حضارة الفاو كشاهد لتاريخ الجزيرة العربية !!
حضارة الفاو كشاهد لتاريخ الجزيرة العربية !!
الأخوة الأعزاء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسعد الله أوقاتكم بالمسرات جميعا .
هذا الموضوع سبق أن نشرته في عدة منتديات، وأحببت ان أنشره في هذا المنتدى الجميل، ليطلع عليه من لم يسمع به الحضارة التي تجاوز عمرها ال 2400 عام ..
( الموضوع المصور مقسم لعدة أقسام ، وما سيتبع من تفاصيل جانبية قد لا يهم البعض و قد يعجب البعض الآخر ، فمن لا يفضل قراءة بعض التفاصيل فلينتقل للجزء الثاني مباشرة مشكورا )
كنت قد سمعت كثيراً بحضارة الفاو التاريخية منذ دراستي الجامعية أي قبل ما يقارب العشرين عاما أو تزيد قليلاً ، وكنت متشوقا لأراها بنفسي بدلاً من القراءات ومشاهدات ما وُجد فيها بعد التنقيب عنها وازالة الركام الذي كان يغطيها ، سواء كانت هذه المقتنيات في متحف قسم الآثار بجامعة الملك سعود ، أو ما يعرض الآن في المتحف الوطني بالرياض ..
كنت كل فرصة تسنح لي أخطط لأن أزورها لكن لم يرد الله إلا في يوم الجمعة الموافق 17/11/1427هـ ، وبعد أن استمتعنا برحلة جميلة ناحية موقع مهرجان أم رقيبة، عزمت لأن أقوم بالمسير إليها تحينا لفرصة مناسبة الطقس في جنوب المملكة مقارنة بشمالها، وعدم اكتمال ظهور الربيع في المناطق التي هطلت عليها الأمطارالغزيرة ..
اتفقت والصديق المستشار الشعبي والراوية أبو عبدالله على أن يكون جاهزا بعد صلاة مغرب يوم الخميس مباشرة حيث أكون قد أنهيت فترة عملي عصر ذلك اليوم ، دائما أوصيه : لا تنس كوت هتلر يمكن يجينا برد على غفلة ، توكلنا على الله الساعة السادسة من مدينة الرياض ، توقفنا لصلاة العشاء بعد الصحنة بقليل ، سوالف منا ومناك ، والطريق كان أكثر من رائع ، الطقس صاف جدا جدا وجميل للغابة ، ولم ينكد علينا منكد ولله الحمد سوى يوسف !! طبعا تبون تعرفون وش أنت يا يوسف ؟ هو فني التبريد الباكستاني اللي أخذ وحدة من ثلاجات أبو عبدالله بعد العصر ، وطق صدره ، إن شاء الله بابا الساعة تسعا ونص يكون فيه بيت ، المهم جت الساعة تسع ، ثم تسع ونص و يوسف ما اتصل ، وأبو عبدالله مشغول ، وش طاعونه ذا ؟؟ رد بالأخير قال : بابا يبغى تنظيف فريون ساعة عشرة ، جت ساعة عشرا ، ما فيه يتصل قصدي لم يتصل ( نكد علينا الفني نسيت لهجتي !! ) قال حدعش ونص فيه خلاص أنا فيه يجي .. جت حدعش مافيه يجي ، والسواق يتصل من جهة ، بابا هاززززا باكستاني مافيه يجيب ثلاجة ... مرة يكلم السواق : هااااه لا تعدا البيت ، ومرة يكلم الفني لا تتأخر !! لحمتنا ودجاجانا يبن يخربن وين نحطهن ؟؟ أشغلتنا هاللحمة و الدجاج .. صرنا ثم عمرو موسى هاليومين وهو يصلح بين اللبنانيين مرة يكلم هذاومرة يهاوش هذا !! ومرة يترجى هذا .. و بدون نتيجة إيجابية ..
بالأخير قفل العامل الباكستاني جواله و محله ، وافتكينا و لله الحمد ..
