منتدى ثقف نفسك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثقافة عامة، تاريخ إسلامي ، موسوعة الأساطير ، حكايات شعبية ، حقائق حول الماسونية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حكايات وأساطير عالمية ج 7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
recflow
موسوعة ثقافية
موسوعة ثقافية



عدد المساهمات : 1746
تاريخ التسجيل : 06/06/2012

حكايات وأساطير عالمية ج 7 Empty
مُساهمةموضوع: حكايات وأساطير عالمية ج 7   حكايات وأساطير عالمية ج 7 Emptyالسبت سبتمبر 01, 2012 1:14 pm

الكتاب الرابع
تتمة

أوروبا
لعنة الخبز



قبل مئات السنين كانت "ستافورن/Stavoren" أغنى المدن التجارية في هولندا .كان ميناؤها غابة دائمة بالصواري والمراكب المحملة بشباك الصيادين ، ومن هناك كانت تنطلق السفن التي تجوب كل البحار ، وتعود محملة بالمنتجات الأكثر جمالاً والأغلى من كل البلدان .
كانت خيرات "ستافورن" تنمو ، وكذلك تزداد القصور من المرمر المزين بالذهب.
إلى جانب ذلك كان في المدينة ناس فقراء ، بينما عدد الأغنياء المتكبرين كان كبيراً كانوا يبعثرون ثرواتهم في حفلات فاخرة يأكل فيها الغرور والشهوات .
من بين أولئك التجار الأغنياء في ستافورن لم يكن أحدهم اكثر ثراءً وسطوة من الشابة "ريشبيرتا/Richberta " كانت قطع أسطولها التجاري كبيرة العدد ، تمخر بحار العالم ، وتعود محملة بالماس والمجوهرات والذهب من أراض بعيدة .
كانت ثروة "ريتشبيرتا" لا تحصى ، فقصرها كان الأكثر جمالاً في ستافورين ، وملابسها كانت مشكشكة بالأحجار الكريمة الرائعة ، وفي الحفلات كانت تستعرضها كلها ببريقها الكبير الذي كان يثير دهشة المدعوين ، وفي الاحتفالات الكبرى لم تغب ألذ المأكولات وأغلاها واندرها . وهكذا كانت تنمو كنوز ريتشبيرتا كما نما غرورها وازدراؤها للناس الفقراء المساكين .
في أحد الأيام وفي حفلة عشاء حضرها عدد كبير من المدعوين ، حضر رجل مسن قال إنه جاء من بلاد بعيدة ، و يريد أن يقدم إعجابه بثروات ريتشابرتا التي سمع عنها في محافل الملوك الأكثر جبروتاً .

وهي تكاد تطير من ذلك المديح رجت ريتشيل من الرجل الأجنبي أن يجلس إلى طاولتها .
كان الرجل الغريب يلبس على الطريقة الشرقية، ويظهر إحساسا بالكرامة والنبل عبر حركاته وإيماءاته ، وفي عينيه كان يخفي نظرات ثابتة فيها طاقة الشباب .
وعند اقترابه من ريتشبيرتا كان ينتظر أن يرى في يدها الخبز والملح الذي يقدم في بلده الى الزائر الضيف في إشارة للترحيب والضيافة ، لكن على تلك الطاولة المليئة بألذ الطعام و أكثره ندرة لم يكن هناك خبز .!! كلّ شيء كان متوفراً حتى الورود والزجاج ماعدا غذاء الفقراء والمساكين.
جلس الضيف إلى الطاولة ، وفي نهاية العشاء حكى عن حياته الجوالة بين كل بلدان العالم ، تحدث عن أراضٍ بعيدة ورائعة ، وعن عادات شعوب الشرق ، وعن مغامراته الشخصية في الرحلات الطويلة تحدث عن أفراحه وأحزانه بين الناس الفقيرة والناس الثرية ، وعن الأراضي الخصبة الطيبة ، وعن استحالة السعادة البشرية .
كل الذين كانوا يأكلون على المائدة كانوا مهتمين بالروايات التذكارية للضيف الغريب . كلهم ما عدا ريتشبيرتا فلقد كانت تنتظر سماع المدائح فقط عن ثرواتها . فعندما تحدث المسافر عن المحافل الفاخرة للملوك ، قارن قصورهم و كنوزهم بما تملك ريتشبيرتا ، لكنها تفاجات عندما قال :إنه لا يجد على الطاولة الضخمة للدعوة ذلك الشيء الذي يقدره كل العالم كأفضل واكثر ضرورة من كل الخيرات . ولم يقل الأجنبي أكثر من ذلك ، وعبثا كان سؤالها وإلحاحها في أن يفسر معاني كلامه ، لكنه سرعان ما حيّاها باحترام ومضى دون أن يعرف أحد عنه أي شيء .

المتعجرفة ريتشبيرتا لم تقو على مقاومة معاناة الحيرة تلك، فلقد كانت تملك كل الأشياء التي تمنتها ، و قصرها كان مليئاً بكل الأغراض الثمينة ومن كل الثروات وأطياب أكل الأرض والبحار ، فما هو الشيء الذي كان ينقص؟ والذي يعتبر أفضل كل الخيرات؟
حاول حكماء كثيرون و منجمون اكتشاف اللغز ، وكانت ريتشبيرتا تفقد الصبر ، وهي مصرّة على أن تعثر على ذلك الخير الكبير ، ولذلك أمرت أن ينطلق أسطولها في البحر .. وأن لا يعود إلاّ وقد استطلع كل البحار وكل اليابسة..
نفخت الريح أشرعة مائة مركب لرحلات طويلة ، وتشققت قبعات البحارين ، وامتزجت مياه البحر الأجاج بالمؤونة المخزونة، فأتلف الملح كميات الخبز وأكياس الطحين .
لقد نفدت كمية النبيذ الفاخرة والأسماك واللحوم المقددة بالملح ، وصار نقص الخبز معاناة لا تطاق فطلب ربان البحارة أن يعود إلى الميناء الأكثر قرباً من أجل الحصول على الطحين ، وعندها عرف قبطان الأسطول ما هو الشيء الأفضل بين كل الخيرات ..
لم يكن الذهب أو عطور الشرق ولا البهارات الطيبة الفاخرة و لا اللألىء في أعماق البحر . كان ذلك هو الخبز.. خبز كلّ يوم.. غذاء الفقراء والأغنياء.. لقد تم اكتشاف اللغز في كلام ذلك الغريب الذي قاله في الحفلة الكبيرة..
ومع هذه الأفكار اتجه الربان مباشرة نحو ميناء البلطيق ،فحمّل سفنه بحبوب القمح القوية والمذهبة وعاد سعيداً منتشيا إلى ستافورين .

: " سيدتي ريتشبيرتا !!هنا أحضر شحنة من الكنز الثمين!! انه الخبز !!انه ما كان ينقص على الطاولة!! اسمعي كيف وصلت لاكتشاف ما كان يفكر فيه ذلك المسافر الغريب .
تركت ريتشبيرتا القبطان يتكلم وصاحت بحالة من الغضب: " اسمع جيداً ما آمرك به!! حضّر رجالك !! وقبل أن يحلّ الليل يجب على شحنتك الغبية أن تلقى في البحر !! ".
وعبثاً كان احتجاجه ومحاولته للتوضيح ، وعبثا توسل ريتشبيرتا أن لا تدمر ثروة يمكنها أن تنهي بؤس ومجاعة فقراء المدينة ، لكن الشحنة الثمينة أُلقي بها إلى البحر على مرأى حشودٍ من الجائعين، كانت تلعن ريتشبيرتا وجبروتها وإساءاتها ..
الكمية الهائلة من الحبوب الذهبية اختلطت في البحر مع طمي القاع ، وبعد فترة لا بأس بها بدأت تنمو هياكل مستقيمة وصلبة وأخذت تنمو وتنمو بقوة ، ارتفعت من أعماق البحر بصخب مرعب أكوام من الرمال والطمي التي امتزجت بين غابة كثيفة من القصب ، فتشكل بذلك ارتفاعات كبيرة كالروابي ، لقد نما القمح حتى سطح الماء ، وشكّـل أمام ستافورن حاجزا لا يمكن تفتيته .
إلى الميناء الرائع في "زويدرز/Zuiderzee " عاد البحارة و داروا ولفوا أياما وليالي دون أن يقدروا عبور ذلك الجدار المائي ، ورويداً رويداً بدأت الأمواج تتحطم على سور الطحين ، و فقدت ستافورن بشكل سريع ثرواتها وقوتها . هاج البحر وهدر، يرغي زبده الأبيض أمام المياه الهادئة في الميناء القديم .

