متطلبات إضافية :
1- متطلبات الإدراج Listing Requirements:
تعتبر شروط متطلبات الإدراج Listing of companiesمن أهم العوامل المؤثرة على حجم العرض المتوفر من الأوراق المالية. كما تمثل هذه الشروط أحد المرتكزات الأساسية الهامة جدا لقانون السوق المالي ولوائحه الداخلية.
ومن خلال استعراض شروط ومتطلبات الإدارج المنصوص عليها في قانون سوق البحرين للأوراق المالية و قوانين بعض الأسواق المالية في دول الخليج، يتضح أن معظم هذه الأسواق تشترك في الكثير من الشروط المنظمة لإدراج الشركات، مع وجود بعض الاختلافات الطفيفة فيما بينها. و من الناحية القانونية فلابد من استيفاء متطلبات الإدراج قبل أن تبدأ الشركة في عرض أوراقها في السوق وذلك حماية للمستثمرين.
2- الوعي الاستثماري :
إن توفر درجة عالية من الوعي لدى الشركات والإفراد بالفرص والمزايا الادخارية والاستثمارية التي يوفرها سوق الأوراق المالية يشكل عاملا مهما في تعزيز دور السوق ودفعه نحو الاتجاه الصحيح للقيام بالدور المنشود منه كقناة لتجميع المدخرات وتوجيهها نحو الأنشطة والقطاعات المنتجة. ويتطلب خلق الوعي الاستثماري بذل الجهود بصورة مستمرة ولفترة طويلة على عكس السياسات والإجراءات الأخرى التي يمكن اتخاذها لدفع قوى العرض والطلب في المدى القصير. فخلق الوعي يتطلب توفر شركات الخدمات المالية ووسائل إعلام متخصصة وإصدار النشرات والدوريات الخاصة بالسوق وغيرها من الوسائل لتنمية دور وآلية السوق وتشير تجارب العديد من الأسواق الناشئة إلى نجاح الحملات الترويجية التي قامت بها للتعريف بدور وأهمية أسواقها المالية مما كان له أثر إيجابي في تعزيز نشاطات هذه الأسواق.
3- الوسطاء (السماسرة) Brokers:
يضطلع الوسطاء بدور حيوي في نشاط سوق الأوراق المالية وتنميته، ولا يمكن تعزيز نشاط السوق وتطويره بدون وجود وساطة مالية كفوءة وقادرة على المنافسة والابتكار. ولذلك فإن وجود مؤسسات وساطة متنوعة في إطار تنافسي يساعد على تحسين مستوى الخدمات المالية وتخفيض تكاليف الوساطة مما ينعكس بصورة إيجابية على نشاط السوق. وتبرز الحاجة لذلك إلى تهيئة الأطر التشريعية والقانونية لتأسيس هذه الشركات وتحفيزها ويعتبر إنشاء جمعية للوسطاء من الأمور الإيجابية لتطوير الوساطة المالية، إذ يساعد على وضع قواعد للسلوك المهني وتنظيم العلاقات وتبادل الخبرات فيما بينهم. ووجود شركات وساطة مؤهلة و مقتدرة يوفر الحماية المطلوبة للمستثمرين و هذا من القواعد الأساسية التي يجب أن تتوفر في كل القوانين و التشريعات المنظمة لأسواق المال.
4- الاستثمار المؤسسيInstitutional Investment :
يعتبر وجود المستثمرين المؤسسين قي السوق كشركات الاستثمار المشترك والتأمين وصناديق الاستثمار وغيرها من مؤسسات وشركات تجميع المدخرات واستثمارها من العوامل الرئيسية في دفع عوامل العرض والطلب وارتقاء السوق. فمن ناحية تشكل هذه المؤسسات قناة لتجميع مدخرات المستثمرين الصغار الذين لا تتوفر لديهم الإمكانية والمقدرة على متابعة وتحليل تطورات السوق. ومن ناحية أخرى تساعد الأحجام الكبيرة لاستثمارات هذه المؤسسات في استقرار السوق نظراً لأن توجهات أغلب هذه الاستثمارات طويلة الآجل long-term investmentذات طبيعة غير مضاربة كذلك يمكن أن تساهم هذه المؤسسات في تعزيز العرض من الأدوات المالية إذا ارتأت إدراج أوراقها في السوق، كما هو الحال في مملكة البحرين و بعض الأسواق المالية الخليجية حيث يتم تداول وحدات صناديق الاستثمار Investment & mutual funds.
