بعد الحرب العالمية الأولى ظهرت بولندا كدولة مرة أخرى وكان عدد المسلمين يتراوح بين 100 ألف و150 ألف وانتعشت أحوال الأقلية المسلمة ، فبنوا المساجد والمدارس وكانت مدينة (فليوس) في شمال شرقي البلاد مركز المفتي ومقر الجمعية الإسلامية في بولندا وهي الآن تتبع للتوانيا ، وفي سنة 1944 ( أحرق ) ستالين 15 مسجداً وبداخلها المصلون يوم عيد الفطر ، وبعد الحرب العالمية الثانية تقلصت مساحة بولندا ، وقل عدد المسلمين فيها.
خضعت بولندا مع روسيا وشرق أوربا لسيادة القبيلة الذهبية و هي أرقي قبائل التتار في الفترة بين 1227- 1505 م . في سنة 1683م وقفت بولندا في وجه الدولة العثمانية ومنعت مد سلطانها في غرب أوربا وذلك عندما حاصرت تركيا “فيينا” فقام التحالف الأوربي الذي هزم تركيا في معركة "وينروالد" في 12 سبتمبر 1683م ، وكانت هذه بداية التقلص للإمبراطورية الإسلامية ، وقد احتفلت الكنيسة الكاثوليكية وبولندا سنة 1983 بمرور 200 سنة على هذا النصر على الدولة العثمانية.
عاش المسلمون عصراً ذهبياً وحرية كبيرة في الفترة بين الحربين العالميتين ، وبعد أن شارك المسلمون في استقلال بولندا اعترفت الدولة بالاتحاد الإسلامي البولندي سنة 1925م .
ثم انتهى ذلك كله بين عشية وضحاها حين دخلت القوات الروسية والألمانية بولندا سنة 1939م وقاوم البولنديون ، ومعهم المسلمون بقيادة ” علي بليازيويتش ” ومات عدد كبير منهم . ثم جاء ” ستالين ” ونفذ مجازر بشعة في حق المسلمين بتهمة التعاون مع ألمانيا – تماماً كما فعل مع مسلمي القرم وكانت أشهر مجازره يوم عيد الفطر ، هذه المجازر أدت إلى تناقص عدد كبير من المسلمين.
وحتى بعد خروج الروس من بولندا لم يتغير وضع المسلمين فيها ، لوجود الحكومة الشيوعية التابعة لموسكو ، مما ساهم بشكل كبير في ذوبان الأقلية المسلمة وسط المجتمع خاصة في المدن حيث تتزوج المسلمة بمسيحي ، وغالباً ما يتحول هؤلاء للمسيحية بعد ذلك .وأما مسلمو القرى فأكثر تمسكاً بالإسلام ، وأقل ذوباناً في المجتمع.
يتركز مسلمو بولندا في 6 تجمعات أساسية، ثلاثة منها تعد تاريخية لهم، وهي بلدتا “كروجينياني” ، و”بوهونيكي” التاريخيتان، بالإضافة إلى العاصمة “وارسو”، أما التجمعات الأخرى فقد استقروا فيها في العقود الأخيرة، وتتمثل في مدينة “جدانسك” الواقعة في أقصى الشمال وذات الميناء ذائع الصيت، ومدينة “بياوستوك” الواقعة شمال شرقي بولندا قرب الحدود مع روسيا البيضاء، ومدينة “شجيتسن” وهي مدينة تقع شمال غربي البلاد قرب ألمانيا ومعروفة بمينائها.
يحسب عدد المسلمين في بولندا مابين 300 ألف مسلم وهذا يمثل اقل من نسبة 0,07 % من عدد سكان بولندا والذي يصل إلى 40 مليون نسمة . يعد مجتمع المسلمين في بولندا مجتمعا متنوعا حيث انه غير موحد من ناحية أصول المسلمين أو عملهم أو مكان أقامتهم أو حتى من ناحية تدينهم.
من الصعب تحديد عدد المسلمين في بولندا بشكل دقيق حيث انه لا توجد أي إحصائيات رسمية في هذا الموضوع ويرجع ذلك إلى عدم إدراج الانتماء الديني في أي كشوف بيانات شخصية بولندية كما هو جاري في باقي الدول الأوروبية وأيضا لقلة عدد المسلمين في بولندا ولكونهم مقيمين في مناطق متباعدة ولذلك فمن الصعب إجراء بحوث أخرى في هذا المجال