تحفيظ الأملاك المحددة تحديدا إداريا
من إعداد الطلبة:
- القليعي حسناء
- بوطالب إسماعيل
- العلوي عبدالله
مقدمة :
مند الاستقلال وإدارة الأملاك المخزنية تعتبر نظام التحفيظ العقاري إطارا قانونيا أساسيا لضبط وتطهير الأملاك الدولة الخاصة ، وكذلك الشأن بالنسبة للأملاك التي لها وصاية عليها، وذلك من منطلق أن لا شيء يميزها في هذا الإطار عن الأشخاص العاديين نظرا لتشابه نظام ملك الدولة الخاص مع نظام ملك الخواص[1].
وفي هذا الإطار يمكن لإدارة تثبيت ملكيتها على عقار معين أن تطلب تحفيظه مباشرة وهو ما يتم تبعا للقواعد العامة للتحفيظ العقاري كما يمكنها كذلك في حال تقدم أحد الأطراف بمطلب من أجل تحفيظ عقار أن تتعرض على هذا المطلب إذا ما رأت أن ذلك العقار يعود لملك الدولة.
كما يمكن أن تلجأ إلى مساطر خاصة لتحفيظ ملك الدولة الخاص والأراضي السلالية تبعا لعمليات إدارية .
فقد مر النظام العقاري بالمغرب بعدة مراحل نتج عنها تنوع في مصارة وتعدد في قواعده فقد أصبحت العقارات تخضع لأنظمة عقارية متعددة حيث نجد انتهائها لأي نظام أو نمط أساسها ووسائل وجودها فهناك الأراضي الجماعية أراضي الجيش ، الملك الغابوي الأحباس ، أملاك الدولة العامة وأملاك الدولة الخاصة وغيرها.
فبعض الأنظمة العقارية تستمد مصدرها من التشريع الوضعي واخرى من الفقه الإسلامي والبعض الآخر من القواعد العرفية ومن ضمن الانظمة العقارية نجد الأملاك المحددة تحديدا إداريا والتي هي عبارة عن رصيد عقاري مكون من جميع الأملاك العقارية المملوكة للدولة والتي لها وصاية عليها.
وإذا كانت أراضي الخواص تتسم بمسطرة خاصة للتحفيظ يطلق عليها عادة بالمسطرة العادية نظرا لكثرة الأراضي التي ترجع ملكيتها للأفراد ، فإن المشرع كان عليه ان يحدد مساطر خاصة تنطبق وتسري على خصوصية باقي العقارات التي يتكون منها النظام العقاري المغربي ، ونقصد هنا مسطرة تحفيظ الاملاك المحددة تحديدا إداريا
ويمكن اعتبار التحديد الإداري للعقارات مسطرة دقيقة تتبعها الإدارة كلها كانت حقوقها على عقار معين ظنية لا قطعية بغية تثبيت ملكيتها عليها تستهل لزوما بمرسوم معلن عن بداية أشغال التحديد الإداري وتنتهي بمرسوم آخر معلن عن المصادقة على العمليات التي ثم إجراؤها . قد تتخللها تعرضات تكتسي وضعية خاصة وتليها مرحلة تأسيس الرسم العقاري في مرحلة ثانية لدى المحافظ العقاري.
فما هي الخصوصية التي تميز هذه المسطرة الخاصة عن المسطرة العادية للتحفيظ؟
هذا ما سنحاول ملامسته من خلال هذا العرض والذي قسمناه إلى مبحثين: الاول نناقش فيه مسألة التحديد الإداري والثاني خصصناه لأهم خصوصيات مسطرة التحفيظ الناتجة عن المصادقة على عملية التحديد الإداري وذلك على الشكل الثالي :
المبحث الأول : المراحل الرئيسية للتحديد الإداري
المبحث الثاني: الخصوصيات المميزة لمسطرة التحفيظ
المبحث الاول : التحديد الإداري
إن صيانة الرصيد العقاري للدولة والجماعات المحلية والاراضي السلالية وحمايته من الترامي والتطاول يتطلبان الإسراع في تصفيته القانونية والتعرف عليه لجعله وسيلة ناجعة للتنمية يسمح للدولة والجماعات المحلية بوضع مخططاتها التعميرية وتصوراتها المستقبلية بناء على معطيات حقيقية ثابتة ومؤكدة ، وتتحقق التصفية القانونية في هذا الإطار إما من خلال التحديد الإداري وإما من خلال التحفيظ العقاري أو منهما معا.
