بنت الخوّاضة
يحكى أن رجلاً طلّق إمرأته بعد أن شَكَّ في نزاهتها وعفَّتِها ، وكانت قد أنجبت له بنتاً فتركتها عنده وعادت إلى أهلها ، وعاشت الطفلة في كنف والدها ، وبعد أن أصبحت صبية أخذت ترعى معه الإبل ، وفي أحد الأيام وبعد مرور فترة من الزمن ، سقطت أمطار غزيرة وسالت الأودية وامتلأت الغدران ، وأراد الرجل أن يعبر مع إبله أحد الأودية الذي كان يسيل بالماء ، ليعبر إلى الجهة الأخرى حيث ترعى إبله ، ولكن السيل حال بينه وبين ذلك ، ومنعه من العبور فتراجعت الإبل لا تجسر على عبور الوادي ، فقالت ابنته : امسك البَكْرَة(1) الفلانية وادفعها أمام الإبل فستخوض الماء لأن أمها كانت خوّاضة تخوض الماء ، فقال لها : هل أنت متأكدة من ذلك . فقالت نعم ، فامسك بالبَكْرَة ودفعها أمام الإبل فخاضت الماء وعبرت إلى الجهة الأخرى وتبعتها الإبل وعبرت وراءها ، وربط الرجل نفسه وربط ابنته معه بحبل وعبر الماء وعندما أصبح في وسط السيل قال لها كيف عرفت يا ابنتي أن البَكْرَة الفلانية ستخوض الماء ، فقالت : لقد كانت أمها خواضّة وبنت الخواضة خواضة كأمّها ، فقال : صدقتِ يا ابنتي ، ثم قطع الحبل بها ودفعها فابتلعتها المياه وأخذها السيل .
تعليق :
في ديننا السمح لا يُعاقب البريء بذنب المسيء ، وكذلك في عصرنا الحاضر لا يُحاسب إنسان بجريرة غيره ، ولكن الكثير من الحكايات علقت بها بعض رواسب الماضي ، فلا تقاس عليها تصرفات الحاضر .