وبعد زمن لا بأس فيه جاءت ليلة عاصفة ، وحطمت بقوة الحاجز فوصلت المياه إلى المدينة تسحبها و تجرجرها حتى الأعماق على ألواح من القمح البحري ، وغمرت مياه زويدرزي الوادي العريض حيث كانت ستافيرو .
وفي أيام الهدوء يقترب البحارة بحذر من مقدمات سفنهم ، لينظروا إلى الأسفل ، إلى المياه الشفافة ويروا الأجراس العالية والأبراج والقصور في المدينة المغمورة بالماء .


اسكندنافيا


من القمم والذروات العالية المغطاة بالثلج تندفع السيول حتى الشواطئ النرويجية ، وتصب في خلجان عريضة و عميقة .
ومن أعلى الذروات الثلجية تأتي السيول والأنهار إلى مسطحات السهول السويدية وتستقر في البحيرات التي لا تحصى حول أشجار التنوب والصنوبر والبتول في الغابات العملاقة .
الرجل الاسكندنافي رجل قوي شجاع وجاد ، ويحب العمل . يروي عن أسلافه "الفايكونغ" البحارين العريقين في ركوب البحر ومكتشفي البحار و مكتشفي أراضٍ، وخالقي ميثيولوجيات أثـّرت في الحكايات والأساطير وفن شعوب أوروبا .



الملك الذي جاء من البحار



قبل زمن بعيد كانت الأساطيل الجبارة للفايكونغ تعبر بحار الشمال ، تتحدى مغامرات الحرب والغزو . في ذلك الزمن كانت الجزر البريطانية الصغيرة ملاجئ و حصوناً لأولئك الأفظاظ و محترفي القتال المغامرين ،الذين كانوا يصلون الخلجان ، و ينهبون الشعوب والمدن الساحلية .
في ذلك الوقت لم يكن للدانيمارك ملك ولا حكومة ، وفي الحرب المستمرة مع الفايكونغ اعتاد الأسياد على النهب والفظائع واستعبدوا الفلاحين وصيادي الأسماك في تلك البلاد .
في أحد الأيام لاحظ الناس على الشاطئ ظهور شيء يتقدم مثل الظلال و ملتف في سلسلة غيوم بحرية ، لقد كانت سفينة هائلة تأتي من بحار الشمال .
السفينة كانت تتقدم شيئا فشيئا منتفخة أشرعتها المربعة والفاتحة اللون ، وتكشف عن مزخرفات و منحوتات خشبية في مقدمة السفينة ، ثم بدأ يظهر رأس ضخم لتنين بلون احمر والشراع العريض مثل القبعة السحرية بثنياتها وطيّاتها .
الصيادون شاهدوها مذهولين وهي تبرز من بين الضباب مزركشة بالزينة والمرايا ، وتتقدم تلك السفينة الشبح بصمت حتى ارتطمت بالرمل .
ابتعدوا جميعهم ، وأخذوا ينظرون من بعيد، فلم يشاهدوا أحداً على السفينة اللغز ولم يسمعوا صرخة أو صوتاً .

ومن الأراضي القريبة من الساحل جاء الرجال ، وقد تركوا حراثتهم و قطعان ماشيتهم و الشباك والقوارب الصغيرة البحرية لقد تركوا كل شيء وجاءوا ليروا سفينة جبارة ، فأبداً لم يخرج من البحر شيء مثيل من بين الضباب وكل هذا الصمت!!
لم يجرؤ أحد على الاقتراب ، وفي الليل اجتمعوا كلهم ، وتحدثوا برعب وخوف. هل كان عليهم الهرب ؟هل كانت تلك السفينة محملة بالأعداء المسلحين جيداً ؟ هل هي سفينة للفايكونغ الذين لن يتأخروا بالخروج وسرقة وحرق القرى الفقيرة؟؟
اخذوا يرقبون وهم يخشون الخطر ، فلم ينم أحد في تلك الليلة ، وفي اليوم التالي عند الفجر ظهر محاربون كثيرون في السهل ، جاءوا ملتفين بغيوم من الغبار الذي تحدثه خيولهم مع وقع حوافرها القوية .
جاءوا تلمع قبعاتهم ودروعهم وأسلحتهم ليقاتلوا ضد السفينة الغريبة للفايكونغ. كان الأسياد يرسلون الجيوش المؤلفة من رجال لهم عضلات مفتولة وعاريين ، و لونهم أحمر ، وشعرهم طويل، و بملامح وهيئات متوحشة ووجوه محزوزة و مليئة بآثار جراح عميقة .
توقف المحاربون قريبا من السفينة الغريبة مذعورين أمام الزركشة الرائعة للقبعة والتنين في مقدمة السفينة ، وقد ألبسوه شرائح من ذهب و بعينين واسعتين و ملونتين براقتين .
صار ينظر أحدهم إلى الآخر ويتساءلون:
" يا ترى من أي مكان قد جاءت هذه السفينة الرائعة الجبارة؟ هل وصلت من أراضي الـ"ساجوناس" من السويد؟ أم من مناطق الغرب الهجينة؟من هم؟ وماذا يبتغي ركابها ؟ ولماذا يختبئون؟ هل وجدوا أنفسهم مجبرين من قبل الرياح إلى الوصول إلى هنا ؟ وهم خائفون الآن من أن يجدوا خصوماً أقوياء و أشداء‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! ".
بعض المتهورين اقتربوا من السفينة ، وهم في حالة احتراس، وصاحوا : كان من كان هناك !! أطلـّوا بوجوهكم !! هيا للقتال للقاء رجال الدانمارك !! انزلوا !! فالرمل ميدان جيد و يمتص الدم من الجراح !! تعالوا فملامح الفايكونغ لا تخيفنا!!
ومن المركب لم يجب أحد ، فهاج المحاربون الدانمركيون وبدأ بعضهم يطلق السهام ، وامتشق آخرون الفؤوس ، ووثبوا إلى السفينة ، وهم يطلقون صيحات الحرب.
لكن في السفينة لم يكن هناك أعداء ، إنما إلى جانب الصارية وفوق سجادة وثيرة وسميكة من الحرير كان وحيدا و مضطجعا على حزمة حطب مذهب ، ينام طفل صغير وعاري تقريبا وحول ذلك أكوام تبرق مثل غنائم مغامرة فاتنة : أسلحة من ذهب! أسلحة مصقولة!خناجر بقبضات من المرمر! وأحجار صوان مزركشة !وأسنان ذئاب! دروع ضخمة! و منحوتات من البرونز بمزخرفات مذهبة !قطع من الأحجار الكريمة! قبعات تبرق وعليها أجنحة من ذهب! وغوايش من الأحجار الكريمة! و سهام! وقرون حيوان الوعل ملبسة بقشور عرق اللؤلؤ! والفولاذ المسنن مثل ورقة الصفصاف! أبواق وقرون من العاج مليئة بالمجوهرات !أكواب! كؤوس! وجرار منقوش عليها !و عقود من زمرد وطوباز! والحرير! والطلاء!
وأمام ذلك الكنز نحّى المحاربون أسلحتهم جانبا وبدأوا يتأملون الطفل المضطجع على حزمة حطب مذهب .

