويعرفون بـ"الإخوان الأخيار الفضلاء " وتشمل من كانت أعمارهم بين الثلاثين والأربعين سنة وهي مرتبة الرؤساء ذوي السياسات ، ويكلفون بمراعاة " الإخوان " وتعهدهم وإظهار العطف عليهم ومساعدتهم .
- الطبقة الثالثة : وتشمل أولئك الذين هم بين الأربعين والخمسين من العمر ، ممن يعرفون الناموس الإلهي وفق المفهوم القرمطي ويتمتعون بحق الأمر والنهي ودعم الدعوة القرمطية ودفع خصومها ، وهؤلاء هم الذين ألفوا الرسائل العقائدية القرمطية وعمموها في الآفاق .
- الطبقة الرابعة : ويطلق على أصحاب هذه الطبقة اسم " المريدون " ثم " المعلمون " ثم " المقربون " إلى الله وتشمل من تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة ؛ وهي أعلى المراتب القرمطية ، من يبلغها يكون في نظر هذه الفرقة من الناموس والطبيعة ويصبح من أهل الكشف اللدني إذ يستطيع رؤية أحوال القيامة من البعث والنشور والحساب والميزان …
الأفكار والمعتقدات :
• حينما قام القرامطة بحركتهم أظهروا بعض الأفكار والآراء التي تزعمون أنهم يقاتلون من أجلها ، فقد نادوا بأنهم يقاتلون من أجل آل البيت ، وإن لم يكن آل البيت قد سلموا من سيوفهم.
• ثم أسسوا دولة شيوعية تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية .
• يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه وأشاعوا أن ذلك يعمل زيادة الألفة والمحبة ( وهذا ما كان عليه المزدكيون الفارسيون من قبل ) .
• إلغاء أحكام الإسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى .
• استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف .
• يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد .
• ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاء وضعفاء النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات ، وأصبح القرامطة بذلك مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض .
• يقولون بالعصمة وإنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة ، ومن تأويلاتهم :
- الصيام : الامساك عن كشف السر .
- البعث : الاهتداء إلى مذهبهم .
- النبي : عبارة عن شخص فاضت عليه من الإله الأول قوة قدسية صافية .
- القرآن : هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه ومركب من جهته وسمي كلام الله مجازاً .
• يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفردي لكل منهم .
• يقولون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني ، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه ، الأول تام والثاني ناقص ، والأول لا يوصف بوجود ولا عدم فلا هو موصوف ولا غير موصوف .
• يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين .
• يقولون بالرحمة وأن علياُ يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين .
• يعتقدون بأن الأئمة والأديان والأخلاق ليست إلا ضلالاً .
• يدعون إلى مذهبهم اليهود والصابئة والنصارى والمجوسية والفلاسفة وأصحاب المجون والملاحدة والدهريين ، ويدخلون على كل شخص من الباب الذي يناسبه .
الجذور الفكرية والعقائدية :
• فلسفتهم مادية تسربت إليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من أئمة الفرس .
• تأثروا بمبادئ الخوارج الكلامية والسياسية ومذاهب الدهرية .
• يتعلقون بمذاهب الملحدين من مثل مزدك وزرادشت .
• أساس معتقدهم ترك العبادات والمحظورات وإقامة مجتمع يقوم على الإباحية والشيوع في النساء والمال .
• فكرتهم الجوهرية هي حشد جمهور كبير من الأنصار ودفعهم إلى العمل لغاية يجهلونها .
الانتشار ومواقع النفوذ :
دامت هذه الحركة قرابة قرن من الزمان ، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتقلت إلى سواد الكوفة والبصرة وامتدت إلى الأحساء والبحرين واليمن وسيطرت على رقعة واسعة من جنوبي الجزيرة العربية والصحراء الوسطى وعمان وخراسان . وقد دخلوا مكة واستباحوها واحتلوا دمشق ووصلوا إلى حمص والسلمية . وقد مضت جيوشهم إلى مصر وعسكرت في عين شمس قرب القاهرة ثم انحسر سلطانهم وزالت دولتهم وسقط آخر معاقلهم في الأحساء والبحرين . هذا ومما يلاحظ الآن أن هناك كتابات مشبوهة تحاول أن تقدم حركة القرامطة وغيرها من حركات الردة على أنها حركات إصلاحية وأن قادتها رجال أحرار ينشدون العدالة والحرية .
