مدينة "كفر البارة" الأثرية تحتضن أحد أهم التجمعات والأوابد التاريخية في الفترة الممتدة ما بين القرنين الثاني والسادس الميلاديين.
تكبير الصورةتكبير الصورةتكبير الصورة
كانت "الكفر" تابعة إدارياً لمدينة "أفاميا"، وعلاقاتها الاقتصادية مع "أنطاكية"، وتعتبر عقدة مواصلات مهمة على طريق "أنطاكية- أفاميا- بيت المقدس"، أما اسمها فقد وجد منقوشاً على حجر في منطقة "الدير" غربي البلدة، واستناداً إلى بعض النصوص السريانية، فإنها كانت تدعى "كفر أدبرتا" أو "كابرو بيرة"، بينما أطلق عليها المؤرخون العرب اسم "البارة" وهو الاسم المتعارف عليه حتى اليوم».
فمدينة "كفر البارة" الأثرية تضم العديد من المواقع والأوابد الأثرية التي تناولها المؤرخون والباحثون بشكل مفصل، حيث تنتشر على مساحة واسعة بطول 4 كم، وعرض 3كم، وكانت زاخرة بالحياة منذ مطلع العصر الروماني و ذات كثافة سكانية وأهمية اقتصادية، مروراً بالعهد العربي الإسلامي نظراً لما تحتويه من قلاع وحصون، ويتبعها ستة مواقع أثرية مهمة وهي "سرجيلا"، "بعودا"، "بترسا"، "مجليا"، "بشلله"، "دير دبانة".
وتتنوع المباني الأثرية فيها، وأهمها الفيلات السكنية، والأديرة، والكنائس، والمدافن الهرمية، ومعاصر الزيتون والخمور، فمن جهة الشمال تقع قلعة "أبو سفيان" كحصن كبير ذي موقع استراتيجي، وتضم ثماني كنائس أهمها كاتدرائية كنيسة "الحصن" عريقة البناء، والغنية بالزخارف الجميلة والبديعة، وتتوزع الكنائس على أحياء المدينة الأثرية، كما يوجد جامع وسط المدينة يعود إلى عام 1103 ميلادية، ويعرف باسم جامع "خراب عنكور"، بالإضافة إلى وجود أربعة جوامع أخرى تشهد على استرجاع المدينة، وإقامة المسلمين العرب فيها.
في هذه المدينة الأثرية عدة أديرة كبيرة من أهمها "دار الرهبان"، و"دير سوباط"، و"حصن البريج"، ومبانٍ وفيلات سكنية تتميز بالطابع العمراني الجميل، تتألف من طابقين، وزينت مداخلها بالرموز الدينية مع زخارف تؤطر المداخل والنوافذ والبوابات المقنطرة، لكن أهم ما يميزها وجود المدافن الهرمية المتميزة بسقوفها الهرمية من حجارة كلسية كبيرة الحجم، المتوجة بأشرطة زخرفية بارزة، أهمها "المذوقة" و"الصومعة" كما تسميان حتى وقتنا الحاضر، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المعاصر المحفورة بالصخر، والتي كانت تستخدم لعصر الزيتون والعنب وإنتاج الزيت والدبس والخمر، ووجود عدد من الحمامات.
تكبير الصورةتكبير الصورة
وحول مصادر المياه في المدينة تتعدد في المدينة، حيث يوجد بئران وهما "جب علّون"، و"جب المكيبرة"، ووجود صهاريج منقورة بالصخر، وهذا ما ساعد على تنمية صناعة عصر الزيتون والكرمة، ذلك الموقع المتميز والصناعة المتطورة والتبادل التجاري جعلها في العهد الإسلامي عرضةً للكثير من الغزوات والحروب.