يهذف التحديد الإداري سواء تعلق الأمر بأملاك الدولة العام أو الخاصة أو بالاملاك الجماعية أو بأراضي الجموع، إلى التعرف على هذه العقارات وحدودها ومشتملاتها بغية تثبيت ومعها المادي والقانوني وبشكل لا يقبل الجدل أي تطهيرها من جميع الإدعاءات والمنازعات التي لم تظهر للوجود خلال الآجال القانونية إبان مراحل التحديد الإداري
ورغم الحصانة التي تتمتع بها هذه العقارات بعد انتهاء مراحل التحديد الإداري [2] بعد صدور المصادقة عليه فإن المشرع خصص لها نظاما للتحفيظ العقاري لتأسيس رسوم عقارية خاصة بها، لإشهار جميع العمليات التي يمكن أن ترد عليها بعد ذلك، غير ان إخضاع هذه العقارات لنظام التحفيظ العقاري، يجب أن يتم وفق قواعد خاصة، اعتبارا للإشهار الذي تم طيلة عمليات التحديد الإداري من طرف الأجهزة الإدارية المختصة وهو ما من شأنه أن يفترض فيه توفير كافة الضمانات للحفاظ على حقوق الأغيار.
ولعل ما يبرر الخروج عن القواعد العادية المسطرة في الباب الأول من ظهير 12 غشت 1913 [3] واتباع هذه المساطر الخاصة الاخرى للتحقيق هو الإشهار والتحديد اللذين تخضع لهما العقارات المعنية بهذه المساطر الخاصة.
وقد صدرت نصوص قانونية متوالية همت تحديد الأملاك والعقارات السابقة الذكر، مما يستدعي القاء نظرة متمتعة على المقتضيات القانونية عبر دراسة تحليلية لمختلف الإجراءات المسطرية التي تهم كل نوع من أنواع العقارات السالفة على حدى .
المطلب الأول: طبقا لظهير فاتح يوليوز 1914
بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للملك العام للدولة أو للأملاك الجماعية نجد أن المشرع ميز بين مسطرتين لتحديد هذه الأملاك مسطرة خاصة وفق قانون التعمير ومسطرة عامة طبقا للقواعد المسطرية المنصوص عليها في ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العام للدولة وهي موضوع دراستنا .
هذا وأن التحديد الإداري طبقا لمقتضيات الظهير السالف الذكر قد ينصب على الملك العام ( الفقرة الاولى) كما قد يهم أملاك الدولة الخاصة المتأصلة من الملك العمومي ( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: الملك العام
يمكن اعتبار التحديد الإداري أنه إجراء قانوني يتم بمقتضاه تعيين حدود الملك العام للدولة أو للجماعة حصرية أو قروية ومشتملاته بكيفية مدققة تهدف حماية من كل ترام عليه من طرف الغير ودرءا لأي نزاع او إدعاء يمكن أن يثار بشأنه
ومن المعلوم أن الإدارات العامة غالبا ما تلجأ إلى عملية التحديد عندما تحس أن موقعها سيكون ضعيفا أمام المحاكم المختصة لعدم توفرها على سندات وحجج كافية لإثبات الملكية وذلك بغية نقل عبء إثبات الملكية على المتعرض على عملية التحديد أثناء إيداعها لمطلب التحفيظ وهذا ما كرسته الاجتهادات القضائية إذ جاء في قرار رقم 111 الصادر في المجلس الأعلى بتاريخ 21 يناير 1987 في الملف المدني رقم 193/83 ما يلي [4].
