ثقافة المواجهة أو ثقافة مقاومة: إذ لا تطور بدون أنظمة سياسية متحررة. لذلك فإنه لمن الواجب وعبر سنوات أو أجيال إعادة النظر في المستوى والمحتوى ـ المستوى الذي يقيم والمحتوى الذي يعلم. وهذا يمر عبر منظومة من الخطط والبرامج نمر على أهمها ههنا:
1 ـ تطوير البرامج: وذلك بتطوير البث الوطني مدعوماً ببرامج ومواد متميزة لجذب المشاهدين إليها، دون أن تنحرف إلى منافسة المحطات الأجنبية ببرامج تشبه إلى حد كبير ما تبثه المحطات الفضائية وبالتالي تصبح مهمتها مكملة لمهام القنوات الفضائية الأجنبية.
2 ـ دخول الساحة العالمية: أن تقوم وزارات الإعلام العربية ـ ذات التوجه غير الاستهلاكي أو العولمي ـ بإنشاء قنوات خاصة بتمويل عربي بما يتيح التعددية التي ينشدها المواطن من القنوات الفضائية، ليصل بث برامجها إلى جميع دول العالم الأمر الذي يتيح للمشاهدين في تلك الدول التعرف على الحضارة العربية والثقافة العربية القائمة على القيم الاجتماعية والإنسانية والمعرفية عالية القيمة وليس على الطريقة التي قدمت من قبل بعض القنوات التي يصل بثها إلى أوروبا. (ويغلب عليها الطابع الإسلامي السلفي المتطرف أو المتخلف) فقد لاحظنا في السنة المنصرمة الحملة الإعلامية التي شنتها الصحف الفرنسية على هذه القنوات وبرامجها التليفزيونية والبالغ عددها ست قنوات فضائية عربية وثلاث عشرة قناة إسلامية (اثنتا عشرة تركية وقناة باكستانية). ولم تكن برامجها بالطبع لتتماشى مع العقلية الأوربية ولا مع الثقافة العربية التقدمية أصلاً مما دعا نقابة الشرطة الفرنسية إلى اعتبار هذه القنوات تروج للأصولية والتطرف للأفكار المعادية للغرب فتقدمت بتقريب تبعته بحملة إعلامية شرسة على هذه القنوات التي قادت إلى ذلك الجو المشحون بالتشدد الأمني على المهاجرين العرب والمسلمين، في فرنسا بلد الحريات الفردية ومبادئ الوطنية ومبادئ حقوق الإنسان استدعتها هذه القنوات إلى مطالبة الوزير المختص بوضع حد لهذه القنوات الفضائية العربية والإسلامية "الخارجة عن القانون على حد رأي التقرير" علماً بأن إلغاءها يخالف الدستور الفرنسي لكن هذا ما حصل مرة أخرى وتستلزم عملية التطوير هذه وإعادة الهيكلة الإعلامية في القطر الواحد وعلى الصعيد القومي، إلى وضع استراتيجية دقيقة وسريعة سرعة العصر الذي يفلت من أيدينا شيئاً فشيئاً نظراً للركود والرتابة المبتلى بها الإعلام العربي برمته وتستلزم الاستراتيجية الإعلامية بالدرجة الأولى لحظ الأهداف والغايات الأساسية التي تسعى المؤسسة الموجهة إلى تحقيقها وتحويلها إلى واقع مرئي ومسموع من خلال البرامج الصحفية والإذاعية والتلفزيونية، مجدولة زمنياً طبقاً لاحتياجات كل مرحلة.. وهذه الأهداف هي سياسية واقتصادية واجتماعية: داخلية وإقليمية أو دولية.. ولابد أن تهدف إلى التغيير السياسي والإصلاح المؤسساتي ونوعية المواطنين للمشاركة في العملية السياسية، أو إلى تثبيت الأوضاع السياسية القائمة ومؤسساتها واستمرار برامجها النمطية أو إلى التنمية الاقتصادية والتغيير الاقتصادي أو الحفاظ على الأوضاع الاقتصادية القائمة، أو تهدف إلى تشجيع الدوافع الفردية وإشراك المواطنين في عملية الإنتاج ووضع الخطط اللازمة، أو لتنفيذ القرارات الاقتصادية التي وضعت مسبقاً دون مشاركة المواطنين فيها. أو إلى التغيير ومساعدة ذوي الدخل المحدود وصغار الكسبة والشرائح الدنيا (الفقيرة) من المجتمع، أم الحفاظ على الأوضاع الاجتماعية القائمة؟ أم إشراك المجتمع في وضع القرارات الخاصة بالأوضاع الاجتماعية؟ أما أنها تهدف إلى تفسير القرارات الاجتماعية التي لا يشارك في وضعها المجتمع؟.
3 ـ وضع خطة مبدئية تلحظ الإمكانيات التي تتيحها وسائل الاتصال الحديثة، مع مراعاة الجوانب الهامة فيها مثل: الكم الإعلامي من حيث عدد ساعات البث وفئات المشاهدين والمستقبلين والأماكن والمواقع التي يصل إليها ـ وكذلك الكيف أو النوعية من حيث مضمون ومحتوى المواد وجودة الأداء والأجهزة المستخدمة والتوازن بين وظائف الإعلام في الأخبار والتثقيف والتعليم والترفيه والتنمية... الخ.
4 ـ التركيز في خططنا الاستراتيجية على القانون الدولي الذي ينص على أن كل دولة تعتزم إنشاء خدمة تلفزيونية دولية مباشرة بالأقمار الصناعية أو التصريح بإنشائها أن تخطر فوراً الدولة أو الدول المستقبلة باعتزامها هذا والدخول في تشاور مع الدول التي تطلب ذلك على أساس اتفاقات موقعة وتخطر بها الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية في مخاطبة العالم عبر إعلام مركز وهادف..