عاد قبلها كنت مشتهي خبز اليمنيين الحار اللي أربع حبات بريال لي كم سنة ، ترى ما تلقونه إلا في القرى اللي على الخطوط أو في القرى ، وإذا وقفت عند الخباز تحصل شايب من الأولين الله يطول بأعمارهم جاي على الددسن يبي يشري لعياله خبز والعلاقية بيده ، وقلت لازم أحصل هالخبز اللذيذ لو أدخل للحوطة مبطين عنه ، ولا يزود طعم الخبز روعة إلا لما تشوف العجين لازق بشعر ايدين الخباز !! وإذا فضى من الشغل قعد يفرك العجين اللي نسي يغسله !! ومن حسن الحظ ألقى واحد على الطريق مباشرة ( جنب خياط دلال إذا كنتوا تعرفونه ؟ اللي جنب راعي التبريد ) نزلت للخباز ووصيت أبو عبدالله الوصاة المغلظة المعتادة ، تكفى لا تخلي السيارة مهوب تلحقني وتخليها يا أبوعبدالله فيها كاميرات ودرابيل وبوصلات غالية وأغراض توخذ بغمضة عين ، توكل علىالله يا ابو سمر ،، لو يناديني مديري بالعمل ما حولت من السيارة ، متسمر على المرتبة !! أخذت أربع حبات من الخباز المصري الطيب ، لكن مشكلته لابس فنيلة كم طويل والعجين لازق باطرأف الفنيلة الكحلية ، يماشي الموضة ، وسألته : الطريق من زمان عنه ، هو زين أو زي أول ؟ أنا خابر ناقة ترعى على الخط قبل يمكن عشرين سنة ، يوم أجي أسبح بعين الأفلاج هاكالسنة .. يمكن هاالحين اشترت إستراحة على الخط وبدت تفرخ وتزت عيالها للمسافرين الله يستر ،، قال : والله ما أعرفش : أنا حدي بعد الحوطه بشويتين بس .. لكن القماعة بتوعنا اللي بيجيبوا الخضار من الأفلاج بيؤؤولوا الطريق كويس أوي أوي .. متشكرين أوي أوي يا حق ..
حطيت خبزتين بحجر أبو عبدالله وثنتين بحجري ، بس خبز ؟؟ ما عنده فووول أو عدس ؟؟ قلت لا قل ما عنده مطازيز ولا جريش .. حنا قاعدين بسيارة ترانا مهوب في الملحق !! وما تسمع المرور وش يقولون ؟ ركز مع الطريق مهوب ركزمع الفوول ، خير إن شاء يا أبو سمر ما قصرت هد أعصابك ،، أجل عسى كيسان الشاهي اللي أنت جايب كبار ؟ ودي أغط يالشاهي ، قلت أجل خل نوقف علشان أغمس مثلك ولا نحوس السيارة .. قال : لا يا رجال الطريق طويل أنا أبا أكفيك تغميس وأنت خلك مع الدركسون ، قلت : عطني كأسي بيدي ولو دريت إن الدعوى فيها تغميس كان جبت صدارة حقت البزران ، بها الليل ما أحد شايفنا وإذا أقبلنا على نقطة التفتيش أفكها ، المهم خلص كل واحد نصيبه من الخبز المقمر والتفت علي الرجال يقول : هن قضن ؟ قلت والله الظاهر ، دور يمكن خبزتن زلقت عند الرجلين ؟ قال : عسى مهوب أنت ،والله ماسك أبوهن من زينهن ، قلت أجل الأفلاج قدامنا نبي نلقى الخباز حقهم ما قفل نأخذ منه بريالين ..
انتهينا من حقبة القهوة التي بدأت عند سكن البحرية إلى مكان وقوفنا لصلاة العشاء ، وانتهينا من حقبة الخبز الحار ، عاااد بدينا بحب القرع المصري اللي أخذته قبلها بكم يوم من المحل اللي جنب سوق المجد ، المشكلة إن الحب هذا ما يخلي الواحد يكمل سالفته ، إذا جاء يبي يتكلم حط حبتين أو ثلاث ثم قعد يأكلهن ، وإن نطق كلمتين حط كم حبة وعلى هالطريقة ، ودكم الواحد إذا بغى يسولف نربط يديه الثنتين .. حتى يكمل سالفته.. وبعدين ننثر الحب قدامه ..
كان الطريق بعكس ما كنت قد تصورته حيث كانت آخر رحلة للأفلاج بحدود عام 1405 هـ أو قبلها ..يومها كنا رايحين للعين نسبح ومدخل ليلى كله مطبات صناعية والجيب إذا لمست الفرامل زحلق وصرخت الكفرات ، وآخر رحلة قريبة كانت تنتهي في ملف الحلوة عندما زرت محمية الوعول آخر شتاء العام الفائت ، وكانت القرى والبلدات متقاربة جدا ولا يكاد المسافر يفقدها ..