فاعتقدوا أن الآلهة أرسلت تلك السفينة كإشارة للخير والسلام .
وبالزنود القوية للمحاربين الأشداء رفعوا الطفل وحملوه كشارة نصر بين الحشود المتجمهرة والتي تصيح مبتهجة ، وأمام مجلس السادة تم إعلان من أرسلته الآلهة ملكاً للدينمارك ، الطفل الذي جاء من البحر محاطا بالدروع لهذا سيكون الدرع المستقبلي في الدفاع عن البلاد ،وتم إطلاق كلمة " Skiodسكويد " أي "درع" على الطفل كاسم له .
لقد توافقت قوة وشجاعة ونبل "سكويد " مع آمال الشعب ، فلما صار شاباً أصبح واحداً من أشجع الصيادين ، وفي أحد الأيام وبينما كان ذاهبا مع حشمه ضاع في الغابة، فهاجمه دب ضخم ،لكن "Skiod " لم يهرب ،إنما صارع الوحش جسما لجسم، وسيطر عليه ، بل هزمه ثم ربطه بقوة ، حتى وصل رفاقه وفي الخامسة عشرة من عمره تقدم الجيش وهزم الساجونيس ، وهناك في ميدان المعركة انهزم قائدهم ، وفيما بعد تزوج " سكويد" من ابنة ملك المهزومين، فكان طوال حياته مثالاً للنبل ، طيباً وعادلاً شديد البأس على الأعداء و رحيماً وكريماً على رعيته ، كانت أحكامه قويمة وصارمة سواء على القوي كما على الضعيف والمسكين ، لقد خصص حياته الطويلة لخدمة بلاده، وعندما شعر بأن حياته بدأت تنتهي، استدعى نبلاء مجلسه وقال لهم :
" انظروا يا أبنائي ..عندما تُغْلقُ عيناي والى الأبد.. خذوا جسمي إلى شاطئ البحر... فهناك في لسان الخليج لا يزال المركب راسياً ... المركب الذي أحضرني وأنا طفل ... ضعوني فيه.. وانصبوا الأشرعة واتركوه للبحر وللرياح.. أريد أن أرحل بالشكل الذي جئت فيه.. لقد أتممت مهمتي.. فمن بلدٍ بائسٍ و منقسمٍ على نفسه جعلت منه بلداً موحداً و سعيداً
مات الملك Skiot" وقد كفنوا جسده بثياب ثمينة ومعطرة ،و وضعوا له إكليلاً حقيقياً ، وفي الخصر السيف المنتصر ، ثم رفعه رجاله المحاربون بزهوٍ بين الحشود التي كانت تبكي ملكها ، وأخذوه إلى البحر ، إلى السفينة وأشرعتها القرمزية والقبعة المطلية والبراقة..
هناك بالقرب من الصارية وضعوا جسم الملك الحكيم ، وجاء الناس من كل حدب وصوب من القرى والبلدات يحملون الهدايا الثمينة، نساء ومحاربون ونبلاء وناس بسطاء وفقراء كلهم احضروا أغلى ما عندهم من ثرواتهم ومما يحتفظون به من الأسلحة الفاخرة التي غنموها في المعارك، ومن العقود والخواتم و من الأحجار الكريمة ومن صناديق وخزنات مليئة بالحلي و قطع نقود ذهبية وقبعات ودروع وفؤوس وأبواق وقرون من الياقوت وكؤوس كبيرة وصواني من الفضة مليئة بالأحجار الكريمة وكل شيء . لقد جمعوا كنزاً حول جثمان الملك ،ووضعوا في يده سهم الحرب ، وتحت رأسه حزمة من السنابل التي تم قطعها حديثا ..
كل الشعب كان ينظر ، وأجواء الفجيعة تلف الصمت وأخيرا تم حل الشراع القرمزي اللون ، وآلاف الزنود القوية دفعت السفينة الراسية على الرمال و رويداً رويداً بدأت الأمواج تهزها و تبعدها عن الشاطئ .
في الصباح المعتم بالضباب أبحرت السفينة الجبارة ، سفينة الملك “ Skiot ، وراحت تبتعد مثل الظلال باتجاه بحار مجهولة ، حيث كانت الآلهة قد أرسلتها ,واختفت في الأفق مغطاة بضباب كثيف .



كيف تشكلت جزيرة دي سييلاند*




قبل زمن بعيد كان الملك الرحيم "غيلفواGylfwa /" يقيم مجلسه في"أوبسالا /Upsala "، المدينة القديمة المحاطة بقبور الملوك الوثنيين كانت أراضي المملكة واسعة خضراء كثيفة الغابات ، وتحت سلطته توسعت كثيراً إلى أبعد من الأفق الذي يُرى من الأبراج العالية للقلعة، لأنه لم يكن ممكناً الوصول إلى نهايتها عبر رحلات من ركوب الخيل .
عاش الملك الشائخ وبشعر مثلج ليتأمل ويحكم مملكته ، ولم يكن يُعرف شيئ عن عائلته ، وربما لم يكن له عائلة أو انه كان يفضل الوحدة .
في المجلس كانت تعيش شابة فاتنة الجمال ، إذ كان الشيخ غيلفوا يداعبها ، كأنها ابنته وكان اسمها "غيلفيون /Gelfion" الرائعة بيضاء وشقراء بل انها تشبه أميرات الحكايات والأساطير.
كانت حياة "غيلفيون" يلفها غموض مبهم ، فالبعض يظن أنها كانت ابنة الملك ، و آخرون كانوا يقولون: إن المسن "غيلفوا " تبنـّاها من طفولتها ، وآخرون كثيرون كانوا يؤكدون أن أمها كانت ابنة لأحد العمالقة أصدقاء ملك الجبال العظيم .
كانت غيفلون فاتنة الجمال بشكل مذهل ، فصوتها عذب حلو، وفي أعماق عينيها الشفافتين يتوهج ضوء النظرات الغريبة، التي تكاد تشبه نظرات الآلهة .
في ذلك الوقت كان يحكم الدينمارك الملك "أودين،Odin" ، وله ابن رائع وشجاع هو الأمير"سكيولد، Skiold" والذي وصل فجأة إلى مجلس "غيلفوا" مجذوبا بسمعة غيفليون الفاتنة الجمال ، ولما رآها سكولد صار مثل المسحور من روعة غيفليون التي وقعت بحبه أيضا .
كان المسن غيفلوا ينتظر اليوم الذي سيفصله عن غيفلون بالحزن والألم ، لكنه أخفى حزنه ، وداعب الضفيرتين المذهبتين لشعر الشابة وقال:
" غيفلون !! بنيتي !! سأكون محظوظاً وسأموت مطمئناً عندما أراك سعيدة.. فلترع الآلهة زواجك.. أريد الآن أن أقدم لك الأعطيات التي طالما تمنيتيها ".
:"ملكي غيلفوا _ أجابت غيفلون_ سأشعر بحزن عميق عند مفارقتي لك ، فأنا أحب بلدي كثيراً .. ولن أطلب منك شيئاً أكثر من سماحك لي أن آخذ حفنة من تراب السويد إلى بلدي الجديد ..فإن شئت احصل لي على حفنة من التراب يمكن لرجل أن يحرثها في لحظة و من غير تعب " .
:" حسنا يا غيفلون _ قال الملك _ فليكن كما تشائين " . ونادي على حرّاث قوي ولا يتعب .
اختفت غيلون من القصر ،فلقد ذهبت إلى الجبل ، حيث كانت أمها قد خرجت من هناك ، وبانقضاء عدة أيام عادت يرافقها رجل حرّاث ، وكان عملاقا ، جاء معه أبناؤه الأربعة ، وهم عمالقة أيضاً ، كانوا يحملون محراثاً ضخماً يجعل الأرض تهتز، وكي يمكنه بسط المحراث ، فلقد أحضر أبناءه الأربعة .
حمل العملاق المحراث وغرس السكة في الأرض، وضغط فوصلت إلى الأعماق . طحنت الصخر الحيّ بينما العمالقة الأربعة الآخرون كانوا يدفعون مقود الحراثة بقوة قادرة على اقتلاع أضخم أشجار البتول .
بدأت الأرض تنفطر بين غيوم من الغبار وكسرات حجارة متطايرة ، وظهرت الأثلام عميقة وعميقة مثل الأخاديد ، فلقد اشتغل العمالقة دون تعب ، أطالوا الأثلام حتى كادت تختفي في الأفق .
وأخيراً بانتهاء اليوم كانت قطعة من أرض السويد قد قـٌطعت ، وكانت غيفيلون سعيدة بذلك .
:" أيها الملك غيلفوا أنظر !! سآخذ إلى بلدي الجديد هذه الأرض التي رأتها عيناك وداستها أقدامك ".
اكتفى الملك المسن بالنظرات - وهو يدمع- إلى فرحة غيفليون .
وعادت الشابة العذراء إلى ملك الجبال ،وفي إحدى الليالي رجعت ، يرافقها عددٌ كبيرٌ من العمالقة ، الذين رفعوا قطعة الأرض الشاسعة المحروثة والمهيـّأة ، والتي تم اقتطاعها ، ثم سحبوها حتى البحر، وهناك رفعها العمالقة ومضوا بها كأنها سفينة هائلة تسيـّرها ذراع العذراء الممدودة ، وهي تؤشر وجهتهم وفي المياه المظلمة والعميق بين الدينمارك والسويد وضع العمالقة قطعة الأرض بقوة بحيث استقرت صماء و بلا حراك .
هكذا يروون كيف ظهرت جزيرة سيلاند الخصبة والرائعة .
وهناك في منطقة "أوبسالا" ، حيث تم اقتلاع الجزيرة فلقد ملأت الأنهار الحفرة الضخمة ، وشكلت بحيرة ميلارMelar المرآة الكبيرة من الماء والتي أبقتها غيفليون ، كي تكون قطعة من سماء السويد هناك مقابل الأرض التي أخذتها .