وتكمن محاور العمل في هذا الصدد في تعديل أحكام قانون الشركات بالشكل الذي يسمح بتأسيس وإنشاء هذه المؤسسات ووضع القواعد والضوابط لعمل هذه المؤسسات بما يكفل الحماية للمستثمرين مع تقديم التسهيلات الضرورية للقيام بنشاطها والسماح لصناديق التقاعد و صناديق المعاشات وغيرها من المؤسسات التأمينية التي تقوم باستثمار نسبة من مدخراتها في السوق المالي، وأخيراً تشجيع البنوك على تأسيس الشركات والصناديق التابعة وتقديم خدمات بنوك الاستثمار.
5- البنوك:
تختلف البلدان فيما يتعلق بالدور الذي تقوم به البنوك في أسواق الأوراق المالية. وبصورة عامة، فإنه ونظراً لانعدام أو قله المؤسسات المالية والاستثمارية المتخصصة التي يمكن لها القيام بدور الوساطة المالية في الدول النامية، تبرز أهمية الدور الذي يمكن للبنوك المحلية الاضطلاع به في هذا المجال وخاصة في المراحل الأولى من مراحل نمو أسواق الأوراق المالية في هذه الدول. ومن العوامل التي تمكن البنوك من القيام بهذا الدور الثقة التي اكتسبتها من التعامل مع عملائها، وتملكها لفروع كثيرة موزعة يسهل التعامل والاتصال معها وتوفر الخبرات والكوادر الفنية المؤهلة لديها نسبياً وخضوعها لرقابة السلطات النقدية وفق أحكام وأطر تشريعية وقانونية ضابطة مما يعزز الثقة والحماية للمستثمر، إضافة إلى استحواذ هذه البنوك على الجزء الأكبر من المدخرات المحلية مما يعزز قدرتها من القيام بدور الوساطة.
وتعدد الأدوار التي يمكن للبنوك ممارستها لتساهم في تطوير وتنشيط أسواق الأوراق المالية و يتضمن دور البنوك المساهمة في زيادة حجم وأنواع الأوراق المالية المتداولة وذلك من خلال طرح وترويج أدوات مالية واستثمارية جديدة للتداول و تشمل الأوراق المالية التي تصدرها البنوك نفسها لتمويل عملياتها الائتمانية وتنويع مواردها، بالإضافة إلى الأوراق المالية التي تقوم البنوك بإدارة إصدارها لصالح عملائها.
وكذلك دور البنوك في توفير خدمات الاستثمار المختلفة في الأوراق المالية لعملائها من جهة وتوعية وتثقيف جمهور المستثمرين حول جدوى استثمار مدخراتهم في الأوراق المالية من جهة أخرى.
وتشمل أبرز المتطلبات التي يمكن للبنوك القيام بها على صعيد تعزيز ودفع وتطوير السوق المالي بشكل عام ما يلي:
- ضمان تغطية الاكتتاب وتسويق الإصدارات الجديدة (Underwriting) وهي خدمة تقدمها البنوك للشركات المصدرة للأوراق المالية، تلتزم بموجبها بتسديد ثمن الأوراق المالية المصدرة وتسوقها على حساب ومخاطرة البنوك. كما يندرج في هذا الإطار تسويق أسهم الشركات المخصصة.
- تقديم الخدمات الاستشارية ( – New Issues Advise) وتتضمن تقديم الاستشارات للشركات المصدرة للأوراق المالية في اختيار الأدوات المناسبة لاحتياجاتهم التمويلية ومقارنتها بالبدائل الأخرى من حيث التكاليف والمخاطر وفترة السداد وغير ذلك، والتحقق من قدرة السوق على استيعاب هذه الأوراق.
- تأسيس شركات رأس المال المخاطر (Venture Capital Companies)
حيث تقوم البنوك بتوفير جزء من رأس المال اللازم لإقامة مشروع معين وتساعد على توفير التمويل لهذه الشركات في السوق، طرح أسهم هذه الشركات وفق الظروف القائمة في السوق المالي واستعادة مساهمتها مع الأرباح مما يساهم في زيادة عرض الأوراق المالية.
- توريق أو تسنيد القروض (Securitization)، حيث تساهم البنوك في زيادة المعروض من الأوراق المالية إضافة إلى تعزيز مواردها المالية عن طريق تحويل القروض المصرفية القائمة إلى أوراق مالية قابلة للتداول.
- القيام بدور أمناء الاستثمار ( Trustee & Trust)، حيث تقوم البنوك مستفيدة من خبراتها ومواكبتها لتطويرات السوق المالي ووفق الاحتياجات الاستثمارية لبعض عملاءها بشراء وبيع الأوراق المالية لحساب هؤلاء العملاء ضمن محفظة استثمارية منفصلة عن المحافظ الاستثمارية التي تمتلكها هذه البنوك.
