المحكمة العليا الليبية
بجلستها المنعقدة علناً صباح يوم السبت 02 ربيع الآخر الموافق 28-3- 1377و.ر –2009 مسيحى . بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس
.برئاسة المستشار الأستاذ :- يوسف مولود الحنيش .((رئيس الدائرة)
وعضوية المستشارين الأساتذة :- على مختار الصقر
:- كمال بشير دهان.
:- د. جمعة محمود الزريقى .
:- فرج أحمد معروف.
وبحضور المحامى العام
بنيابة النقض الأستاذ :- جمعة محمد المحير يق .
ومسجل الدائرة الأخ :- عبدالحميد محمد الرويمى .
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى رقم 1174 /54 ق مخاصمة .
المقدمة من المخاصم : على على بن سعود عن نفسه وبصفته وكيلا عن :
1.زينب المبروك الورفلى . 2- فريحة حسين الجيلانى .
المحامى / على على بن سعود .
ضد : المستشارين أعضاء دائرة الأحد الإدارية بالمحكمة العليا وهم :
1.المستشار / الطاهر خليفة الواعر .
2.المستشار / فوزى خليفة العابد .
3.المستشار / على محمد البوسيفى .
يمثلهم المحامى : على مصباح المدهونى .
عن الحكم الصادر عنهم بجلسة 1375.06.17 و.ر – 2007 مسيحى .
في الطعن الإدارى رقم 85 /53 ق .
بعد الإطلاع على الأوراق سماع المرافعة الشفوية ، ورأى نيابة النقض وبعد المداولة.
الوقائع
تخلص الواقعة في أن الأستاذ المحامى على على بن سعود عن نفسه وبصفته وكيلاً عن زينب المبروك الورفلى ، وفريحة حسين الجيلانى ، أقام الدعوى الإدارية رقم 427 /34 ق ، أمام الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف بنغازى على أمين اللجنة الشعبية العامة ، وأمين مؤتمر الشعب العام ، وأمين اللجنة الشعبية العامة للخدمة العامة بصفاتهم . طالباً إلزام الأول زيادة علاوة العائلة إلى تسعين دينار لكل فرد في العائلة بما في ذلك الزوجة ومتضامناً مع الثانى بإصدار قرار عاجل بزيادة جميع المرتبات والعلاوات والمكافآت المستحقة للعاملين بجميع أجهزة الدولة وما يتبعها من شركات ومنشآت بنسبة 700 % أو بتقدير علاوة جديدة بمسمى علاوة تضخم أو أى تسمية أخرى ، واحتياطياً بإلزام المدعى عليهم متضامنين العمل على تعديل القانون رقم 15 لسنة 1981 بشأن المرتبات تنفيذاً لقرارات المؤتمرات الشعبية الأساسية . ومن باب الاحتياط الكلى بندب خبير قضائى من إدارة البحوث والخبرة القضائية للانتقال إلى جميع الجهات ذات العلاقة بالمهايا والمرتبات ومصادر تمويلها لإثبات إمكانية الزيادة والنسبة المتاحة لقيمتها ، وإلزام المذكورين متضامنين بما يسفر عنه تقرير الخبرة ، وأثناء نظر الدعوى تدخل سعد عبد الله أبو حجرة محاضر بالجامعة ، وعوض محمد القويرى – طبيب – منضمين للمدعين منتهين لذات الطلبات ، حيث قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ، وقضت الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في قضية الطعن الإدارى رقم 85/53 ق ، المرفوع من المدعين برفضه، ورأى الطاعنون أن الأساتذة أعضاء الدائرة التى أصدرت هذا الحكم الأخير لم يحققوا العدالة وارتكبوا غشاً وخطاً مهنياً جسيماً ، وقرروا مخاصمتهم وفقا للمادة 720/1 من قانون المرافعات .