* De see land






عبقرية الناس البسطاء




كان رجل وزوجته وهما مسنان بالعمر و فقيران ، يعيشان سعيدين ومتاحبين ومستعدان دائما أن يجد كل واحد منهم عمل الآخر عملاً رائعاً ، وأن يـُظهر الموافقة على أفعاله بوجهٍ فرح .
كانا يسكنان كوخاً بسيطاً ، وكان لديهما حصان لا يزال قوياً بعد ..وكانا يعيرانه للجيران في القرية دائما إذ كان بعضهم يحتاجونه لحراثة أرضهم أو للمساعدة في نقل الأعشاب في موسم الحصاد .
وفي مقابل هذه الأفضال ، كان العجوزان يتلقيان بعض قطع اللحم من الذبائح التي تقدم للقديس "سانت مارتين" ، وفي الصيف بعض الهدايا من الأسواق التي كانت تقام في القرى المجاورة وهكذا كانا يمضيان حياتهما سعداء و فرحين ،لا يحسدان ثروات الآخرين .
في يوم من الأيام أقيم سوق في القرية المجاورة فقال العجوز لزوجته:
: "ما رأيك لو أنني بعت الحصان في السوق ؟ فنحن عجوزان ، وقد نحتاج يوماً ما إلى بعض الإدخار ليساعدنا ، وعند ذلك إذا أردنا أن نبيع حصاننا فإنهم لن يدفعوا لنا السعر الحقيقي لما يستحق " .
: "يبدوا أنك قد حسبتها جيداً ، إنها فكرة عظيمة "، قالت الزوجة وقامت تحضر الثياب الجديدة لزوجها .

