كعب بن زهير :
يعتبر كعب بن زهير بن أبي سلمى أحد فحول المخضرمين، وكانت له المكانة العالية والحظّ المرموق في الشعر والشهرة.
ولمّا ظهر الإسلام تأخّر كعب عن الدخول فيه، وعندما انتشر الإسلام دعاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام فلم يُجبْه بالرغم من أنّ بُجير بن زهير أخا كعب استجاب لنداء الإسلام. نتيجةً لذلك غضب كعب على أخيه وهجاه، وهجا الإسلام والرسول(صلى الله عليه وآله)، فأهدر النبيّ(صلى الله عليه وآله) دمه، فراح يستجير بالقبائل، وما من مجير، ولـمّا ضاقت عليه الأرض في وجهه بعد أن استيأس من المجير والنصير جاء وتوسّل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)وآمن بالدين الجديد وأنشد قصيدته «بانت سعاد» المعروفة بالبردة، والتي تتكوّن من 58 بيتاً، حيث تناولها العلماء والشعراء فشرحوها، منهم ابن دريد والتبريزي وابن هشام والباجوري. وقد طبعت أكثر من مرّة في برلين وباريس والقسطنطينيّة، وكذلك في بيروت، وتُرجمت كثيراً إلى اللاّتينيّة والفرنسية والألمانية والإنكليزية والإيطالية.
إنّ قصيدة البردة يمكن تقسيمها من حيث الأغراض إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ مقدّمة غزلية، كما هو عادة الشعراء الجاهليّين.
2 ـ وصف الناقة.
3 ـ الاعتذار ومدح رسول الله والمهاجرين، حيث ذهب إلى حسن التوسّل والتذلّل ووصف الجزع.
يقول:
بَانَتْ سُعَادُ فقلْبِي اليومَ مَتْبُــولُ مُتَيّــمٌ إثْرَهَا لم يُجْزَ مَكْبـُولُ
وما سُعَادَ غَدَاةَ البَيْن إذ عَرَضَتُ إلاّ أَغَنّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
وقال في النصيحة:
لا تُفْشِ سِرِّكَ إلاّ عند ذي ثِقَة أوْ لاَ، فأَفْضَلُ ما اسْتَوْدَعْتَ أَسرارا
صَدْراً رَحِيباً وقَلْباً واسِعاً صَمِتاً لم تَخْشَ منه لِمَا اسْتَوْدَعْتَ إِظْهاراً
توفّي كعب بن زهير سنة 26هـ.
الخنساء :
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد الملقّبة بالخنساء. وُلدت سنة 575م.
قُتل أخوها معاوية وصخراً في الجاهلية فحزنت عليهما حزناً شديداً، وجزعت عليهما وأخذت برثائهما وبالبكاء عليهما، وقد خصّت أخاها صخراً بدموعها السخيّة لما تحلّى به من الشجاعة والكرم والوفاء وبذل المال.
عاشت الخنساء ولها من العمر 89 سنة، واعتنقت الإسلام، حيث وفدت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنشدته من شعرها، وأسلمت بين يديه، هي وقومها مع بنيها، وقدّمت أولادها الأربعة في سبيل الإسلام، وحرّضتهم على الثبات في القتال حتّى قُتلوا. وعندما وصلها خبر مقتلهم هتفت: «الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقرّ الرحمة». ويُذكر أنّها سُئلتْ عن عدم رثاء أولادها الأربعة ورثائها المستمرّ لاخوانها فقالت: أولادي أحسبهم عند الله، أما اخوتي فسيذهبون إلى النار. وممّا جاء في رثائها لصخر:
الا ما بعينيك أم مالـهــــا لقد اخضلّ الدمع سربالها
ساحمل نفسي على خطّـــة فأمّا عليها وأمّا لـــها
فإن تصبر النفس تلق السرور وان تجزع النفس أشقى لها
للخنساء ديوان شعر أكثره رثاء، طبع في بيروت، وتُرجم إلى الفرنسية، وطبع عدّة مرّات. وأخيراً طبع كتاب شرحه عدد من العلماء بعنوان «أنيس الجلساء في شرح ديوان الخنساء».
ويُذكر أنّه قيل لجرير: «من أشعر الناس؟ قال: أنا لولا الخنساء».
كانت الخنساء تتذكّر صخراً عند طلوع الشمس وغروبها، فإذا طلعت تذكّرها بغارات صخر وعند غروب الشمس تذكّرها بضيافة صخر، حيث تقول:
توفّيت الخنساء سنة 24هـ.