الإجراءات
صدر حكم الدائرة المعنية بتاريخ 17-06-2007 م . وقرر المحامى المذكور عن نفسه وبصفته مخاصمة الأساتذة أعضاء الهيئة التى أصدرته بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 18-09-2007 م ، مسدداً الرسم ومودعاً صورة من الحكم محل المخاصمة وسند وكالته عن المخاصمين الأخريين ضمن حافظة مستندات ، وبتاريخ 29-11-2007 م ، أودع تقرير المخاصمة معلناً إلى الأساتذة المخاصمين ، وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم قبول المخاصمة وإلزام المخاصمين التعويض المناسب ، وفى الجلسة المحددة لنظر الدعوى في غرفة المشورة حضر عن المخاصمين أولهم عن نفسه وبصفته وحضر عن المخاصمين محاميهم بموجب توكيل صادر له عنهم ، وقدم مذكرة بدفاعهم وطلباتهم ، أوضح فيها ورود عبارات معيبة بتقرير المخاصمة وهى ( عرض الطعن على الدائرة المختصة التى يظهر من أسباب الحكم الذى أصدرته أنها ليست من لخص الطعن .. إن كل مشتغل بالقانون لابد أن يكون قرأ كتاباً واحداً على الأقل لأحد الفقهاء شرحاً لأحكام قانون المرافعات ...ومن خلال معالجة المختصمين لطعن المدعين يبدو أن لفظ الحسبة لم يطرق سمعهم أبداً ... إن الهيئة حكمت علمها الشخصى الخاطئ عند معالجتها للطعن ... إن الهيئة أخفقت حتى في مجرد الإلمام بمنطوق الحكم الطعين ...الأمر الذى لاوجود له في وقائع الحكم موضوع هذه المخاصمة الذى لاوجود فيه لأى حد أدنى كان أو أقل من هذا حتى لمجرد شروع الإلمام بوقائع دعوى الطعن أو أسبابه ... فإن المختصمين جميعاً متضامنين خلقوا واقعة جديدة تزييفاً للواقعة الحقيقية الثابتة بالأوراق وهى طمس منطوق الحكم الطعين الذى قضى بعدم الاختصاص واستبدلوا به منطوقاً جديداً لم تتضمنه ورقة واحدة من اوراق الطعن وهو أن منطوق الحكم الطعين كان بعدم القبول على خلاف الثابت بأوراق الطعن وبالصورة الرسمية للحكم الطعين المذيلة بمنطوق الحكم الطعين بعدم الاختصاص ... كما يظهر سوء النية في إصرار الهيئة على تضليل العدالة وتوظيفها في العبث بأسباب الأحكام وتبديل مناطيقها وبناء على ذلك وفق ماتشاء دون بيان أساس هذه الهيمنة ... إن المختصمين أخفقوا في تبنى معيار الحد الأدنى لتقييم القاضى ... ولا نقول معيار الرجل العادى لأن في ذلك إرهاقاً لتقييمهم ...عبرت تصرفات الهيئة المختصمة عن افتقارها للإلمام بمبادئ القانون والتى لا يليق بقاض مبتدئ إلا أن يلم بها ... ولا يستطيع المدعون إخفاء شكهم في أن الهيئة المختصمة تبنت مقولة الغاية تبرر الوسيلة من خلال محاولتها الوصول إلى الغاية المستهدفة وهى محاباة المطعون ضدهم ورفع الدعوى عليهم ... وعقب وكيل الهيئة المختصمة بأن هذه العبارات تتضمن تقريعاً للهيئة واتهاماً لها بالتآمر على رافعى دعوى المخاصمة وبأنها تسخر غيرها لكتابة أحكامها والتشكيك في قدرتها على استيعاب ما يطرح عليها وأنها تقضى بعلمها الشخصى دون إيراد دليل على ذلك ، وبالجهل واللامبالاة والتفريط في واجباتها في أدنى صورها ، وبالتزوير وتبديل مناطيق الأحكام ، وبالتضليل والعبث ورجماً بالغيب دون دليل ولمزيد الإمعان في التطاول المقيت ، وبعدم النزاهة وتطويع الأحكام بما يتلاءم ورغبة الإدارة والحكم بالهوى ، وأضاف أن ماتضمنه تقرير المخاصمة ينبئ عن تجن على الهيئة وسخرية لا يقرها أدب القضاء وتهجم على أشخاص أعضائها للنيل منهم والتشهير بهم ، وهو مالا يقتضيه المقام لأن التدليل على قيام إحدى حالات المخاصمة لا يتطلب الهجوم على أعضاء الهيئة بهذه الصورة المستهجنة ، وانتهى إلى طلب شطب هذه العبارات والانضمام إلى رأى النيابة بعدم جواز قبول المخاصمة وإلزام رافعى دعوى المخاصمة متضامنين دفع مبلغ ثلاثمائة ألف دينار لرئيس الهيئة المخاصمة ومبلغ مائتين وخمسين ألف دينار لكل من عضويها على سبيل التضمين لما لاقوه ويلاقونه من التطاول عليهم والإساءة إليهم دون مبرر ، وقد استلم الحاضر عن نفسه وعن المخاصمين صورة المذكرة وتمسك بطلباته . وأضاف أنه ربما وردت عبارات قاسية في تقرير المخاصمة إلا أنه لا يتأتى إثبات الدعوى ، إلا بهذه العبارات ، وطلب الطرفان حجز الدعوى للحكم ، وأصرت النيابة على الرأى الوارد في مذكرتها.