امتطى العجوز حصانه ، واتجه نحو السوق ، و مع أنه لم يبتعد كثيراً عن القرية فلقد تقاطع في الطريق مع شاب يسوق بقرة ليست كبيرة وليست سمينة ، لكن شعرها كان براقاً والقرون قوية جداً ، توقف العجوز لينظر إلى الحيوان الجميل ، وفي نفس الوقت سأل:
" اسمع أيها الشاب !! هل تدر هذه البقرة كثيراً من الحليب؟ ".
:" خمس ليترات تقريباً.. هذا ما يحلو لها كلما حلبتها ، ويمكن حلبها مرتين وثلاث في اليوم إذا وضعت لها البرسيم جيداً ".
:" البرسيم لن ينقصها فهو عندي- قال العجوز- أريد أن نقوم بمبادلة ، أعطيك حصاني وأنت تعطيني البقرة ، ستكون زوجتي سعيدة بذلك ، إذ يمكنها أن تصنع الجبن والزبدة ، ويمكننا تناول مقداراً كبيراً من الحليب " .
وافق الشاب ، وتابع العجوز طريقه مع البقرة ، وهكذا كان يتسلى برؤية البقرة ة، تأكل العشب الطري من المرج عندما التقى بشاب له عضلات مفتولة ، مكنته أن يجعل خنزيراً بديناً وثقيلاً يمشي إلى السوق !! .
توقف الرجل الطيب معجباً بتدويرة أنف الخنزير ، وسأل الشاب :
" كم يمكن أن يزن ؟ وكم حلقة من السجق والنقانق يمكن أن يعطي مع حلول موسم الذبح ؟ "
: "آه!!عن هذا لا يمكنا الحديث ، فليس سهلاً إجراء الحسابات ، لكن بالتأكيد لن يكون ثانٍ مثله في كل السوق ، إنه خنزير حصل على ميدالية في إحدى المسابقات ".
: " ميدالية؟- قال العجوز- اسمع أيها الفتى !! أريد أن أزف السعادة إلى زوجتي ، فهي ستكون فخورة لو إنها امتلكت هذا الحيوان صاحب الميدالية في السباق ، هل ترغب بمبادلتي به بالبقرة؟ " .
فكر الشاب للحظة ، وبعدها وافق على المبادلة ، ثم ابتعد سريعاًَ مع البقرة قبل أن يندم العجوز .
ولم يمض على ذهابه سوى مائة متر ، حتى صار يتوقف كل دقيقة بسبب المشية البطيئة والثقيلة للخنزير ، وعندما مرّ بالقرب من شاب يحمل بين ذراعيه وزّة رائعة بريش يلمع بيضاء و كبيرة مثل البجعة . بقي العجوز الفلاح مندهشاً يفكر في ليالي الشتاء الباردة ، ليالي الثلج والأعاصير ، فكّر في زوجته وهي ترتجف في الفراش من غير أن يكون هناك لحاف دافئ وناعم ، فسأل في الحال:
: "اسمع أيها الشاب !! هل تقبل بمبادلتي هذه الوزة بهذا الخنزير ؟ وستخرج أنت الرابح ، وأنا ساكون سعيداً جداً " .
ومع أن الشاب استغرب لوقت طويل من هذا الاقتراح ، فلقد قرر وتمت المبادلة .
واصل القروي طريقه والوزة الجميلة بين ذراعيه ، وقبل أن يصل إلى السوق صادف امرأة تنقل على رأسه سلة ، فيها أعشابٌ كثيرة ، وبينها يمكن رؤية دجاجة كبيرة سمينة و عريضة لها رجلان قصيرتان وريش نظيف .
كانت شابة شقراء مثل السنابل ، رشيقةٌ بخدودٍ مدورةٍ وزهريةٍ ونظرةٍ زرقاء لطيفة ، توقف العجوز للتحدث معها ، وعندما شاهد الدجاجة التي كانت تحملها ، بدأ يسألها إذا كانت بيـّاضة جيدة ؟ وإذا كانت تأكل كثيراً ؟ و كم تأكل ؟ فأجابته الفتاة :
" إن هذه الدجاجة جيدة جداً ، ولا تخلف عادتها في وضع بيضة كلّ يوم ، و بما يخص الأكل ، فإنها تكون سعيدة تكتفي بالفتات الذي يسقط عن الطاولة وبقليل من عشب الحديقة أن وجد ."
نسي الرجل الطيب ما كان قد توهّم به من قبل ،فبادل الوزة بالدجاجة ، وهو يفكر بسعادة زوجته عندما تأخذ البيضات وتخبئها ،وتعتني بالصيصان التي ستفقص لأول مرة .
وهكذا وصل إلى السوق ، وذهب مباشرة إلى نُـزلٍ صغير يمكنه أن يرتاح فيه ، ويشرب كأساً من المنعشات ، وبعد قليل جاء ليجلس إلى جانبه قرويٌ ، كان يحضر كيساً كبيراً يحمله على الأكتاف ، وعند وصوله قال العجوز له :
" أهلا أيها الصديق !! ماذا تحضر في كيس الجوال هذا الممتلئ والثقيل؟ ".
: "لا !! ليس أكثر من تفاح براوة مما يتساقط من الأشجار، أجاب القروي ، وستكون غذاء جيدا لخنازيرنا " .
:" وهل كل الكيس ممتلئ بتفاح براوة؟ انظر يا صاحبي سأقترح عليك شيئاً : إذا أعطيتني كيس التفاح هذا !! أعطيك بديلاً عنه هذه الدجاجة الرائعة !! عندي رغبة بأن أقدم لزوجتي مفاجأة لطيفة ، ففي حقلنا لا يوجد غير شجرة تفاح واحدة ، وكل ما تعطيه في الموسم هو تفاحة خضراء وعجفاء لا تنضج أبداً ، فتأخذ زوجتي تلك التفاحة وتخبئها بعناية في خزانتها ، ثم تنظر لها وتقول : "علينا بالاكتفاء والقبول !! فتفاحة سيئة في النهاية هي هدية صغيرة".
لهذا فإني أرغب أن آخذ لها هذا اليوم هدية كبيرة من التفاح ، حتى لو كانت سيئة فإنها ستكون سعيدة جدا."
أتمّ الرجلان التبادل ، وصار الكيس تحت تصرف مالكه الجديد .
كان هناك رجلان غنيان من الإنكليز قد شاهدا كل ما دار، وكانا جاهزين للضحك على ذلك الرجل الساذج ، فسألاه عن تجارته في السوق .
فروى العجوز لهما كلّ شيء حدث له منذ أن خرج من بيته، وكيف تحول الحصان ، وبعد مبادلات كثيرة وصار كيساً من التفاح البروة ، فلم يستطع الإنكليزيان أن يوقفا ضحكاتهما أمام هذا الرجل البسيط فقالا له على سبيل المزاح : " سترى عندما ترجع إلى البيت ، كيف ستصير فرجة عندما تضربك زوجتك !!".
: "تضربني أنا؟!! إنكما لا تعرفان زوجتي، أنا واثق إنها ستعتبر كل شيء قمت به عملاً جيداً .
عندما سمع الإنكليزيان ذلك ، وكما هو معروف عن الإنكليز انهم مولعين بالمراهنات والتحقق من الأشياء قالا:
" هيا لنرى أيها السيد المسكين !! نراهنك بكيسٍ صغيرس من الذهب مقابل كيس التفاح ،على أنّ زوجتك ستغضب عندما تحكي لها ما جرى مع الحصان أولاً و عن كل المبادلات الأخرى لاحقاً ".
:" حسنا فلنذهب ونجرب ." قال العجوز:
أمر الإنكليزيان أن تجهز الأحصنة ويحضران عربتهما ، ثم جلسا فيها جلسة مريحة يرافقهما القروي العجوز دون أن ينسيا كيس الذهب وكيس التفاح ، ولم يتأخروا جميعا بالوصول إلى كوخ الرجل الطيب .
كانت زوجته قد خرجت عند الباب عندما سمعت ضجيجا عاليا ، ولقد استغربت كثيرا لرؤية زوجها برفقة أولئك الأثرياء ، لكن في تلك اللحظة بدأت ترحب بهما بأدب ٍ جم ، ومدت يديها لزوجها وصافحته بحرارة وبسعادة .
-:" ها أنا أعود من تجارتي ."
=: " نعم إنني أرى أنك تعود سعيداً ، فأنت قادرٌ على إدارة الأمور جيداً ، ماذا بخصوص الحصان؟ " سألت العجوز !
-:" حسنا ! في الطريق أبدلته ببقرة " .
=: "آه شيء جيد !! لقد قلت إنك تعرف الكثير ، والآن يمكننا أن نتناول حليباً كثيراً ، وسيكون عندنا زبدة وجبنة ، فالبقرة هي ثروة حقيقية .
-: " نعم ، لكني بادلت البقرة فيما بعد بخنزيرٍ كبيرٍ نال جائزة في إحدى السباقات " .
=:" فكرة رائعة ، فهكذا يكون لدينا لحمٌ مقددٌ و أفخاذٌ مدخنة جيداً و حبالٌ من السجق ، لقد تمكنا من امتلاك أشياء جيدة كثيرة ".
-:" نعم كان بالإمكان أن نمتلك كل هذا لو إنني لم أبادل الخنزير بالوزة ".
=: " وهل فعلت ذلك؟ ما أطيبك!! كنت تفكر بزوجتك الفقيرة و بلحاف الريش في الشتاء ، لتحمي رجليها المتورمتين،كم اشكرك على ذلك! وأيضاً يمكننا أن نقيم حفلة شواءٍ لذيذة انه..."
-:" ستُـريْن !! الوزة بادلتها فيما بعد بدجاجة بياضة ."
=:" يبدو لي هذا افضل !! لأن الدجاجة ستعطينا البيض الطازج وكذلك الصيصان ، ما أمتع أن أراهم يركضون ويوصوصون حوالي أمهم !! أيضاً يمكنا أن ننجـّد لحافاً من الريش ، ونأكل مشويات بين الحين والآخر".
-:"نعم! لكن الدجاجة أبدلتها بكيس بروة التفاح !! "
عندها بدأت المرأة تضحك بأعلى رغبة في الضحك ثم قالت:
=: "يا للمصادفة يا رجل !! لا يمكنك أن تخمن كم أسعدتني !! تصور أنني اليوم أردت تحضير طبخة لذيذة أقدمها لك عندما تعود من السوق ، فذهبت الى الجارة لأطلب رأسيّ بصل إعتزتهما ، هل تعرف ماذا أجابتني؟ ولأنها بخيلة جداً ومرابية فقد قالت لي بصوتها المفتعل: كم أنا متأسفة لا أمتلك في الحقل ولا حتى تفاحة مخمجة. !! فانظر الآن !! يمكنني أن أقدم لها أكبر كيس من التفاح البراوة ..فلترى كم كنت متيقنة وعندي حدس !! إنني سعيدة.. وليتك تسمح لي بقبلة رغم أنها أمام هذين السيدين ".
وألقت بذراعيها على رقبة زوجها العجوز وقبّلته بسعادة ،قبلتين أحدثتا صوتا على خديه .
لم يتحرك الإنكليزيان من ذهولهما وقال أحدهم للأخر :
:" أرأيت هذه الأشياء التي تفرح النفس؟! كل ما يفعله الزوج بالنسبة لزوجته هو دائماً عملٌ جيدٌ ومحكمُ الأداء. حقاً إن زوجةً مثل هذه تساوي كيساً من الذهب ، حقاً ".
دفعا ما كان قد راهنا عليه وودعا القرويين بإشارات الفرح والسعادة .