ويتضح مما سبق :
أن هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس ، وتعتبر عقائدها نفسها عقائد الإسماعيلة في خلاف في بعض النواحي التطبيقية التي لم يستطيع الإسماعيلة تطبيقها خوفاً من ثورة الناس عليهم ويخرجهم من حظيرة الإسلام عقائدهم التالية :
أولاً : اعتقادهم باحتجاب الله في صورة البشر .
ثانياً : قولهم بوجود إلهين .
ثالثاً : تطبيقهم مبدأ إشاعة الأموال والنساء .
رابعاً : عدم التزامهم بتعاليم الإسلام في قليل أو كثير .
خامساً : فساد عقيدتهم في الوحي والنبوة والرسالة .
سادساً : انتهاكهم حرمات الإسلام بالاعتداء على الحجيج واقتحام الكعبة ونزع الحجر الأسود ونقله إلى مكان آخر .
سابعاً : إنكارهم للقيامة والجنة والنار .
المعتزلة
التعريف :
المعتزلة فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي ، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة . وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها : المعتزلة والقدرية والعدلية وأهل العدل والتوحيد والمقصد والوعيدية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
• اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال ، واتجهت هذه الرؤية وجهين :
- الوجهة الأولى : أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة ، والحديث في القدر ، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر ، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب :
1- أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين .
2- أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقله خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن : " اعتزلنا واصل " .
3- أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .
- والوجهة الثانية : أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية ، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين .
• أما القاضي عبد الجبار الهمذاني - مؤرخ المعتزلة - فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً ، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى : (( وأعتزلكم وما تدعون )) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من أعتزل الشر سقط في الخير ) .
• والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة ( الجذور الفكرية والعقائدية ) .
• قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء ، كان هناك جدل فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي:
- مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق ، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها : معبد الجهني ، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80م بعد فشل الحركة .
- وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .
- ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات ، قالها الجهم بن صفوان ، وقد قتله سالم بن أحوز في مرو عام 128م .
- وممن قال بنفي الصفات أيضاً : الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .
• ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال ( 80هـ - 131هـ ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري ، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ( أي ليس مؤمنا ولا كافراً ) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت ، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك ، والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى : الواصيلة .
• ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسية الخمسة - التي سنذكرها لاحقاً - وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .
• وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن ، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم .
- في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة ، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .
- لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .
• في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس – وكانت دولة شيعية – توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض المعتزلة ، يقول فيه الذهبي : " وكان شيعياً معتزلياً مبتدعاً " ويقول المقريزي : " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر " . وممن برز في هذا العهد : الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي : " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام ولاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".
• بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .
• عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر ، على يد بعض الكتاب والمفكرين ، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .
• ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي :
- أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف ( 135 -226 هـ ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء ، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلطه بكلام المعتزلة ، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان ، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته ، وقادر بقدرة وقدرته ذاته … " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .
- إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام ( توفي سنة 231هـ ) وكان في الأصل على دين البراهمة وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال : بأن المتولدات من أفعال الله تعالى ، وتسمى طائفة النظامية .
- بشر بن المعتمر ( توفي سنة 226 هـ ) وهو من علماء المعتزلة ، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال : إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفة البشرية .
- معمر بن عباد السلمي ( توفي سنة 220 هـ ) وهو من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر خيره وشره من الله وتسمى طائفته : المعمرية .
- عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار ( توفي سنة 226هـ ) وكان يقال له : راهب المعتزلة ، وقد عرف عنه التوسع في التكفير حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة ، وتسمى طائفته المردارية .
- ثمامة بن أشرس النميري ( توفي سنة 213هـ ) ، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس ، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال ، وتسمى طائفته الثمامية .
- عمرو بن بحر : أبو عثمان الجاحظ ( توفي سنة 256هـ ) وهو من كبار كتاب المعتزلة ، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة ، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل ، البيان والتبيين ، وتسمى فرقته الجاحظية.