- توفير خدمات إدارة المحافظ وإنشاء صناديق الاستثمار حيث تستطيع البنوك، عن طريق توفير خدمات إدارة المحافظ وإنشاء صناديق الاستثمار المشترك (Mutual Investment Fund) لتوفير قنوات إضافية لاستثمار مدخرات المؤسسات والأفراد في أسواق الأوراق المالية معتمدة على خبرات الكوادر المتخصصة لديها ذات الاطلاع على خصوصيات الأسواق.
6- الخصخصة Privatization
تشكل عمليات الخصخصة أحد أهم المتطلبات التي يمكن من خلالها تعزيز العرض والتداول في الأوراق المالية في البلدان النامية, وذلك للحجم النسبي الكبير لشركات ومؤسسات القطاع العام في الاقتصاد المحلي في أغلب هذه الدول, ويمثل سوق الأوراق المالية إحدى آليات تنفيذ عمليات البيع لهذه الشركات والمؤسسات ( البيع عبر الاكتتاب العام ) إضافة للبيع المباشر لمستثمرين إستراتيجيين أو لشركات وصناديق استثمار أو عن طريق البيع بالمزاد العلني. وعلى الرغم من تباين درجات المنافع بين الآليات المختلفة, إلا أن معظم الحكومات عمدت إلى طرح جزء معين من أسهم هذه الشركات على الاكتتاب العام لتعزيز المعروض من الأوراق المالية وتوسيع نطاق الملكية. وتشير تجارب الدول الخليجية بهذا الشأن إلى التأثير الإيجابي الملحوظ لنشاط الخصخصة على نشاط تداول الأوراق المالية. ومن الأهمية ذكره, أن نجاح هذه العلميات يرتكز بشكل رئيسي على العناية التي تتم بها دراسة عدد من الأمور التي تصاحب طرح الأسهم المخصخصة في السوق وأهمها تسعير الأسهم وتوقيت طرحها والتحقق من قدرة السوق على الاستيعاب.
7- الشفافية Transparency
يعتبر توفر الشفافية في السوق من المتطلبات والعوامل المؤثرة في تشجيع التعامل والتداول بالأوراق المالية. ويرتبط الأمر بتوفير إجراءات محاسبية موجودة ترقى إلى المعايير الدولية ووضعها حيز التنفيذ، وضمان دقة الإفصاح عن المعلومات لذلك تبرز أهمية العمل على تطوير وتقوية مهنة المحاسبة والتدقيق وإكسابها دوراً استقلالياً ووضع الأنظمة والتعليمات والأحكام المتعلقة بها. كما يرتبط الأمر بتوسيع نطاق وشروط الإفصاح الملائمة للشركات وإصدار الدوريات والنشرات المختلفة واستخدام وسائل الاتصال الحديثة في نشر المعلومات.
8- الرقابة على السوق:
يستحوذ هذا الجانب على أهمية خاصة في المراحل الأولى للبدء في نشاط التداول و تختلف الرقابة المعتمدة من سوق لأخر تبعاً لدرجة تطور السوق المالي في البلد ومدى توفر الخدمات والخبرات والقدرات المالية والفنية، ومن الأمور الهامة في هذا المجال تدفق المعلومات بانتظام وسلامة المعاملات والتقليل من أنشطة المضاربة.
الخلاصة:
تهتم مملكة البحرين و بقية دول الخليج بتطوير أسواق المال في هذه الدول لقناعتهم بأهميتها في تطوير الاقتصاد و توسيع مواعين الاستثمار في هذه الدول، و كل هذا قطعا يعود بالخير الوفير علي هذه الدول وشعوبها. إن هذه الطفرة الاقتصادية و الاستثمارية في أسواق المال ما كانت لتحدث لولا وجود التشريعات و القوانين المنظمة لأعمال هذه الأسواق و أيضا التطبيق الملائم و الصحيح لهذه التشريعات من قبل كل الجهات المختصة، و لا بد أن نشير إلي انه تمت الاستفادة من كل التجارب العالمية عند وضع هذه التشريعات والقوانين و تمت موائمة هذه التشريعات العالمية و تطبيقها بما يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية المحلية.
لقد كانت مملكة البحرين رائدة في مجال التشريعات المنظمة لكل القطاعات الاقتصادية و المالية و خاصة قطاع أسواق المال لأهميته لدفع الاستثمار و توسيع المشاركة في تحقيق النهضة التنموية، و طبعا من الملاحظ أن بقية دول الخليج سارت في نفس هذا الاتجاه الحميد و كل هذه سيعود بالفائدة لتحقيق الطموحات التي تتطلع إليها هذه الدول و شعوبها.
د. عبد القادر ورسمه غالب
المستشار القانوني و مدير دائرة الشئون القانونية