الجزر البريطانية




حكايتان قديمتان من العصور الوسطى ، من زمنٍ كانت فيه الحياة في الجزر البريطانية حياة فلاحية في الغابات الكبيرة ، حيث أدغال البلوط سَتـُرُت المغامرين ، الذين كانوا يعشقون الحرية ، وغطّـتهم بأيكها الذي شهد المآثر الفروسية .



حكاية: وليم دي كلاوديزلي*



بالقرب من مدينة "كارلايزل Carlisle " التي تحيطها الأسوار كان في أزمان أخرى غابة كبيرة و كثيفة ، حيث كان الملك يخبئ أيائله ، و كذلك فـزّاعات لتخيف الحيوانات واللصوص .
كان خادمو الملك يطاردون بقسوة جماعة من الصيادين الجريئين ، الذين كانوا يعيشون دائما في الغابة كعشاق للحرية وأعداء للقمع الذي يقوم به الأسياد .
والشجعان الثلاثة هم : “آدم بيل “ و "كلايم" و "وليم دي كلاوديزلي" ، الذين كانوا يقودون مجموعة الصيادين ، وهم يشعرون بالسعادة ، وينعمون بروعة الحرية في الغابة .
كان "ويليم" صاحب العائلة الوحيد فيهم ، والتي كانت مكونة من : زوجته أليسيا و أبنائه الثلاثة الذين يعيشون في أحد أكواخ مدينة "كارليزل".
أحسّ ويليم الشجاع بالرغبة لرؤية زوجته وأبنائه بعد غياب طويل ، فأعلم أصدقاءه بذلك كي ينتشروا في الطريق تحسباً لأي شيء حتى وصوله إلى كوخه ، ومن ثم يعودون في الصباح إلى الغابة علماً أنهم بذلك سيتعرضون لخطر وقوعهم في الأسر من قبل عسس وجنود "الشريف / العمدة".
دخل ويليم إلى المدينة عندما كان الظلام قد عـمّ تماماً ، و وصل إلى بيته ثم نادى عند الباب بصوت يكاد لا يسمع ، ففتحت زوجته اليسيا الباب ، وهي متفاجئة و مرعوبة من رجال "الشريف" الذين كانوا يراقبون البيت بشكل متواصل .

نظر الأولاد بدهشة كبيرة إلى والدهم ، وفي تلك الليلة امتلأ البيت بالسعادة والفرح .
لكن أحدهم وشى بوجود الصياد ، ولم تتأخر الوشاية بالوصول إلى الشريف ، وقبل بزوغ الفجر كانت القرية تقف على أقدامها مرغمة على معاونة الشريف والقاضي في القبض على المغامر .
كان جنود الملك يحقدون على الصياد ، بينما كان رجال القرية معجبين به ويتعاطفون معه .
سمع "وليام" خطوات المسلحين فصعد مع زوجته وأبنائه بسرعة إلى الطابق العلوي ، ومن خلال نافذة عريضة شاهد الجنود ، وهم يحاصرون البيت ، كان الصباح قد بدأ يتفتح بصفاء ، لكنه امتلأ بالأصوات .
لم يشعر ويليم بالخوف ، كان قد أحضر معه حفنة من السهام استعداداً للمقاومة ، ومن النافذة الواسعة شاهد القاضي والشريف وكلاهما أعداؤه .
صوّب قوسه ، ثم انطلق السهم بقوة ، وهو يصفر ، فحطّ على صدر القاضي المحمي بدرع من مشبك الحديد.
:" استسلم يا" ويليم دي كلاوديزلي !!" ، كانوا يصرخون عليه من الخارج .
فردت عليهم "اليسيا" الشجاعة بفخر :
" زوجي لا يستسلم !! زوجي ليس جباناً مثلكم !!
كانت سهام "كلاوديزلي" صائبة ، وقد جرحت بعض الذين يحاصرونه ، لكن "الشريف" الذي يحتقن بالغضب أمر بإضرام النار بالبيت دون شفقة أو رحمة للمرأة وللأولاد .

وبدأ البيت يحترق، و وصلت ألسنة اللهب إلى الغرفة التي كان الأطفال فيها يبكون من شدة الخوف .
توقف وليم عن إطلاق السهام ، وأخذ عدة شراشف من القماش المتين ، و ربطها مثل الحبل ، بينما "اليسيا" وأولاده تمكنوا من النزول عبر النافذة ، وعندما تأكد" وليم" أنهم نجوا صاح:
" أيها الشريف لقد أرعبت زوجتي وأطفالي ، وجـّه انتقامك نحوي ، لكن حذار أن تمسهم بأقل الأذى " .
واستمر من بين السنة اللهب يطلق السهام حتى آخر سهم عنده ، فلم تعد المقامة ممكنة وقد صار البيت على شفى أن ينهار .
ومثل وحشٍ كاسرٍ قفز "وليم " من النافذة فأطبق الجنود عليه ، و شدّوا وثاقه بقوة ، ثم سجنوه في قفص مغلق .
قال الشريف له:
:"ويليم كلاوديزلي !! غداً في ساعات الصباح الأولى ستكون معلـّقا في الساحة العامة ، ولن تـُفتح أبوابُ المدينة إلا ّ بعد موتك ، لا تنتظر الآن من رفاقك أن يأتوا ليخلصوك !!".
في اليوم الثاني عند الشفق كان سكان المدينة في الساحة العامة ، والجندي الذي كان يحرس أبواب المدينة أمر أن لا تـُفتح إلا بأوامر عليا .
أحد الرعيان الذي لم يتمكن من إخراج قطيعه للرعي سأل أحد سكان القرية عن اسم المتهم، فقال الرجل : " إنه النبيل والشجاع "وليم" الذي لم يفعل أيّ شيء يؤذي أكثر من الصيد والعيش في غابات الملك ، إن إعدامه بسب ذلك و بإسم السماء لهو جورٌ كبير !!".
كان الراعي يعرف" ويليم" الذي تصادق معه في الغابة ..فكر للحظة .. وبعدها تسلل من جدار السور وقفز إلى الحقل دون أن يراه أحد . ركض بكل قوته إلى أن وصل إلى مخيم الصيادين ، وأخبرهم عما جرى.
اخذ "آدم بيل" و "كلايم" أسلحتهما ، وركضا باتجاه أبواب المدينة عندها طرأت فكرة جيدة لـ"كلايم":
" فلنقدم أنفسنا أننا مبعوثون من الملك ، وبهذا يفتحون الأبواب لنا ".
زوّر آدم بيل خط ّوختم الملك في صحيفة ، والتي لفها لاحقاً، فبدت أنها أمر ٌ رسمي .
طرق الاثنان بوابة المدينة بقوة ، وأعلنا انهما مبعوثان يحضران أمراً طارئاً من القصر إلى القاضي .
ُفـتحت البوابات ، و ركع الحراس عندما رأوا الختم الحقيقي، لكن" آدم" و"كلايم" ألقيا بنفسيهما على الحارس ،وربطاه بقوة ، ثم حبساه في زنزانة قريبة ، وبعد ذلك ركضا إلى الساحة العامة.
كانت جموع الناس يتابعون التحضيرات لتنفيذ حكم الإعدام. وكان" وليم كلاوديزلي" هناك وسط الساحة موثقا بقوة بالحبال ، لكنه لحظ أصدقاءه الأوفياء .
صوّب الاثنان سهام قوسيهما على القاضي والشريف اللذين كانا بارزين من فوق حصانيهما من بين الحشود .
اهتز القوسان ، وصفرت السهام ، فسقط القاضي والشريف على الأرض بإصابات قاتلة .