الأسباب
حيث إن إجراءات رفع دعوى المخاصمة مستوفاة.
وحيث أسس المخاصمون دعواهم على خمس نقاط :
1. أن الهيئة المخاصمة غيرت الحقيقة إذ قررت أن حكم الدائرة الإدارية كان بعدم القبول في حين أنه صادر بعدم الاختصاص ، مما يظهر سوء نية الهيئة وإصرارها على تضليل العدالة إمعاناً في الإضرار بالمخاصمين.
2. أن الهيئة المعنية ارتكبت خطاً مهنياً جسيماً ، حينما تجاوزت مسألة الاختصاص إلى بحث شرط المصلحة ، وهى مسألة أولية تتعلق بالولاية ولا يجوز تخطيها إلى شروط القبول أو الخوض في الموضوع إلا بعد حسمها ، خاصة وأن انتفاء المصلحة غير مثار أمامها ، ولم يئن أوانه ، ويؤدى مسلك الهيئة بشأنه إلى تضييع درجة من درجات التقاضى وهو ما لا يجوز.
3. أن الهيئة عززت خطأها بخطأ آخر مفاده أنها بحثت شرط المصلحة ولم تقتصر على انتفائها في الطعن بل عادت بذلك إلى الدعوى ابتداءً وقررت عدم توافرها لدى الطاعنين وقت رفعها.
4. أنه بفرض سلامة أسباب حكم الهيئة المخاصمة بإثبات انتفاء المصلحة فأن مؤدى ذلك أن تقضى بعدم قبول الطعن لا برفضه على النحو الذى انتهت إليه.
5.أن المخاصمين أقاموا دعواهم محتسبين لا لتحقيق مصلحة لهم ، وقد فات ذلك على الهيئة وناقشت شرط المصلحة وقررت أنهم لامصلحة شخصية مباشرة لهم في الدعوى ، في حين أنهم لم يدعوا لأنفسهم هذه المصلحة ،
وانتهى المخاصمون إلى طلب الحكم :
- بجواز قبول المخاصمة وتحديد جلسة لنطر موضوعها .
- ببطلان الحكم الصادر عن الهيئة المخاصمة ، ونقض الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف بنغازى في الدعوى الإدارية رقم 427/34 ق والفصل في موضوعها.
- إلزام المخاصمين بدفع تضمينات قدرها خمسة عشر مليار دينار تقسم بالتساوى على أسر العاملين الخاضعين لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1981 بشأن المرتبات ، وإلزام المخاصمين المصروفات.
وحيث إنه لابد للفصل في دعوى المخاصمة في مرحلتها الأولى من مناقشة أسبابها بالقدر اللازم من مدى تعلقها بالدعوى.
وحيث إن دعوى المخاصمة المنصوص عليها في المادة 720 من قانون المرافعات إنما شرعت لمواجهة خروج القاضى أو عضو النيابة عن مقتضيات العمل القضائى وآدابه.
ولا يقبل أن تبنى على مجرد بيان لأخطاء وقع فيها المخاصم ، مالم تؤد هذه الأخطاء إلى الحد الذى يفسد عمل القضاء ويفوت غرض المشرع من إنشائه وقد أحيطت دعوى المخاصمة بضمانات تهدف إلى حماية القاضى من أى تقول من ذوى الإحن والأهواء يكون دافعه التشكيك في ثقة الناس فيه والتعريض بعمل يفترض أن يكرس لحفظ الحقوق ورد المظالم وصون الحرمات ، فى سياق قوامه العفة والحيدة والنزاهة وأداته العلم والفطنة والاجتهاد ، وتنزيهاً لساحة القضاء من أن تكون هدفاً للإساءة وميداناً للمهاترات التى تعصف بكيانها وتقوض أمل المجتمع في أن تستمر هذه الساحة صافية نقية شفافة ، فإن حاد القاضى بها عن مسارها ، وبان من عمله المخاصم من أجله ما تنحسر به هذه الصفات عنه واتسم بنقيضها ، بأن فقد ما يجب أن يتحلى به من نبل المسعى ومشروعية الغاية وتردى في مهاوى الميل والهوى ، أو غاب عنه ما يجب أن يتمتع به من الفطنة والعلم بأدوات عمله وصنعته في حده الأدنى ، أو لم يول العمل القضائى ما يتطلبه من حرص واهتمام ، توافرت في حقه حالتا الغش والخطا المهنى الجسيم المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من المادة 720 من قانون المرافعات ، وغدا حقيقاً بأن تقبل في حقه دعوى المخاصمة ، وإن لم يتحقق في تصرفه هذا ولا ذاك ، ولم يقطع ما خوصم من أجله بانحرافه عن الهدى بما يدخله في دائرة سوء النية ، ولم ينحدر به إلى درجة الإهمال الفاحش أو الاستخفاف البين ، ولم يصل إلى حد وصمه بالجهل الذى لا يليق ، واقتصرت مخاصمته على مجرد رميه بأخطاء في تأويل القانون أو فهم الواقع ولو كان ما توصل إليه من رأى مرجوحا، لم تقم في حقه أى من الحالتين متى كان ما وقع منه من خطأ غير مقصود ، وعلى نحو ينأى به عن دائرة الشك ويدرأ عنه مظنة سوء النية.
ولما كان ذلك ، وكان المخاصمون قد أقاموا مخاصمتهم على نص الفقرة الأولى من المادة 720 المشار إليها ، ناسبين إلى المخاصمين غشاً وتدليساً وغدراً وخطأً مهنياً جسيماً ، مؤسسين ذلك على شواهد أربعة :
1. أن الهيئة غيرت الحقيقة الثابتة بالحكم المطعون فيه أمامها فقررت أنه صادر بعدم القبول ، في حين أنه صادر بعدم الاختصاص .
2. أنها تجاوزت مسألة الاختصاص إلى بحث شرط المصلحة ، ودون أن تكون مثارة أمامها ، ولم تقصتر على القول بعدم توافرها أمامها ، بل تعدت ذلك إلى عدم توافرها في حق الطاعنين وقت رفع الدعوى ابتداءً .
3. أن مقتضى انتفاء المصلحة – على فرض التسليم بسلامته – أن تقضى الهيئة بعدم القبول ، إلا أنها خالفت ذلك ، ورتبت على عدم توافر المصلحة رفض الطعن موضوعاً.
4. أنها أسست قضاءها على أن الطاعنين لامصلحة لهم ، في حين أنهم لم يدعوا مصلحة شخصية مباشرة ، وإنما أقاموا دعواهم احتساباً لمصلحة الغير.
وحيث إن ما نسب إلى الهيئة من تغيير للحقيقة على نحو ما سلف هو من قبيل السهو الذى لا تنطق الأوراق بعمديته ، ودليل ذلك أن الهيئة ذكرت في وقائع حكمها محل المخاصمة أن الحكم صادر بعدم الاختصاص ولو كانت سيئة النية لما ذكرت ذلك ولعملت على إخفائه ، بما يجعل اتهام رافعى الدعوى للهيئة بالغش والتدليس والغدر لا ينهض عليه دليل ، وما نسب للمخاصمين من عدم تعرضهم لأسباب الطعن واكتفائهم ببحث شرط المصلحة يبرره اعتقادها بأن دعوى الحسبة لاتدخل ضمن حالات اختصاص القضاء الإدارى على نحو ما ورد بالحكم المطعون فيه ، وبأن عدم تحقق المصلحة يجعل طعنهم غير مقبول سواء كانت المحكمة مختصة أو غير ذلك ، مما يجعل مناقشة أسباب الطعن عديمة الجدوى على أى وجه كانت وهو رأى اجتهادى يجد في أحكام القضاء وبعض الفقه من يظاهره ، وما نسب إليها من أن ما ساقته من مقدمات لقضائها يؤدى إلى عدم القبول لا إلى ما انتهت إليه من رفض الطعن ، مرده أن المنطوقين –عدم القبول والرفض – يفضيان – في اعتقاد الهيئة – إلى نتيجة واقعية واحدة هى عدم الاستجابة إلى طلب الطاعنين إلغاء الحكم المطعون فيه ، وتخلص هذه المحكمة مما تقدم إلى تحقق الحالتين الواردتين بالنص في حق المخاصمين وعدم تعلق أوجه المخاصمة المعروضة بالدعوى بما يتعين معه الحكم بعدم جواز قبولها.
