مقابلة
عبر شاشة التلفزيون، أطلّ بوجهه الصقيل، وخديه المتوردين وشعره المصفف بعناية.
على مكتبه أجهزة هاتف ملونة، وأقلام وصحف، وأوراق رتبت بدقة متناهية، فقد هيئ لهذه المقابلة منذ أيام... كُتبت الأسئلة والأجوبة، وعُدّلت أكثر من مرّة، حتى تكون مناسبة لتطور هذا العصر. واستبدلت بعض فقراتها، وأضيفت إليها عبارات فخمة رنانة.. تدّرب على نطقها وترديدها، منعاً لأي تلكؤ أو خطأ.
وبعد أن عرضت الشاشة بعض المنشآت وورشات العمل والآليات سلّطت عليه الضوء، وسألته المذيعة بصوت ناعم:
-بعد هذه الجولة السريعة.. وبعد أن شاهدنا الإنجازات الرائعة.. ليس بوسعنا سوى أن نثني على جهودكم الجبارة التي تُعدّ مفخرة، يحق لنا أن نعتز بها، كما يحق للأجيال القادمة أن تتغنى بعظمتها، ونريد أن تحدثونا عن المعوقات والصعوبات التي واجهتكم، وكيف تغلّبتم عليها؟!.
شدّ جسمه الممتلئ على الكرسي، وقال وهو يسرق نظرة إلى الورقة المكتوبة:
-اعتمدنا على جهودنا وخبراتنا وكفاءاتنا الذاتية.. عملنا أربعاً وعشرين ساعة في اليوم..
وأضاف مبتسماً: بل أكثر من أربع وعشرين... لأننا كنا نعمل بجهد مضاعف، وتفان وإخلاص. لقد تجاوزنا الخطة المقررة وأنجزنا مائة وخمسين بالمائة في المشروع الأول... ومائة وعشرين بالمائة في المشروع الثاني، و.... وحققنا وفراً في النفقات والمصاريف، والقطع الأجنبي، واستغنينا عن الخبرات الأجنبية وقد شملت الإنارة كافة الأحياء والبيوت.. أصلحنا الأعطال وتخلصنا من انقطاعات التيار التي......
في تلك اللحظة، غاب الصوت والصورة، وعمّ ظلام حالك، ولم يتابع المشاهدون بقية المقابلة.