سادت لحظة ذهول ، وتبعها فوضى ، استغلها رماة السهام للاقتراب من رفيقهم فقطعا الحبال التي كانت تشد وثاقه ، وعندها تسلح " وليم" بفأس أحد الجنود .
بدأ الصيادون الثلاثة يقاومون القوات التي كانت هناك ، كانوا يقاتلون وظهر كل منهم محميّ بظهر الآخر ، بينما يعطون وجوههم للمهاجمين ، كان الصيادون الشجعان يطلقون سهامهم وهم يتراجعون خطوة خطوة نحو أبواب المدينة .
نفدت السهام ، و لمعت السيوف ، وخارت قوى المتمردين الثلاثة، وبجهد أخير فازوا بالخروج ، وأغلقوا البوابة الكبيرة بالمفتاح الذي استولوا عليه من الحارس ، وانطلقوا بسرعة نحو الملجأ الآمن في الغابات التي عاشوا فيها دائما وناضلوا وكافحوا للاحتفاظ بالحرية .
مشى الرفاق الثلاثة تحت ظلال الأشجار الضخمة ، يتندرون على أحداث مغامرتهم الكبيرة، فسمعوا همهمات وأصوات استغاثة، تخرج من السور الكثيف، فباعدوا الأغصان ،واقتربوا من المكان الذي كانت الشكوى تسمع منه ،فعثروا على "اليسيا" الشجاعة هناك ، وقد هربت إلى الغابة ومعها أطفالها الثلاثة .
كانت منتشية من السعادة ، أحضر "آدم" و"كلايم" صيداً وفيراً، وفي نفس المكان جهـّزوا الغذاء الذي سيسترد لهم القوة التي بذلوها .
وفي وقت الراحة وهم يتسامرون حول النار قال" وليم":
" أظن انه يجب علينا أن نذهب في الحال إلى لندن، لنطلب الصفح من الملك قبل أن تصله الأخبار من "كارليزلي" ، فعندي ثقة بأنه سيستمع لنا، لكنني سأترك هنا زوجتي "اليسيا" واثنين من أبنائي في بستان قريب ، وسآخذ معي ابني الكبير، حتى يتمكن من نقل أخبار حظنا إلى أمه ."
استعدّ رماة الأقواس الثلاثة، وكذلك الطفل الرائع ابن السبع سنوات من العمر، وانطلقوا باتجاه لندن . وبعد ثلاث دوريات متعبة من المسير، وصلوا إلى القصر، وأعلنوا انهم صيادون في غابات الملك وقد جاءوا يطلبون الغفران .
استقبلهم الملك يشكل سيئ ، وعندما علم بأسمائهم أمر غاضباً أن يودعوا السجن ، كي يدفعوا بحياتهم ثمن إساءاتهم ، لكن نبل و لطافة الصيادين جعلت الملكة تتعاطف معهم، وتطلب من الملك أن يعفوا عن الثلاثة .
فوافق الملك على العفو بسبب حبه لزوجته، وفي تلك اللحظة وصل أحدهم يحمل رسالة يشرح فيها ما حدث في مدينة "كارليزلي" ، وما فعله الرجال الثلاثة أمام المدينة كلها .
وقف الملك مشدوهاً و حانقاً أمام تلك الواقعة المستحيلة ،وأمر رجاله من رماة السهام أن يخرجوا إلى حقل الرماية ، ليمتحنوا مهارة المغامرين.
امتلأ الحقل الشاسع بالناس والجنود ينظرون بازدراء إلى الصيادين الثلاثة.
قام رماة الرماح التابعين للملك والرفاق الثلاثة بإطلاق سهامهم على دريئات بيضاء ، فقال" وليم دي كلاوديزلي": " يبدو هذا مثل لعبة أطفال ، فأنا لا أسمّي أبداً رامي سهمٍ جيد للذي يفرح بالتسديد على هذه الأهداف الكبيرة جداً، والتي تشبه الدروع في المعارك ، فأيّ كان يمكنه القيام بذلك".
قال الملك: "فلتختر الدريئة التي تحب ، وارني ما أنت قادر على فعله ".
قال وليم بصوت جهوري:
"من أجل شرف رماة السهام سأقوم بما لا يمكن لأحد القيام به ، فهذا الطفل الموجود هنا هو ابني ، وعن مسافة أربعمائة قدم سأسدد سهمي على تفاحة تضعها على رأسه.
قال الملك : " إن هذا لمغامرة كبيرة وخطرة ، وإن لم تحققها فسوف تدفع الثمن حياتك أنت وحياة رفاقك ". فاستعد وليم لتنفيذ كلمته.
كان الطفل بعينين مفتوحتين جاحظتين، وقد تم ربطه إلى جذع شجرة ، ثابت في الأرض و وضعوا تفاحة على رأسه الأشقر الجميل .وابتعد كلاوديزلي مسافة أربعمائة قدم ، ووضع في قوسه أطول سهامه والأكثر استقامة .
كانت حشود الناس تنظر إليه بأسى ، والنساء تبكي من شدة تأثرهم العاطفي .
استدار كلاوديزلي إلى الناس، وقال :" إياكم أن يتحرك أحدكم فيعكر صفائي .. توسلوا لي ".
ووسط الصمت ثبت الرامي قدميه ثم سدد فصفر السهم ، وسقطت التفاحة مشطورة إلى نصفين متساويين .
انفجرت الحشود بصرخات كبيرة تعبر عن فرحها ، وجميعهم يصفقون تملؤهم السعادة .
اتخذ الملك الصمت ، وبعدها قال:
" أمنحك العفو يا "وليم دي كلاوديزلي" ، ومن الآن أمنحك لقب كبير حراس غاباتي إن كنت لا تزال تفضل العيش مع رفاقك تحت حمايتي ".
لكن الأصدقاء الشجعان اختاروا أن يواصلوا حياتهم ، حياة الحرية والمغامرات في غابات كثيفة من أشجار البلوط المعمرة مئات السنين .



* William de Cloudlessly




الفارس جيريان*


(حكاية من القرن الثالث عشر)



تتبعها إحدى سيدات مجلسها ، كانت زوجة الملك أرثر تتجول في مجنبات القلعة . وهما تمتطيان الخيل عبرتا الجسر المقام على النهر ، وابتعدتا في الحقل الأخضر بين المروج والأشجار .
توقفت الملكة لسماعها وقع حوافر حصان كان يأتي في الاتجاه نفسه . وبعد فترة قصيرة ظهر أمامها فارس شاب من النبلاء ، يرتدي معطف عباءة واسعة ومفتوحة ، وعلى جانبه سيف له قبضة من ذهب .
: " أهلا وسهلا أيها الفارس _ قالت الأميرة له وتابعت _
لم اكن أتوقع هكذا صحبة سعيدة ، تعال فاليوم سنصل إلى مدخل الغابة ".
وقبل الوصول توقفوا عندما شاهدوا بين الأشجار رجلاً بديناً يرافقه قزم ٌ ، يأتيان على حصانيهما بخطوات بطيئة ومعهما امرأة كانت تمشي بثوبها الداخلي ، المخرّم والمصنوع من الذهب إلى جانب فارس له طابع مستبد ومدجج بسلاح ثقيل و يلمع .
أرسلت الأميرة وصيفتها سيدة الشرف لتسأل القزم عن اسم سيده ، وعندما سألته بلطف و أدب رد القزم:
" لن أقول لك شيئاً ، فأنت لست أهلاً للاقتراب من سيدي " .
أرادت السيدة أن تتجه نحو الفارس المجهول الهوية ، لكن القزم تدخل وضربها بالسوط على وجهها .
استعد جيريان ليقتص من تلك الفعلة الدنيئة ، و وضع يده على سيفه ، لكنه توقف ، لأنه اعتبر من غير المشرف أن ينتقم من ذلك الرجل الصغير عديم القيمة ، عندها طلب الإذن من الملكة ليتبع أولئك المجهولين حتى يجد الفرصة ، ليرتدي ثياب الحرب ويعاقب الفارس الفظ .

