الثعلب وابنه
يروى أن أحد الثعالب تعبّد في آخر حياته وأخذ يكثر من الصلاة والتهجّد ، وكان بعد أن يصلي صلاة الفجر في كل يـوم يدعـو ربه قائلاً : اللهم أَكْفِنَا شَرَّ ابن آدم .
وكان له ابن صغير يسخر منه ومن دعائه ويقول له من هو هذا ابن آدم الذي تدعو كل يوم ليقيك الله شره ، ويسكت الأب على مضض لأنه يعرف أن ابنه لم يعرك الحياة بعد ولم يفهـم أسرارهـا وخفاياها .
وذات يوم خرج الثعلب يبحث عن طعام له ولعائلته ، وخرج ابنه الصغير من جحره وأخذ يلعب ويركض هنا وهناك حتى ابتعد كثيراً عن جحره .وفجأة أبصر به بعض الفتية الذين كانوا قريباً من المكان فتربصوا له حتى أمسكوا به ، وربطوه بحبل في عنقه وأخذوا يقودونه ويجرونه ، وإذا امتنع من السير معهم يضربونه على ظهره حتى كاد يهلك من شدة العناء والضرب ، وظل مع الصبية على تلك الحال إلى ساعات المساء حيث استطاع الإفلات منهم والهرب بكل قواه حتى وصل منهكاً إلى جُحره ومأمنه .
وفي صبيحة اليوم التالي عندما صلى الثعلب الأب صلاته المعهودة وأخذ يدعو بدعائه المعتاد : اللهم قِنَا شر ابن آدم ، رفع الثعلب الصغير يديه قائلاً : وشرّ أبنائه يا أبي ، وشرّ أبنائه يا أبي .
ففهم الثعلب الأب بأن ابنه قد تعلّم درساً في الحياة سينفعه طيلة عمره .