" إن المتعرض في مادة التحفيض هو المدعي الذي يدعي خلاف ما يطلب طالب التحفيظ كذلك يتعين عليه إثبات ما يدعيه وإن حجج طالب التحفيظ باعتباره مدعى عليه لاتناقش إلا إذا أدلى المتعرض بحجج تؤيد تعرضه ".
هكذا فمسطرة التحديد الإداري المنظمة بظهير 1 يوليوز 1914 تمر بعدة إجراءات حيث نص الفصل 7 من نفس الظهير على ان تعيين حدود الملك العمومي للدولة يتم بموجب مرسوم يتخذ بناء على اقتراح من وزير التجهيز والنقل أما بالنسبة للجماعات المحلية فإنه استنادا إلى المادة 37 من الميثاق الجماعي لسنة 2009 فإن المجلس الجماعي يتولى دراسة مسألة تحديد الملك العام الجماعي والتداول بشأنه في دورته العادية وللاستثنائية ثم يتخذ مقرره القاضي بالموافقة على تحديد الملك العام مع تحديد موقعه وحدوده بكل دقة ووضوح.
ولابد أن تتخذ المقررات سواء تلك التابعة للدولة ( مرسوم ) أو للجماعات المحلية ( مقرة) بعد إجراء بحث عمومي إذ يجب أن يجري إشهار كاف بشأن البحث بواسطة الإعلانات التي تنشر بالجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد الوطنية ، وكذا بواسطة الإعلانات التي تلصق بمكاتب الجماعة المعينة. وذلك قصد تمكين الغير من إظهار حقوقهم وتقديم ملاحظاتهم طيلة مدة البحث، وبل وأيضا خلال أجل 6 أشهر بعد نشر مرسوم التحديد في الجريدة الرسمية [5].
وعند انتهاء البحث العمومي تقوم الإدارة بالبث في الملاحظات والتعرضات وتبعا لذلك يمكن لها أن تأخذ الاعتبار التعرضات المقدمة من طرف المعنيين لأمراض تستند أساسا على عقد الملكية أو البيع أو الشراء أو ... وفي هذه الحالة تقوم بتغيير الحدود المبينة في مشروع تصميم التحديد إذا تيسر ذلك ، او إلى اقتناء العقارات المعنية بالمراضاة أو بسلوك مسطرة نزع الملكية ويمكن لها من جهة أخرى ألا تأخذ بعين الاعتبار التعرضات المتضمنة بالسجل المعد لذلك وفي هذه الحالة يجب على المتعرضين اللجوء إلى القضاء للمطالب بحقوقهم[6].
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 7 من الظهير 1 يوليوز 1914 فإن تحديد الملك العام يصبح نهائيا بعد انهزام أجل 6 أشهر من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية ومن تم لا يحق لأي أحد المطالبة بأي حق في العقارات التي كانت محل تحديد إداري إذ ينتج هذا القرار المتخذ آثارا فورية إزاء المجاورين لهذا الملك والذين يصبون إلى اكتساب حقوق ملكية على الأراضي التي شملها التحديد ثم تحمل الملكيات المجاورة للملك العمومي عدة ارتفاقات [7] أحدثها المشرع لفائدة العمومي لحماية وحدته المادية من التفتيت والترامي عليه ولضمان استعماله استعمالا عاديا وفق الغرض المخصص له .
الفقرة الثانية : أملاك الدورة الخاصة المتأصلة من الملك العمومي
تبنى المادة 5 من ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العمومي للدولة أن إذا تبث أن أجزاء من الملك العام قد أصبحت غير قابلة للاستعمال العمومي فيمكن فصلها وإعادتها إلى الملك الخاص للدولة بمقتضى مرسوم يتخذ باقتراح من وزير التجهيز والنقل وزير الأشغال العمومية
وقبل فصل هذه الأجزاء لابد من التعرف عليها وصبحا حدودها ومساحتها ولذلك أكدت المادة 7 من الظهير أعلاه أن ضبط الملك العمومي يتم عند اقتضاء بمقتضى مرسوم يتخذ بعد إجراء بحث عمومي باقتراح من وزير التجهيز والنقل كما تم التطرق لذلك في الفقرة الأولى.