: " اذهب _ قالت الملكة _ وسننتظر عودتك في المجلس بفارغ الصبر ".
تابع جيريان أولئك المجهولين ، وبعد أن اجتازوا نهر اليوسك usk وصلوا إلى مدينة ، عند مدخلها كانت تقوم قلعة جبارة ، مرّ بها الفارس المدجج مع سيدته وقزمه ، فنهض الناس يؤدون طقوس الاستقبال و يقدمون التحيات .
كانت البيوت والنوافذ مزينة بدروع ملونة ورايات وردية ، وفي كل محددة كان هناك رجال منهمكون في صقل السيوف و تدبيب الرماح وتلميع الخوذات و الدروع .
دخل القزم والسيدة والفارس إلى القلعة وسط صفين من المحاربين كانوا قد خرجوا واصطفوا عند ما شاهدوا الفارس وجماعته يصلون .
بقي "جيريان" يفكر دون أن يعرف إلى أين يتجه ، لكنه رأى قلعة قديمة مهدمة ونائية شيئاً ما ، فمشى إلى هناك يطلب مأوى لتلك الليلة .
وعندما أحسوا بقدومه خرج لاستقباله رجل ٌ مسن ٌ ، وله لحية وشعر ابيض، تبدو عليه علامات النبل على الرغم من ثيابه البالية والذي رحّب بالفارس بعبارات كيّسة ، وقدّم له ضيافة متواضعة .
نزل "جيريان" عن حصانه في الحديقة المحاطة بأنقاض آثار، ظنّ أنها لقلعة كانت هنا في أزمان أخرى ، مع أنه يرى بعض الأسوار والأقواس ، وقد تشققت وبعض الأبراج والمنارات مدمرة ، و بعض سقوف من حجر بقيت واقفة ، وكذلك بعض الغرف التي تكوّن هذا المأوى المسكين .
قدّمه المسن إلى زوجته وابنته "إيناد" التي وان كانت بملابس بسيطة ، فقد بدت لـ"جيريان" أجمل النساء وأكثرهن روعة .

قال المسن لـ"إيناد" : " اعتني بحصان ضيفنا ، واجعلي منزلنا الفقير مضيفاً طيباً للفارس ". فقامت الشابة العذراء بترتيب كلّ شيء بطيبة نفس و ثقة .
حضّرت العشاء ، وجلسوا إلى المائدة ، وبقيتالشابة ايناد تقدم الخدمات ، وبعد الأكل شرح جيريان عن احترافه كفارس وعن قربه من الملك أرثر ، وبعدها أبدى اهتمامه لمعرفة لمن تعود تلك القلعة المبادة ؟.
قال المسن: " هذه!! إنها آخر ممتلكاتي،الوحيدة المتبقية !! لقد أعلن حفيدي الجاحد الحرب عليّ ، و جردّني من كل أملاكي!! أقدم لك نفسي : أنا "الكونت ينيوال" ، أراني الآن و بسبب غدره قد انحدرت إلى هذا الفقر ".
: " سيدي _ سأل جيريان_ من هو الفارس الذي وصل إلى القلعة مع زوجته والقزم ؟ و ما الأمر الذي يتم تحضيره في هذه المدينة المزدانة جدا ؟
: " إنه حفيدي الكونت الخائن ، هو من رأيته يدخل القلعة، لقد نظم حفل مبارزة سيقام غدا في السهل الكبير الذي نراه من هنا . إنه سيغرس في وسط الحقل رمحا يكون في طرفه صقر من الذهب كجائزة للمنتصر . والجميع في المدينة يحضرون السلاح والخيول ، ولن يأخذ مكانته في تلك المنازلة من لا يذهب بصحبة زوجته !! إن هذا الشرير الملعون الذي رأيته يصل اليوم إلى المدينة ، كان قد اغتصب للمرة الثانية الصقر الذهبي ، وإذا استطاع أن ينتصر غدا من جديد فانه سيغتصب لقب الفارس الصقر ".
: " سيدي !! قال جيريان : عليّ أن انتقم لذلك الجور الذي سببه حفيدك لي وللملكة . وهكذا أرجوك أن تعيرني درعاً، وان تسمح لي أن أدخل المنازلة ، على شرف ابنتك "إيناد" ، والتي إن خرجت منتصرا فسأبقى أحبها طالما حييت ".
: " إنك تقدم لي سعادة عارمة ، وغدا عند شروق الشمس سيكون لك درع ٌ جاهزٌ وحصانك ، وأنا وابنتي سنرافقك " .

وعند الصباح استعد الفارس جيريان ،فارتدى الحديد ، و سنّ سيفه ، ثم امتطى الحصان ، وتسربل بالدرع ، وحمل الرمح ليتجه إلى المنازلة .
عندما وصلوا إلى الحقل كان فارس القلعة متأكداً من انتصاره ، ويؤشر لزوجته أن تأخذ الصقر الذهبي جائزة المنتصر ، لكن في تلك اللحظة ظهر الفارس جيريان وقال:
" الصقر الذهبي ليس لك ، ولا يمت إليكم بصلة . أدعوك لمنازلتي أيها الفارس الخائن ، إنني سأهزمك ، وعليك أن تعلن أن زوجتي هي السيدة الأكثر جمالا و روعة ".
وبعد أن قال جيريان ذلك اتجه على وقع حوافر خيله نحو أطراف الحقل ، ليكون مستعداً للقتال .
كان الفارس الفظ غاضباً جداً . وانطلق الغريمان بأقصى سرعة حصانيهما كل ٌ باتجاه الآخر، و لثلاث مرات تكسرت الرماح على الدروع ، و لثلاث مرات قام الكونت المسن ينيوال والقزم المتعجرف بتقديم السلاح للخصمين ، وأخيراً قال الرجل المسن لـ"جيريان":
"هذا الرمح الذي أخذته في شبابي عندما سلّحوني لأكون فارساً ، ولقد قاوم الرمح في الكثير من المعارك ولم يتكسّر ".
كان جيريان مصمماً على الفوز ، فرمى خصمه بقوة ، ومزّق درعه فيها ، وأسقط الخائن على الأرض .
ترجّل جيريان عن خيله ، وبدأ المبارزة حيث راحت السيوف تقعقع ، واقترب المسن إلى المسافة التي أمكنه الاقتراب إليها وقال :
" يا فارس الملك أرثر تذكر الإهانة التي سببها لك ".

عندها استجمع جيريان كل طاقته وقوته وركـّزها في المعركة ، وبضربة رهيبة قصم خوذة خصمه الذي سقط مهزوماً على الأرض ، وراح يطلب الرأفة .
فقال جيريان له : " أسامحك بحياتك تحت شرط واحد أن تمثل أمام الملكة ، وأن تطلب منها الغفران عن إساءتك ، و عندها سينطق فرسان المجلس بالعقاب الذي تستحق ".
قام جميع رجال الخائن المحاربين ، وجميع فرسان المدينة بتقديم التحية إلى الفارس المنتصر ، الذي رجع مع المسن وعائلته إلى القلعة المهدمة ، وهم مزدانون بالورود و بالمشاعل المنيرة .
حضر الكونت المهزوم إلى هناك ، ليتفرغ جيريان له وقال له:
" سأعود غداً إلى البلد الذي أتيت منه ، و سأذهب مصحوباً بـ"إيندا" التي ستصبح زوجة لي ، لكن قبل أي شيء عليك بإعادة كل شيء اغتصبته من الكونت يونيوال ".
وهذا ما كان قبل انطلاق إيندا وجيريان نحو مجلس الملك أرثر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حكايات وأساطير عالمية ج 7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكايات وأساطير عالمية ج 1
» حكايات وأساطير عالمية ج 2
» حكايات وأساطير عالمية ج 3
» حكايات وأساطير عالمية ج 4
» حكايات وأساطير عالمية ج 5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ثقف نفسك :: ثقافة عامة :: قصص و أساطير شعبية-
انتقل الى: