أسس الملك الأمازيغي سيفاكس إمبراطورية كبرى بالمغرب الأوسط جعل عاصمتها قرطة (القسنطينة حاليا) التي كان يسكن بها ما كان يطلق عليه قبائل الماسوليين. كما اتخذ سيفاكس الجنوب الشرقي التونسي مملكة وجعل عاصمتها صفاقس أو سيفاكس المنسوبة إليه. وقد كانت من عظمة هذه الإمبراطورية أن قرطاجة سعت إلى التحالف مع سيفاكس ضد الرومان وصاهرته بإحدى بنات الأرستقراطية القرطاجنية.
استقل سيفاكس بإمبراطوريته الممتدة على جزء من أراضي الجزائر الحالية وجزء من أراضي تونس وجلب إليها معالم الحضارات القرطاجية والرومانية واليونانية من فنون وآداب وعلوم. وقد علقت عليه القبائل الأمازيغية بالمغرب الكبير آمالا قوية للاستقلال السياسي عن الأجانب. حمل سيفاكس التاج وضرب العملة باسمه ونظم الجيش واستعان بابنه أورمينا (Vermina) في تسيير الشؤون الحربية. وقد يكون هذا الملك هو المشار إليه عند ابن خلدون حين قال: إن جدهم هو سفك... .
كانت العلاقة بين الملكين الأمازيغين سيفاكس ومسينيسا متوترة في الغالب لكونهما يتحالفان، كل من جهة، مع العدوان الروماني والقرطاجي، فقبل أن يتحالف مسينيسا مع شيبو الأرشد الروماني، تحالف مع القرطاجيين وحارب معهم سيفاكس، الذي كانت له أطماع في قرطاجة، وهزموه. ثم انتقل مسينيسا ليحارب صحبة هنيبعل المحاصر لروما، وخلال هذا الغياب، جمع الملك الماسيلي المهزوم سيفاكس (Sephax) قواه وتوجه محاصرا قرطاجة بعد أن شتت شمل البلاد التي كان يحكمها غايا (Gaya) أب مسينيسا انتقاما لمساندة ابنه للقرطاجيين. أمام ضرب الحصار، قرر القرطاجيون الصلح مع سيفاكس وزوجوه بمن كان يفترض أنها خطيبة مسينيسا، الجميلة صوفونيسبا.
بسبب هذا الغدر المشين من قبل القرطاجيين، انتقل مسينيسا من مساندتهم إلى مساند الرومان، لينتصرا معا ويهزما هنيبعل القرطاجي وحليفه الجديد الأمازيغي سيفاكس ويقضيا على ملكهما إلى الأبد، ففي الحروب البونية الثانية، جند القائد ماسينيسا 200 ألف جندي أمازيغي إلى جانب الجيوش الرومانية، وكذا بنفس العدد جند الملك سيفاكس تعداداته العسكرية في سنة 203 ق.م مدافعا ضد الرومان عن ملكه. لكن تحالف سيفاكس مع القرطاجيين جعل سلطانه ينهار نهائيا بعد الغزو الروماني لقرطاجة. انهار هنيبعل إمبراطور قرطاج ومعه انهار سيفاكس ملك الماسوليين باني صفاقس التونسية. إثر ذلك، سلم مسينيسا سيفاكس للرومان واستولى على مملكته.
عاش أورمينا بن سيفاكس بضعة سنين بعد موت أبيه كما تدل على ذلك عملة فضية تحمل اسمه تم العثور عليها. لكن لم يفتئ نجم الرومان في شمال إفريقيا أن صعد وأنشأ الملك مسينيسا النوميدي للبربر ملكا جديدا بعد أن قضى على جميع منافسيه.