وقياسا على المسطرة الخاصة التي تم وضعها لتحفيظ الأملاك المخزنية [8] وأراضي الجموع [9]المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه فقد صدر ظهير 25/06/1927 المتعلق بتخفيض الاملاك المخزنية المتأصلة من الملك العمومي، الذي تبنى نفس المبادئ باعتبار ان هذه الأملاك قد نصت تصفية وضعيتها المادية والقانونية بناء على مسطرة خاصة للتظهير المتمثلة في مسطرة التحديد الإدري .
هذا التحديد الذي تنجزه وزارة التجهيز والنقل طبقا للمادة 7 من ظهير فاتح يوليوز 1914 حول الملك العمومي والذي يتميز على الخصوص بفتح تحت عمومي يمتد لمدة 6 أشهر من تاريخ المصادق على التحديد وبالإضافة إلى ذلك تنص المادة الأولى من ظهير 25/06/ 1927 المذكور على ضرورة إشهار عمليات تحديد الملك العمومي بالترتيب الآتي:
إيداع لدى السلطات المحلية والمحافظة العقارية لنسخ من مظاهر البحث العمومي ونظير التصميم المؤقت للتحديد الذي انجزته مصالح وزارة التجهيز والنقل
+اشهار تعليق الإيداع المذكور
+إيداع المحافظة العقارية لنظير المرسوم الذي يثبت حدود الملك العمومي ونظيرا من التصميم الملحق به وكذا نظيرا من المرسوم المعلن لفصل القطعة الأرضية من الملك العمومي وضمنها إلى الملك الخاص للدولة طبقا للمادة 5 من ظهير 1 يوليوز 1914.
المطلب الثاني : طبقا الظهيري
إن التصفية القانونية لكل من أملاك الدولة الخاصة ، الاملاك المخزنية والأملاك الغابوية والأراضي السلالية [10] عن طريق المسطرة العادية للتحفيظ قد تاخذ وقتا طويلا وتتطلب تكاليف مهمة خصوصا إذا تعلق الامر بعقارات شاشعة كالغابات مثلا .
او أراضي فلاحية وأخرى رعوية تمثل أراضي جماعية ، مما جعل المشرع يقر آلية جديدة لصيانة كل هذه الأملاك من خلال تحديدها تحديدا إداريا وفقا لمجموعة من الظهائر[11] من أجل ضبط وضعيتها القانونية والمادية [12].
هذا التحديد الإداري الذي يمر بعدة مراحل ويتوج أخيرا بمرسوم المصادقة
فما هي إذن ، أهم عمليات التحديد الإداري ( الفقرة الأولى)؟ وما هي الآثار المترتبة عنه ( الفقرة الثانية ) ؟
الفقرة الأولى : عمليات ومراحل التحديد الإداري
تبتدأ هذه العملية [13] بتقديم طلب بهذا الخصوص بمبارة من الجهة المعنية إما من طرف مديرية الأملاك المخزنية أو بطلب من مديرية المياه والغابات أو بناء على طلب من الوصي وزير الداخلية بعد استشارة الجماعة او السلالة المعنية، يرمي إلى استصدار مرسوم يعلن عن افتتاح أشغال التحديد الإداري ( الفصل الثالث من ظهير 3 يناير 1916 ومن ظهير 18 فبراير 1924 . وذلك يتضمن هذا الطلب كافة الشروط الشكلية المتعلقة بالملك المراد تحديده ولاسيما إسمه موقعة حدوده ، المالكين المجاورين الارتفاقات المقررة عليه أو لمصلحته.