- أبو الحسين بن أبي عمر الخياط ( توفي سنة 300هـ ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم ، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم ، وهو تصريح بقدم العالم ، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .
- القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني ( توفي سنة 414هـ ) فهو من متأخري المعتزلة ، قاضي قضاة الري وأعمالها ، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره ، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية .
المبادئ ولأفكار :
• جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعين :
- الأولى : القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل ، فهو يخلق أفعاله بنفسه ، ولذلك كان التكليف ، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي ، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك ، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .
- الثانية : القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين ، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد في النار ، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً .
• ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول :
1-التوحيد .
2-العدل .
3-الوعد والوعيد .
4-المنزلة بين المنزلتين .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
1- التوحيد : وخلاصته برأيهم ، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل ( ليس كمثله شيء ) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس . وهذا حق ولكنهم بنوا عليه أحد نتائج باطلة منها : استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات ، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات ، وإلا تعدد القدماء في نظرهم ، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام .
2- العدل : ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد ، ولا يحب الفساد ، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره ، وأنه ولي كل حسنة أمر بها ، بريء من كل سيئة نهى عنها ، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية وإرادته الشرعية .
3- الوعد والوعيد : ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً ، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب .
4- المنزلة بين المنزلتين : وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاد للغاوين كل بما يستطيع : فذو البيان ببيانه ، والعالم بعلمه ، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .
• ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل كلياً في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد ، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني : " المعارف كلها معقولة بالفعل ، واجبة بنظر العقل ، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل ، والحسن والقبيح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .
- ولاعتمادهم على العقل أيضاً أولوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية ، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .
- ولاعتمادهم على العقل أيضاً ، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب ، فقد زعم واصل بن عطاء : أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة ، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير ، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا : لا تقبل شهادتهم .
- وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط كما نوهنا -
- وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة ، ورفضهم الاتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك :
" كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين " ، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة ، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم ، فأبو الهذيل العلاف له فرقة ، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة ، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة ، والجبائي له فرقة ، فخالفه ابنه أبو هشام عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .
- وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية ، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامة وبالمنطق الصوري الأوسطي خاصة .
• وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم ، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .
- ومن الردود قوية الحجة ، بارعة الأسلوب ، رد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عليهم في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها رداً مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .
• وقد ذكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل في تعاملهم مع نصوص الموحي ، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السموات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعى العقاد - رحمه الله - إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان : التفكر فريضة إسلامية ، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله : في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة ، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي : مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) . وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين :
وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها :
- أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .
- أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.
- أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهي ما يعرف بالأمور التوقيفية".
ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يعدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور . ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من .
1- الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .
2- العقل وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .
3- الوحي من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية ، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس ، وما أعده الله في الدار الآخرة ، وما أرسل من الرسل إلخ …
وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء .
الجذور الفكرية والعقائدية :
• هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.
وقيل : إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية - وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ - قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .
• إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي ، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .
- ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي ، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .
- تأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذات والصفات ، فمن ذلك قول أنباد بن قليس الفيلسوف اليوناني : " إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة ، والقدرة والعدل والخير والحق ، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو ، وهو هذه كلها " انظر ا لملل والنحل ج 2 / ص58.
وكذلك قول أرسطو طاليس في بعض كتبه " إن الباري علم كله قدره كله، حياة كله، بصر كله " .
فاخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزله هذه الأفكار وقال : إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته قادر بقدره وقدرته ذاته ، حي بحياة وحياة ذاته .
- وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ بنى عليه قوله بالطفرة ، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان( أ ) ثم يصبح في مكان ( ج ) دون أن يمر في ( ب ) .
وهذا من عجائبه حتى قيل : إن من عجائب الدنيا : " طفرة النظام وكسب الأشعري " .
- وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي :
1- إن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة .
2- إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة .
3- القول بالتناسخ .
4- حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .
• يؤكد العلماء تأثير الفلسفة اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم - حتى إنه خلط و