تدوين السيرة النبوية وتاريخ الاسلام :
ولم يدون في تاريخ الاسلام او في سيرته (ع ) شي , حتى مضت ايام الخلفا , لم يدون في هذه المدة شي سوى القرآن الكريم وتقويم اعرابه بمبادئ وقواعد النحو على يد ابي الاسود الدؤلي باملا امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع ) , وقد كان رسول اللّه (ع ) يحفز المسلمين على كتابة القرآن حرصا على حفظه وصيانته , كما ان تفشي العجمة على السنة ابنا العرب على اثر اختلاطهم بغيرهم عند اتساع الرقعة الاسلامية دفعت ابا الاسودالدؤلي الى عرض ذلك على علي (ع ) فكان ذلك حافزا على تدوين النحو.
وبهذا الاختلاط ايضا تفشت فيهم اخبار الماضين من ملوك الفرس وبني اسرائيل , فلما كانت ايام معاوية احب ان يدون في التاريخ القديم كتاب فاستقدم عبيد بن شرية من صنعا اليمن فكتب له كتاب اخبار الماضين من ملوك اليمن من العرب البائدة وغيرهم ومنهم الفرس والحبشة .
(2/4)
________________________________________
وقد كان المسلمون يحبون ان يخلدوا آثار مايتعلق بسيرة الرسول (ع ) ,وقد كان هذا يحقق ما في نفوسهم من تعلق به ـ عليه الصلاة والسلام ـ ,ولكنهم ـ ببالغ الاسف ـ منعوا عن تدوين احاديثه مخافة ان يختلط الحديث بالقرآن الكريم ـ كما زعموا ـ , بل منعوا حتى عن التحديث بحديثه , حاشاامير المؤمنين عليا (ع ) , فانه لم يشارك في هذا المنع ولم يؤيده , بل كما املى النحو على كاتبه ابي الاسود الدؤلي كتب هو ايضابعض الكتب في الفقه والحديث , وامر كاتبه الراتب عبيد اللّه بن ابي رافع ان يكتب المهم من اقضيته , واحكامه في فنون الفقه من الوضؤ والصلاة وسائر الابواب ((1)) .
وبهذا الموقف من امير المؤمنين (ع ) , وبفعل حاجة المسلمين الى احاديث نبيهم ظهر فيهم غير واحد من حملة الاحاديث العلما الفقها ,ولكن حيث استمر هذا المنع رسميا من قبل الخلفا بعد علي وابنه الحسن (ع )الى ايام عمر بن عبد العزيز , قام رجال كلهم محدثون , لم يدونوا في الحديث والفقه شيئا , ولكنهم عوضوا عن كتابة احاديثه بكتابة شي من سيرته (ع ).
اصول السيرة النبوية وتطورها في القرنين الاول والثاني :
لا شك في الاهمية الكبرى التي كانت لاقوال النبي (ع ) واعماله في حياته , واكثر منها بعد وفاته .
ومن الطبيعي ان تورث هذه الاهمية عناية بتدوين تفاصيل حياته وجمع الاخبار و الاحاديث عنه (ع ).
وطبيعي ايضا ان تكون القصص الشعبية عن سيرته موجودة في حياته معتنى بها ـ كحال الناس في العناية بقصص الانبيا من قبل ـ.
وطبيعي ايضا ان يكون بعض الصحابة والتابعين قد تفوق على اقرانه في علمه بسيرته و مغازيه