هكذا قبل التاريخ المحدد لبدء العملية بمدة لهذا العرض بالجريدة الرسمية وكذلك وجواب [14] علام العموم بتاريخ افتتاح التحديد وفقا للكيفية التي حددها الظهيرين السابقين[15] وبمجرد القيام بهذين الإجرائين يصبح العقار المراء تحديده غير قابل لتفويته وذلك تحت طائلة البطلان[16] وهو ما ينص عليه الفصل[17] الظهيرين السابقين وفي اليوم والساعة المحددين في مرسوم التحديد ، وحسب الفصل 5 من الظهير المذكورين تنتقل اللجنة الرسمية [18] المكلفة بإنجاز عملية حقوقهم قصد التعرض على حدود العقار، ووضع علامات او انصاب تجسد او أنصاب تجسد أبعاده وتتلقى أيضا الملاحظات والتعرضات من قبل العموم، سواء بخصوص الحدود أو بخصوص الحقوق المدعى بها على العقار موضوع التحديد.
هكذا لكل من له مصلخة ويدعي حقا، يتقدم بتعرض أمام اللجنة التي تعمل على تدوينه بمحضر التحديد وإذا ل يتسنى له ذلك بإمكان المتعرض أن يقيد تعرضه له السلطة المحلية ( الفصل 5 من الظهيرين المذكورين )) وبعد انتهاء العملية يتم إيداع الملف الذي يشمل على المحضر والتصميم الهندسي لدى السلطة المحلية والمحافظة العقارية وهذا ما يسمى بالإشهار الثاني.
مع نشر إعلان بهذا الإيداع بالجريدة الرسمية ويستمر ذلك 6 أشهر بالنسبة للأراضي الجموع، و3 أشهر بالنسبة للأملاك الخاصة للدولة، ويمكن لمن يهمه الأمر ، الإطلاع على هذا الإعلان وتقديم اعتراضه سواء كتابيا أو شفويا ويضاف لمحضر التحديد وقائمة التعرضات التي قدمت للجنة.
وبعد انصرام المدتين المذكورتين يقفل سجل التعرضات [19]. ولابد لم تقدم بالتعرض في الآجال السابقة، وحتى يعتد بتعرضه ، أن يتقدم بتعرض تأكيدي [20] أمام المحافظة العقارية في شكل طلب معزز بجميع الحجج والدلائل والسندات المؤيدة لمطلبه مع أداء الرسوم وذلك داخل أجل 3 أشهر تبتدئ من تاريخ انتهاء الأجل المخصص لتقديم التعرضات وفي حالة عدم قيامه بذلك في الأجل المذكور تسقط حقوقه اللهم إذا كان مجلس الوصاية قد اعترف له بحقوق خلال أجل 6 أشهر المذكورة ( الفصل 6 من ظهير 18 فبراير 1924 ) أو ان تكون الإدارة المعنية قد أخذت بما يدعيه المتعرض خلال أجل 3 أشهر المذكورة بواسطة تعديل محضر التحديد تغيير الحدود وفقا لذلك ( الفصل 6 من ظهير 2 يناير 1916) ولعل أهم ما يثير الاهتمام خلل هذه المسطرة كلي الآجال القانونية المقررة لإبداء التعرضات وتقديمها هذه الأخيرة أي التعرضات التي تبقى الفاصل الوحيد على انتهاء التحديد الإداري وترتيب كل أثاره.
الفقرة الثانية : آثار التحديد الإداري
هكذا تتمثل أول مرحلة للتحديد الإداري في التحديد المؤقت والذي يقوم بهم مثلوا السلطة المعنية من أجل التعرف على معالم العقار، هذه الخطوة تكون مبنية فقط على حدس سابق للإدارة من أجل بدء المسطرة .
فبمجرد صدور مرسوم التحديد يمنع تلقي مطالب التحفيظ لدى المحافظة في شأن العقار موضوع التحديد إلا في شكل تعرض على التحديد الإداري، وذلك حتى يصبح أصحاب الحقوق المحتملين في مركز المدعي الذي يقع عليه عبء الإثبات.
