سر اللحظة الحاسمة:
قال الجنرال تيراوث فالكون/ قائد القاعدة الأميركية الخاصة بالعراق التي أنشئت عام 1992 في فلوريدا / للرئيس بوش "إن القضاء على صدام بطريقة العمليات العسكرية الأميركية وحدها سيكون مكلفاً، وأن الفرصة الوحيدة للقضاء عليه هي في التحالف مع قوات دولية وبريطانية أولاً ثم اختراق الصف العراقي وإقناعه بالتعاون معنا ضد صدام". وهنا استهجن بوش فكرته وتساءل عما إذا كان بالإمكان إقناع العراقيين بأن يقفوا بجانبه أمام قوة صدام"؟ فأقنع الكون بكلمة السر وهي: "الديمقراطية..؟!! فهي حلم كبير لدى الشعوب المحرومة منها". ومن هنا اعتمد بوش فكرة الديمقراطية والحرية، فسمّى حملته التي نفذت عمليات الحرب الوحشية الجائرة على العراق بـ "الحرية للعراق".
وكلف باول "ربان كروكر" وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بالقيام بالبحث عن عملاء لأميركا في شمال العراق، وبالفعل قام كروكر بتجنيد بعض عناصر المعارضة العراقية الرئيسية التي دربت داخل مناطق الشمال وهذا ما ساعد أميركا في بناء مخطط نموذجي للمواقع المدنية والعسكرية في بغداد وغيرها عن طريق العملاء العراقيين المسميين معارضة ومنهم من كان يشغل مواقع في الجيش ومن العاملين في المخابرات العراقية التي اخترقت من قبل المعارضين هؤلاء ـ حسب ما أورده الصحافيون الذين درسوا الشأن العراقي جيداً( ).
وفي الوقت الذي كان يقوم فيه كروكر بنشاط كبير داخل الأراضي العراقية، بدأ نجم "أحمد الجلبي" زعيم ما يسمى بالمؤتمر الوطني العراقي المعارض في الظهور وهو أحد شركاء في مؤسسة إسرائيلية ـ أميركية تتاجر بالبترول المهرب والعملات المهربة، ورأى "بول وولفوفيتز" الرجل الثاني في البنتاغون، أن الجلبي هو صورة منسوخة عن "حامد كرزاي" في أفغانستان، بحيث يقوم بتشكيل مجموعة عسكرية مقاتلة يعتمد فيها على الجماعات العراقية المعارضة، بما يمهد لتشكيل تحالف عسكري. وكان بريمر أحد الثلاثة اليهود الأميركيين الذين كلفوا بالإعداد للحظة الهجوم الحاسمة.. فاعتمد بريمر على الجلبي لكنه لم يكن لديه الشخصية الأساسية بل التمهيدية التي تحرق من أجل الشخصية التالية ـ وهذه هي طريقة السياسة الأميركية التي مورست على الشعوب عبر نصف قرن ـ فلم يخرج بريمر إلا وسلم علاوي المتعاون مع أجهزة السي آي إي منذ السبعينات ومن موقعه كمسؤول ثم معارض ثم قائد حزب مجيش..
وذكرت الأنباء في ذلك الحين أن أعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي أثاروا تساؤلاً مفاده: كيف يمكن إجبار الجيش العراقي البالغ عدده 400 ألف جندي ـ حسب التقارير الأميركية ـ على الهرب من ساحة القتال بحيث لا يبقى سوى 50 ألفاً فقط؟. وتحقيقاً لذلك بنت الخطة العسكرية الأميركية افتراضها على تكثيف الضربات الجوية والمتلاحقة والصواريخ المستمرة لخلق صدمة الرعب لدى القوات العراقية، وإلحاق خسائر بشرية في صفوفهم خلال الأيام الأولى للحرب لتثبيط همتهم، وقطع خطوط الاتصال بين القوات العراقية الخاصة ووحدات الجيش العراقي المنتشرة في المدن العراقية وإن القتال قد يستغرق ست ساعات، أما في حال فشل هذا الجانب من الخطة فإن العمليات القتالية قد تزيد إلى أكثر من ستة أشهر وربما تمتد إلى العام ونصف العام.. ولذلك استمرت عاماً ونصفاً ولم تزل حتى الآن على أشدها بل إنها ستظل شديدة مادام الاحتلال موجوداً على الأرض العراقية وإن مجريات الأمور هي التي تقول ذلك وليس وكالات الأنباء هذه المرة أو المراسلون والمحللون التابعون للسياسة الأميرلاكية المتهاوية الآن في العراق.
وتسلم الجنرال "تومي فرانكس" قائد القوات الأميركية بالخليج القرار والمحددات سالفة الذكر واعتمد في تنفيذها على استخدام متدرج للقوات البرية الأميركية (100 ـ 150 ألف جندي)، إلى أن يصل (250 ـ 300) ألف من القوات الأميركية المقاتلة، قوات احتياطية عاجلة من الكوماندوز، وتمركز هؤلاء في مناطق قريبة من جبهة المعارك (7000 مقاتل بالسعودية، 5000 مقاتل في قطر، 8000 مقاتل في البحرين، 2000 مقاتل في تركيا)، استخدم المهاجمون القنابل الذكية بنسبة 80% في الأسبوع الأول من الحرب، للسيطرة على المطارات الواقعة في الغرب وحقول النفط العراقية، لإتاحة الفرص للقوات الأميركية الأخرى لدخول الأراضي العراقية.
من يملك أسلحة الدمار الشامل؟: والغريب في الأمر هنا هو أن القوات الأميركية استخدمت الأسلحة الأميركية المتطورة للمرة الأولى في هذه الحرب، ومنها القنابل العنقودية (B). ولكن الجريمة الكبرى أن صواريخ الشبح الأميركية تم تحميلها بمواد مختلفة من أسلحة الدمار الشامل، كما استخدمت نوعيات جديدة من الصواريخ والقنابل للمرة الأولى وهي (GDIM) وكان لها دور كبير في تدمير شبكة الاتصالات الإلكترونية، وشل مراكز القيادة العراقية وغير ذلك.