ماهية الماسونية
رغم أن ما كتب عن الماسونية من مخطوطات وكتب ووثائق ودراسات من الغزارة بحيث يصعب حصره بيليوغرافياً في حيز ضيق.. إلا أن الباحث قد يجد صعوبة كبيرة في العثور على مراجع كافية عن الماسونية في المكتبات العامة، أو المكتبات الجامعية، بل إن مكتبة جامعة "لايدن" لا يوجد بها سوى ثلاثة كتب عن الماسونية.
ومعظم المعلومات التي تطرحها الكتب المتداولة عن الماسونية، أو تلك الموجودة في دوائر المعارف، مثل دائرة المعارف البريطانية، ودائرة المعارف الأمريكية، ودائرة المعارف السوفيتية – تختلف كلية عن المعلومات التي تضمها كتب الماسونية الموجودة في المكتبات الماسونية المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، والتي لا يسمح بارتيادها لغير الأعضاء الماسون. ورغم أن السلطات النازية كانت قد صادرت المكتبات الماسونية في ألمانيا بغية الوقوف على أسرارها، وكشف المعلومات المخفية عن الماسونية- لكن يبدو أن تلك السلطات فشلت في إتمام هذه المهمة، سيما وأن الماسونية سرعان ما اتخذت اسماً جديداً لها هو "نادي الفرسان الألمان"، ولا أحد يعرف على وجه الدقة، هل أتلفت تلك المكتبات وحرق ما فيها من كتب ووثائق.. أم أن تلك الكتب والوثائق أخفيت في مكان ما ثم انتقلت إلى نوادي الفرسان الألمان – فيما بعد – بكيفية أو أخرى؟!!
وما كتب عن الماسونية بالعربية لا يكاد يربو على بضعة عشر مؤلفاً، كتب معظمها في النصف الأول من هذا القرن، كما أن معظمها لم يعد طبعه هو كتاب مثل (الأسرار الخفية للجمعية الماسونية) الذي كتبه شاهين مكاريوس سنة 1900، ظهرت طبعته الثانية، فجأة – سنة 1983؟! وقد شهدت السنوات الأخيرة الماضية ظهور عدة كتب عربية جديدة عن الماسونية. ويلاحظ أن هذه الكتابات وتلك، لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها الأجنبية، كونها لا تخرج في غالبتها عن تصنيفين: فهي إما كتابات مادحة كتبت بقلم أحد أنصارها مثل كتابات شاهين مكاريوس، وجورجي زيدان، وإما كتابات شاجبة كتبت بقلم أحد منتقديها، أو المرتدين عنها، مثل كتابات د. محمد علي الزغبي، ود. أحمد جلوش. وهناك طائفة ثالثة من كتب الماسونية استند مؤلفوها على كتابات المرتدين عنها، ومقارنتها بالتطورات السياسية والأحداث الدولية.. وهذه الطائفة تكتسب –رغم ندرتها- أهمية خاصة، نظراً لأنها تتسم بالتناول الموضوعي، والتحليل العلمي، مما يجعلها تقترب أكثر من حقيقة الماسونية. وقد ظهر في بريطانيا عام 1983 كتاب عن الماسونية بعنوان "الأُخوَّة" The Brotherhoodأحدث ضجة كبيرة بسبب الطريقة التي انتهجها مؤلفه "ستيفن نايت" في توثيقه، إذ أنه اعتمد على استقصاء المعلومات عن طريق الحصول عليها من أفراد "ماسون" اشترطوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، ومعظمهم من المنخرطين في سلك الشرطة البريطانية.. وكان من الطبيعي أن يتعثر صدور هذا الكتاب، وأن يتعرض صاحبه للكثير من المشاكل والضغوط، وأخطر ما جاء في كتاب "نايت" أن المخابرات السوفيتية قد نجحت في التسلل إلى شبكة المحفل، ونجحت في إحلال الكثيرين من أعضائها في مراكز حساسة في الأجهزة السياسية والأمنية والإعلامية في بريطانية وغيرها. وهذا يؤكد على وجود علاقة تربط بين الماسونية والشيوعية ولم تكن مثل تلك العلاقة واضحة قبل أن يشير إليها "نايت" في كتابه هذا. وقد أوردت وكالات الأنباء العالمية نبأ موت "ستيفن نايت" في نهاية شهر يوليو 1985 أي بعد عام واحد من صدور كتابه عن عمر يناهز الثلاثة والثلاثين عاماً، ولم يتأكد بشكل قاطع عما إذا كان "نايت" مات ميتة طبيعية، أم أن هنالك جريمة ماسونية وراء موته؟!