فيما بعد يطرح مشكل الإعلام[21] فالوسائل المعتمدة من إعلان في الجريدة الرسمية والتعليق في الأماكن المخصصة، لا تتلاءم الواقع الاجتماعي من آمية وبعد، وصعوبة الولوج إلى أماكن التعليق ... ، وتبقى الوسيلة الوحيدة الناجحة إلى حد ما هي البراج " Voie de criée ".
وفي مرحلة لاحقة تكون الوسيلة التي تحقق أكبر حجم من الإشهار، وهي خروج اللجنة الرسمية للتحديد إلى عين المكان وفيها يخص هذه الاخيرة وما يعاب على النص القانوني هو تنصيصه على تواجد كل من العدول والمترجم كعنصرين في اللجنة اللذين لم يعد دورهما أساسيا وذلك راجع لتغير ظروف الحال على ما كانت عليه سابقا، في حين أصبح من اللازم والضروري أن تضم اللجنة وبصورة دائمة ومنتظمة كل من رحيمي الجماعة المحلية والمنتخبين المحليين ومهندس مساح ، معتمد أما من القطاع الخاص أو العام " un géonètre topographe"
وفي نفس السياق فإن اللجنة الرسمية مكلفة بوضع الانصاب فهذه الأنصاب المغروسة قد يتم تغيير مواقعها أو تخزييها في حالة حدوث ذلك يطرح مشكل العثور على أماكنها المحددة مسبقا باعتبار أن اللجنة لا تتوفر إلا على تصميم يفتقد للإحداثيات الدقيقة
وبالانتقال للحديث عن التعرضات ، ويظهر جليا أن المشرع المغربي ومن خلال الآجال القانونية [22] - 3 أشهر بالنسبة لأراضي الدولة الخاصة و 6 أشهر بالنسبة لأراضي الجموع القميري ، المخصصة لتقديم التعرضات والتي لا يتحقق خلالها إشهار كاف وإعلام يصل إلى العموم أراد المشرع أن يترك الامتياز للإدارة طالبة التحديد الإداري ونقيضا لذلك، أن هذه الآحال لا يتم احترامها ، لا من طرف الممثل المحلي للإدارة المعنية ولا من طرف المحافظة بحيث يتم استقبال تعرضات خارجها وذلك راجع لعدة اعتبارات ومنها [23].
+أن تكون هناك سنوات عدة بين نتهاء عمليات التحديد وبين فتح آجال التعرضات
+تغيرات الواقع: كموت الأشخاص المعنية او هجرتهم أو حدوث كوارث طبيعية من قبيل الحرائق وإنجراف التربة .
+أحيانا تأخر صدور الجريدة الرسمية مما يقلص من الأجل القانوني وما يثير الجدل حقا، هو أن المطالبين بحقوقهم بخصوص العقار موضوع التحديد، لا يتوفرون على وثائق رسمية تدعم وتعزز إدعاءاتهم وإنما يؤسسون حقوقهم على عنصر الحيازة الطويلة والدائمة التي تتجاوز 10 سنوات بل وحتى أجيال متوالية ) مما يزيح ويضعف كل إدعاء صادر من طرف الأغيار حسب القانون ويعزز ويقوي مركز الحائز بالتقادم المكسب هذه الحيازة لا يتم احترامها [24]. خلال مرحلة التحديد الإداري أو بالاحرى لا يتم الاعتداد بها من طرف الإدارة طالبة التحديد.
