المقصود بالجنسية
لتحديد المقصود بالجنسية ينبغي لنا تعريفها في اللغة أولا ثم نعقب ذلك بإيضاح مضمونها القانوني ، وذلك على النحو الآتي :
أولا:- الجنسية في اللغة :
تشتق كلمة جنسية في اللغة العربية من كلمة (جنس) ، والتعريف في اللغة العربية وفي اللغات الأوربية يرتبط بفكرتي (الجنس) و(الأمة).
وجاء بالمعجم الوجيز ما نصه :
جانسه : شاكله ، وجانس الأشياء : شاكل بين أفرادها ونسبها إلى أجناسها.
وتجانس الشيئان : اتحدا في الجنس .
وتجنس فلان : اكتسب الجنسية .
والجنسية : الصفة التي تلحق بالشخص من جهة انتسابه لشعب أو أمة ، وفى القانون : علاقة قانونية تربط فردا معينا بدولة معينة ، وقد تكون أصلية أو مكتسبة .
ثانيا:- تعريف الجنسية قانونا :-
تعرض الفقه والقضاء لتعريف الجنسية ، ولا تختلف هذه التعريفات عن بعضها البعض في مضمونها وإن اختلفت في صياغتها على نحو ما سنري .
ولتحديد المقصود بالجنسية قانونا ينبغي التعرض لتعريفات كلا من الفقه والقضاء ثم نعقب ذلك بتعريف الجنسية من وجهة نظر التشريع ، وذلك على
البيان التالي :-
1- المقصود بالجنسية فقها :-
تعريفات الفقه للجنسية عديدة ، فيرى البعض أن الجنسية هي " صلة قانونية وسياسية واجتماعية تربط الدولة بأفراد شعبها ".
ويذهب البعض الآخر إلى أن الجنسية هي " فكرة قانونية وسياسية ينتمي الفرد بمقتضاها إلى دولة معينة بحيث يعتبر جزءا من شعبها يتمتع بالحقوق المترتبة على تمتعه بجنسيتها ويلتزم بالالتزامات التي تترتب على حملة الصفة الوطنية " .
ومن جانبنا نرى أن الجنسية هي" رابطة قانونية بين الفرد والدولة بمقتضاها يكون للفرد الحق في التمتع بالحقوق التي تسبغها الدولة على رعاياها والتحمل بالالتزامات المفروضة عليهم ، وإن جاز القول فإن الجنسية في الغالب هي رابطة تسمو بكثير عن الروابط القانونية ، فلا يكفى من وجهة نظرنا أن يكون ارتباط الإنسان بوطنه مستندا إلى القانون وحده .
2- المقصود بالجنسية قضاءا :-
وردت العديد من التعريفات للجنسية في أحكام المحاكم العليا ونورد بعضا منها فيما يلي :-
أ- تعريف المحكمة الإدارية العليا للجنسية :-
عرفت المحكمة الإدارية العليا الجنسية في العديد من أحكامها ، حيث ذهبت إلى أن " ومن حيث إن الجنسية المصرية - وفقا لصريح أحكام المادة (6) من الدستور - التي تضفى على من يتمتع بها وصف المواطن المصري ، أمر يختص به القانون وحده الذي ناط به الدستور أمر تنظيمها، وهى صفة غالية وشرف لا يدانيه شرف، يترتب عليها تمتع الشخص بحقوق المواطنة والمشاركة في إدارة الشئون العامة للوطن وللشعب التي تستلزم الولاء العميق والتام لهذا الوطن، بحسبان الجنسية، على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، هي رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة يتعهد بمقتضاها الفرد بالولاء وتتعهد الدولة بالحماية. والجنسية بهذه المثابة هي التي يتحدد على أساسها الركن الأصيل لقيام الدولة، إذ بها يتحدد الشعب، وشعب مصر هو الذي يقوم عليه وبه كيان دولة مصر ".