وحيث إنه لا يفوت المحكمة الإشارة إلى أن سبيل المخاصمة القضائية اللياقة وأدب الخطاب ، وغايتها الحرص على إرساء العدل وإنصاف الخصوم ومن يعمل بساحة القضاء على حد سواء ، مما يقتضى أن ينأى من يلج هذا السبيل عن التعريض بالمخاصم تصريحاً أو تلميحاً ، ولغرض غير الذى تغياه المشرع من فتح باب المخاصمة ، فإذا ما أنحرف المخاصم عن هذا السبيل وغصت مخاصمته بألفاظ وعبارات لاتحقق الغاية المنشودة – على نحو ما سلف بيانه – جاز للمحكمة وفقاً لنص المادة 135 من قانون المرافعات أن تامر بمحوها ، إلا أن حاجة هذه المحكمة وهى بصدد الفصل في طلب التضمينات إليها اقتضت – على مضض – إيرادها.
وحيث إن ماتضمنه تقرير المخاصمة على نحو ما تقدم من عبارات كأن المخاصمة ما رفعت إلا من أجل إطلاقها ، استخفافاً بالهيئة المرفوعة عليها ، وإظهارها بمظهر المهيمن دون حق ، والمزور دون وازع ، والمحتكم إلى علمه الشخصى دون مايطرح عليه من وقائع وأدلة والجاهل بأدنى مايجب أن يعلمه حتى أطبق عليه جهله فلايعى ولايدرك ، ويستعين بغيره في كتابة وقائع أحكامه ، ولم يفلح في أن يكون عادلاً ولانزيهاً ، بل كاد للمخاصمين وتعمد تغيير الحقيقة من أجل الإضرار بهم ممالأة لخصومهم ، وكأن فيوض اللغة العربية قد ضاقت – على اتساعها وغناها- عن أن تمد رافعى المخاصمة بما يقتضيه إثبات حالتيها المرفوعة بهما الدعوى من عبارات لاتتضمن تجريحاً ولا استخفافاً ولا تقريعاً ، ولاتخرج عما درج عليه التعامل والتخاطب في محراب القضاء من لياقة وأدب واحترام ، كل ذلك قد وجه إلى أشخاص المخاصمين في ذواتهم دون مقتض ، وبمناسبة حكم بعدم الاختصاص لا يهدر حقاً ولا يثير حفيظة ، وخارج ما يخوله حق الدفاع في الدعوى ، وقد وجه إليهم قصد الإساءة لهم والتقليل من شأنهم في محيطهم مما انعكس عليهم هماً وكدراً وضيقاً ، وألحق بهم بالغ الأثر في نفوسهم وهم يؤدون رسالة تعف بهم عن مجاراة خصومهم فيما يتردون فيه ،وهو يمثل ضرراً أدبياً ، يتعين إلزام رافعى المخاصمة بالتضمينات عنه على النحو المبين بالمنطوق
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم جواز قبول المخاصمة وتغريم رافعيها خمسين ديناراً .
ثانياً : بإلزام المذكورين متضامنين أن يدفعوا للمدعى عليهم في دعوى المخاصمة مبلغ ثلاثين ألف دينار تضميناً عما لحق بهم من ضرر أدبى.
ثالثاً: إلزامهم المصروفات
المستشار المستشار المستشار
يوسف مولود الحنيش على مختار الصقر كمال بشير دهان
رئيس الدائرة
المستشار المستشار
د. جمعة محمود الزريقى فرج أحمد معروف
مسجل الدائرة
عبدالحميد محمد الرويمى
ملاحظة : نطق بهذا الحكم بالهيئة المنعقدة من المستشارين الأساتذة:
يوسف الحنيش ، على الصقر ، د. جمعة الزريقى ، مختار منصور ، فرج معروف