العشب في حليقات(1)
يُحكى أنه كان لأحد الأشخاص عبدٌ يرعى مع إبله وشائه ، وكان لجارٍ له غير بعيد منه جارية سوداء ، وكانت هذه الجارية تهوى ذلك العبد وتحبه ، وكانت تبعث له بين الحين والآخر شيئاً يأكله ، أو مشروباً يشربه دلالة على حبها له وشغفها به ، وكان العبد يبادلها ذلك الشعور وتلك العاطفة ويتمنى الزواج منها ، ولكنه لا يجرؤ على البوح لسيده بذلك الأمر ، ودام الأمر على ذلك الحال فترة من الزمان رحل خلالها الرجل صاحب العبد بإبله ومواشيه وعبيده إلى مكان آخر يكثر فيه الربيع والكلأ ، وكان ذلك المكان قرب قرية تسمى حُليقات في منطقة الساحل ، وشعرت الجارية بأن العبد الذي تهواه قد ارتحل وابتعد عندها ، فاحتارت في أمرها وفكّرت ماذا عساها تفعل ، فعمدت إلى بعض الطرق لكي تُحَبِّب ذلك المكان الذي ارتحلوا إليه إلى سيّدها عساه يرتحل إليه وكانت تقول له : سمعت يا حَبَّاب(1) أن العشب في حليقات للخِلّة(2) ، أي أن طول العشب في حليقات يصل إلى طرف الساتر الخلفي للخيمة وهو حوالي متر ونصف المتر ، وهي تمني النفس أن يرحل سيّدها إلى ذلك المكان فتتمكن بدورها من رؤية العبد الذي يحبه قلبها ، ولكن سيدها كان يدرك ما ترمي إليه الجارية ، فلم يعر الأمر اهتماماً ، بل ارتحل إلى مكان آخر حيث يكثر العشب والربيع وظلت الجارية تعيش على ذكرى ذلك العبد فترة من الزمان دون أن تتمكن من رؤيته .