من هذا أو من ذاك
يحكى أن أحد الأعراب ذهب إلى إحدى القرى للاستطعام علَّهُ يصيب شيئاً من طعام أو من حبوبٍ قليلة ، يعود بها عند عودته لأهله وأولاده ، وكان معه بعض الرفاق الذين هم في مثل حاله ، وعندما وصلوا القرية ، أخذوا يسألون من يلاقونه من الناس ، فدلوهم على ديوان القرية وقالوا لهم : إن هناك وليمة ولا بد أن تصيبوا شيئاً من الطعام عندهم .
وسارع الأعرابي ورفاقه ليصلوا إلى الديوان الذي كان يعجّ بالضيوف والمعازيب ، فوقف الأعرابي ومن معه مع من يقف خارج الديوان ، وبعد برهة من الزمن أُحضر الطعام وكان عبارة عن عدة مناسف مليئة بالأرز واللحم ، وعندما أدخلوها لتقديمها للضيوف رآها الأعرابي فسال لعابه لها ، ومد يده وتناول قطعة لحم من على أحد الصحون ، فنظره المضيف وكان يتقزز من الأعراب لرثاثة ثيابهم ، وسوء حالهم وهيئتهم ، فقال لمن يحمل الصحن توقف لا تدخل بهذا الصحن على الضيوف فقد وضع الأعرابي يده فيه ، وقال للأعرابي بحنق في أي صحن وضعت يدك أيها الأعرابي القذر ، وكان الأعرابي ماكراً لئيماً ، فقال : لا أدري إذا كنت وضعت يدي في هذا الصحن ، ووضع يده في الصحن الأول ، أو في هذا الصحن ووضع يده في الصحن الثاني .
فقال المضيف ارفعوا هذين الصحنين فقد نجسهما ذلك الأعرابي بيده وآتوا بغيرهما .
وقال للأعرابي خذ هذين الصحنين واجلس خارجاً وكل أنت ورفاقك ولا تدخل علينا الديوان ، وأخذ الأعرابي صحني الطعام وجلس مع رفاقه خارج الديوان وأكلوا حتى شبعوا ، ثم تركوا الديوان وذهبوا في حال سبيلهم ، وهم يضحكون من فطنة زميلهم الذي دبّر لهم تلك الحيلة فأصابوا طعاماً لم يتوقعوا أن يصيبوا مثله عند أهل هذه القرية الذين عرفوا بالبخل والشحّ ، وعدم إقراء الضيف .