" الطعن رقم 7068 لسنة45 ق
جلسة 24/2/2001 "
" الطعنان رقما 1946 ، 1947 لسنة 47 ق
جلسة 10/12/2000"
كما عرفت المحكمة الإدارية العليا الجنسية أيضا بأن " الجنسية تعنى فقها وقضاء، رابطة تقوم بين فرد ودولة بحيث يدين الفرد بولائه للدولة التي ينتمي إليها بجنسيته، وفى المقابل يكون ، بل يتعين ، على تلك الدولة أن تحميه بإسباغ الحماية عليه إذا ما تعرض في دولة أخرى لأي مساس أو تعد. فإذا كان ذلك فإن مفاد ما تقدم ومؤداه الحتمي والمنطقي أن يكون الشخص الذي ينتمي إلى دولتين بحكم تمتعه بجنسيتين متعدد الولاء بتعدد الجنسية ..................... الجنسية هي في تعريفها الأصولي رابطة ولاء وواجب حماية للدولة المنتمى إليها الشخص بجنسيته "
الطعن رقم 1960 لسنة 47 ق
جلسة 6/11/2000
الطعنان رقما 5329 ، 5344 لسنة 47 ق
جلسة 27/8/2001"
"الطعن رقم 1960 لسنة47 ق
جلسة 6/11/2000
س47ق- ص126"
وذهبت أيضا إلى أن " الجنسية تعنى فقها وقضاءا رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة يتعهد بمقتضاها الفرد بالولاء وتتعهد الدولة بالحماية ، والجنسية بهذه المثابة هي التي يتحدد على أساسها الركن الأصيل لقيام الدولة " .
" الطعن رقم 2125لسنة 47 ق – جلسة 7/4/2001
س47- ص15"
وفى سبيلها إلى تعريف الجنسية المصرية على وجه الخصوص ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن " الجنسية المصرية مركز قانوني يستمده الشخص من أحكام الدستور والقانون ويتصل بسيادة الدولة والنظام العام الدستوري ويرتبط بكيانها وتحديد من هم مواطنوها مثلما يحدد الدستور إقليمها ونظام الحكم فيها ويتعين في جميع الأحوال توافر الشروط والوقائع القانونية التي تطلبها الدستور وأحكام قانون الجنسية الواجبة التطبيق فيمن يعتبر مصريا طبقا لهذه الأحكام دون أن يكون لأحد أو لسلطة ما أي تقدير في إسباغ وصف المصري على شخص أو حرمانه من هذا الشرف على خلاف حكم القانون وما حتمه في هذا الشأن ، وفى ضوء هذه الأصول والمبادىء القانونية صاغت القوانين المتتابعة في شأن الجنسية المصرية أحكامها " .
" الطعن رقم 1011 لسنة 45 ق – جلسة 23/6/2001"
" الطعن رقم 5174 لسنة 43 ق – جلسة 27/1/2001"
" الطعن رقم 2444 لسنة 44 ق – جلسة 20/1/2001"
" الطعن رقم 160 لسنة 44ق – جلسة 10/12/2000"
وفى ذات الخصوص ، ذهبت المحكمة الإدارية العليا على أن " الجنسية المصرية مركز قانوني ينشأ مباشرة من أحكام الدستور والقانون ويتحقق في المصري الأصيل بواقعة ميلاده لأب مصري ، أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط والمدد التي تحددها القوانين المتعاقبة للجنسية والتي حددت طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف "
"الطعن رقم 470 لسنة 44 ق – جلسة 31/3/2001"
"الطعن رقم 6854 لسنة 43 ق- جلسة 13/1/2001"
ب- تعريف المحكمة الدستورية العليا للجنسية :-
كما ذهبت المحكمة الدستورية العليا في سبيل تعريفها للجنسية إلى أن " الجنسية هي رابطة أصلية بين الدولة والفرد يحكم القانون نشأتها ويحدد آثارها ، وإذ تقوم في الأصل على فكرة الولاء للدولة فتتميز عن غيرها من الروابط القانونية بطابعها السياسي ، وتنشئها الدولة بإرادتها المنفردة ، فتحدد بتشريعاتها الوطنية الأسس والمعايير التي يتعين تطبيقها لتحديد من يعتبر متمتعاً بها أو خارجاً عن دائرة مواطنيها " .
" حكمها في الطعن رقم 8 لسنة 8 ق " دستورية"
جلسة 7/3/1992"
ج - تعريف محكمة النقض للجنسية :-
أما عن محكمة النقض فقد ذهبت في سبيل تعريفها للجنسية إلى أن " الجنسية من المعاني المفردة البسيطة التي لا تحتمل التخليط ولا التراكيب والقانون الدولي لا يعرف شيئا اسمه جنسية عثمانية مصرية ولا عثمانية عراقية أو حجازية أو سورية . ذلك أن الجنسية فرع من السيادة ولازمة
من لوازمها وللسيادة وحدانية يهدمها الإشراك والتخليط "