تشاورنا على مكان المبيت ، وين نبي ننام ؟ يقول لي ، قلت على شبك الفاو مباشرة ، إن كان فيه جن ، فأكيد حقين جامعة الملك سعود قضو عليهم هاك السنة ، علشان من يوم يقول الله أكبر وحنا طابين نتفرج ونستغل الوقت . قال : لا المنطقة أعرفها كلها قطاع طرق ، والدعوى فيها عمر ، قلت : يا رجال وش يبون فينا ؟؟ أنا كل اللي معي ميتين ريال يأخذونهن ، والكاميرات والبوصلة وباقي الأغراض ما يبونهن ، البر ما فيه حراج بن قاسم علشان يبيعونهن !! قال ولو .. لو إنها على ميتين بسيطة ، لكن خف الله وراي كومة عيال وحريم ، شف وش سويت لما تأخرت الثلاجة ؟؟ لكن دور لنا محطة بنزين أو قرية نصير حولهم ، العمر مهوب بأأزأأة ( تحول للهجة المصرية ) ، قلت من طرف القرية نبي نلقى لو بالمريخ ، أما المحطات فهي على اسمها محطات ! للتموين بكل شىء ويلفي لها بآخر الليل بشر ما أدري وش صفتهم ، خاصة اللي يحبون السهر ثلاثة أيام ما ينامون ، وبعدين كلها كلابة أعزكم الله ،، أذكر نمنا مرة من المرات في مكان مهوب بعيد عن محطة من المحطات ويوم قمت الصبح أدور نعالي الزبيرية ( أعزكم الله ) ولا ألقاها .. وينها ؟ خابر إني حاطها جنبي يوم أنام ، أكيد جني جاء وأخذها ، ويوم بغينا نمشي ألقى وحدة على بعد خمسين متر تقريبا والثانية ما لقيتها ، أثر كلب بن كلب سارقها ، يشم ريحة الجلد وتذكر رائحة اللحم ، قلت الحمد لله ما أخذ خشمي معه ، لأن هاكالوقت ما نعرف السليب باق اللي تدخل فيه وتنسى الدنيا حتى الصباح ....
بعد ما فرقنا ناحية طريق نجران بقرب بلدة الفايزية مشينا مسافة ثلاثة كيلو مترات أو تزيد وابتعدنا عن الطريق قليلا ، لكي لا تزعجنا التريلات المارة بالطريق ، وصاني أبو عبدالله بأن لا أبتعد عن الطريق ، فعرضت عليه أن يبات في إحدى عبارات الماء و أنا سأبتعد عن الطريق تحاشيا لأصوات السيارات المزعجة ليلا ، وتنكيدها علينا و أمره الصباح ، لم يقتنع واستسلم بسرعة ، بحمد الله لقينا أرض مستوية ونظيفة وتصلح يسوي فيها الواحد خمسات، وعلى قولة بدو جنوب منطقة نجد ( وش زين ذا الخد ) اللي يشبه خدود إحدى الممثلات المليان مكياج ، وصاير وجهها تسنه بيضة نعامة .. نزلنا القش وكل واحد دخل في جحره أقصد في كيسه ، بس بدأت المعاناة ؟؟ إذا قفلت السحاب احتريت وانكتمت أنفاسي ، وصرت كأني غايص في بركة .. وإذا فتحت السحاب بردت وثلج وجهي وخاصة الخشم لأنه الأبرز ولا تقدر تكتمه بالفوطة ، و قعدت ساعتين وأنا تسني ولد كنغاروا اللي بجراب بطن أمه ، مرة مطلع رأسي ومرة مخفيه ، شغلة لا بعدها شغلة ، وحوالي الساعة ثنتين هب هواء بارد اللي خفض درجة الحرارة على المنطقة الوسطى ليلة الجمعة إن كنتم ما زلتم تذكرونه ،، دخت ولم أنتبه إلا بحدود الخامسة والنصف ،، صلينا وتوجهنا قبيل شروق الشمس للفاو التي يفصلنا عنها حوالي الستين كيلو مترا .. وبمحاذاة جبال طويق التي نمشي واياها بخط متواز ، ناحية الجنوب تقريبا ..