التعامل مع البنوك
في مدينة من مدن الشمال الإيطالي كان يجلس الصياغ والصرافون ليبيعوا العملات للأفراد، ويشتروا منهم، وكانوا يجلسون على منضدة من الخشب يطلقون عليها (بانكو) وذلك أثناء ازدهار النشاط التجاري في أواخر القرون الوسطي نتيجة الاتصال بدول الشرق الإسلامي، والذي كان سببه كثرة العملات وتعددها.
واتسع نطاق هذا التبادل المالي عن طريق تأسيس الأماكن الخاصة التي يمارس من خلالها، وهنا تحرفت كلمة (بانكو) حتى وصلت إلى المتعارف عليه الآن (البنك).
والبنك: هو مؤسسة مالية يمكن تعريفها بالنظر إلى وظائفها، فهي وسيط مالي بين المقرضين والمقترضين ويخلق الائتمان أو ما يطلق عليه القروض مع القيام بما يرتبط بهذه الأمور من خدمات وعلى أساس هذا التعدد في الوظائف نجد تعددًا في أنواع البنوك على النحو التالي:
أولاً: البنوك التجارية:
وهي مؤسسات مالية يقتصر دورها على تلقي ودائع الأفراد والتي تقبل السحب عند طلبها مباشرة، أو بعد أجل قصير (فترة بسيطة).
وهذه البنوك أسبق في نشأتها من بقية الأنواع الأخرى للبنوك.
مهمة البنوك التجارية:
من الوظائف التي تقوم بها:
1- قبول الودائع من الأفراد، والوديعة هي المبلغ من المال الذي يودع عند شخص ويسترد منه بعد ذلك.
2- تقديم القروض للعملاء.
3- الحصول على الكمبيالات والأوراق التجارية المشابهة لها قبل حلول موعد استحقاق دفعها لتقوم بتحصيلها من المستحق عليهم مقابل نسبة من قيمتها.
4- تأجير خزائن الأمانات للعملاء.
5- استبدال وتحويل العملات في الداخل والخارج.
6- القيام بأعمال الوكالة في تحصيل مستحقات العملاء من قِبَل الغير.
7- استثمار مدخرات العملاء.
8- التعامل في سوق الأوراق المالية: الأسهم - السندات - صكوك التمويل.
ثانيًا: البنوك المركزية:
وهي المرحلة الثانية من تطور البنوك التجارية، فمع اتَّساع نشاط أحد هذه البنوك، وتزايد الثقة فيه، فإن الدولة تتخذه أداة للسيطرة على بقية البنوك ومتحدث باسمها بشرط تنسيق أعماله، وما يتفق مع السياسة الاقتصادية.
مهمة البنوك المركزية:
من أهم وظائف البنك المركزي:
1- إصدار النقود الرئيسية.
2- التحكم في عرض القروض التي تقدمها البنوك الأخرى.
3- يقوم بالإشراف على البنوك الأخرى، فهو المُقرض الأخير لها.
4- يعتبر بنك الحكومة ومستشارها في الأمور المالية.
ويعتبر بنك (ريكس) في السويد هو أقدم البنوك المركزية في العالم حيث تأسس عام 1656م، وأعيد تنظيمه كبنك للدولة والقائم على إصدار النقود في 1668م.
ثالثًا: البنوك المتخصصة:
وهي مؤسسات ينشئها أفراد أو جماعات أو حكومات لخدمة قطاع معين من قطاعات الإنتاج، سواءً كان زراعيًّا أو صناعيًّا أو عقاريًّا يتخصص في البنك.
أما عن دور الحكومة فهو التوجيه لمؤسسات الأفراد والجماعات بما يخدم الاقتصاد القومي، وأحيانًا تقوم الحكومة بإنشاء هذه البنوك من أجل تنمية قطاعات الاستثمار والإنتاج.
طبيعة التعامل:
ولكن مع اعتبار هذه البنوك من مظاهر الحضارة المعاصرة والثورة العلمية، فإن القوانين التي تحكمها هي نفس القوانين التي كانت سائدة في الجاهلية من حصول على فائدة ونسبة من المال عند الإقراض والاقتراض وهذا هو الربا الذي حرمه الإسلام ووضع الأسس والمبادئ التي تقضي عليه.
البنك الإسلامي:
ولقد ظهرت بعد ذلك البنوك الإسلامية وهي: مؤسسات مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية، بما يخدم بناء المجتمع على أساس من التكافل الإسلامي وعدالة التوزيع، ووضع المال في الإطار الذي رسمه الإسلام.
وتتعدد صور الشركات والمؤسسات التي تناسب نشاط ووظائف البنك الإسلامي ومن ذلك:
1- الشركة المساهمة: وهي شركة تجارية يشترك في ملكية رأسمالها عدد كبير أو صغير من الأفراد يبتغون من وراء ذلك الربح الذي يوزع عليهم في نهاية العام.
2- الشركات التعاونية: وهذه تحقق ميزتين؛ أن المتعامل معها هو المشترك نفسه برأسماله فيها، وهذا يمنع التضارب في المصالح إلى جانب أن التصويت في الجمعية العمومية يكون بالتساوي أيًا كان حجم مساهمات الأعضاء.
3- المؤسسة التنموية: وهي المؤسسة التي تقوم بها بعض الحكومات بهدف الإسهام في دعم اقتصاديات البلاد وتنميتها، ويتم تقديم القروض بفائدة رمزية لا تمثل إلا المصاريف الضرورية التي يحتاجها استمرار عمل المؤسسة وسد حاجات العاملين فيها.
ووضعت الشريعة الإسلامية الضوابط التي تحكم عمل هذه الصور، وفي هذا خير دليل على مدى مرونة وحيوية الإسلام وصلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان، وهذا يحتاج من الفقهاء والمجتهدين أن يستخرجوا الأحكام القرآنية الصحيحة، ويخلصوا في أقوالهم حفاظًا على شريعتنا من الأخطار والتحديات التي تواجهها.
شكر خاص لـ ac4p.com