ومن الناحية القانونية فسكوت النصوص القانونية أدى طرح عدة تساؤلات صادرة عن المحافظين العقاريين الخصوص حول مادة المطلب التأكيدي للتعرض [25]
+ هل يتم اعتباره مجرد تعرض عادي أم أنه فعلا مطلب للتحفيض ؟
+ هل يتم اخضاعه للرسوم العادية حسب مرسوم 1997 يونيو 30 ام للرسوم القضائية في مادة التعرض ؟
هل يمكن للمحافظ العقاري قبول تعرضات موجهة لهذا المطلب التأكيد من طرف الأغيار ؟
هكذا وارتباطا بروح هذه القوانين ظهيري 1916 و 1924 من الواضع أن كل تعرض يجب أن ينسب على التحديد الإداري لم يتم خلال الأجل القانوني لا يمكن قبوله
لكن في حالة تعرض الغير أمام المحافظ على المتعرض على التحديد الإداري " أي التعرض على المطلب التأكيدي للتعرض " فإنه من الصعب تلقي ذلك وتعرض الغير هذا يتم رفضه حسب المبدأ " qu’opposition sur opposition ne vout" .
يلاحظ أن بعض المحافظين العقاريين ، يعتبرون المطالب التأكيدية كمطالب للتحفيظ، ويقبلون بالتالي تعرضات عليها داخل الأجل العادي، للمسطرة المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 [26] وحتى خارج هذا الأجل [27].
ويستنتج من هنا، أن إيداع مطلب التحفيظ بهذا الشكل المطلب التأكيدي للتعرض، من طرف المتعرض يجعله في مركز المدعي، وعليه يقع عبء الإثبات وهذا استثناء للقاعدة المعروفة التي تضع طالب التحفيظ في موقع المدعي عليه، وكأن المشرع المغربي أراد اعتبار مسطرة التحديد الإداري بمثابة مسطرة التحفيظ العقاري والإدارة طالبة التحديد بمثابة طالب التحفيظ.
هكذا فصدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد يتوقف [28] على توصل الإدارة المعنية بشهادة من المحافظ تقيد عدم إيداع أي تعرض خلال مدة الإشهار أو أنه تم إيداع التعرضات مع الحسم فيها سواء خلال المرحلة الإدارية أو القضائية .
1-إذا لم يقع أي تعرض، في هذه الحالة يرسل محضر التحديد مشفوعا بشهادة من المحافظة العقارية تثبت عدم إيداع أي تعرض إلى الوزارة الأولى قصد استصدار مرسوم بالمصادقة على عملية التحديد الإداري وينشر بالجريدة الرسمية .
2-أما في حالة وقوع تعرضات فإن مطالب التحفيضا التي أودعها المتعرضون ترسل من طرف المحافظ العقاري إلى المحكمة المختصة للنظر فيها، وهنا يجب التمييز بين حالتين :
أ-إذا أدانت المحكمة الإدارة في مطلبها يتم إنجاز محضر ملحق على أساس ما قررته المحكمة وبصدور الأحكام النهائية في الموضوع هذه الإدارة يقوم المحافظ بتطبيق الأحكام واستئناف المسطرة واستخراج العقارات العائدة للمتعرضين قبل تزويد الإدارة المعنية بالتصميم النهائي للتحديد الإداري
ب-إذا قضت المحكمة لفائدة الدولة يطلب من السلطة العليا ( الوزارة الأولى) المصادقة على عملية التحديد وذلك بناء على شهادة عقارية تثبت بأن كل التعرضات المبداة على عملية التحديد قد تم رفعها من طرف المحكمة.
وصفوة القول، فإن عملية المصادقة [29] وبكيفية لارجعة فيها، تثبت المحتوى المادي للعقار المحدد وحالته القانونية وذلك بالنسبة للغير وكذا للملك الخاص للإدارة على حد السواء، وهي نفس الآثار التي يرتبها التحفيظ العقاري .
المبحث الثاني : الخصوصيات المميزة لمسطرة التحفيظ
إن التحفيظ العقاري هو إخضاع العقار للنظام المحدث بظهير 9 رمضان 1331 الموافق ل 12 غشت 1913 بمثابة القانون الأساسي للتحفيظ العقاري وذلك بانشاء رسم للملكية بالسجل العقاري قصد تثبيت وضعيته العقار وبظهيره من كل حق سابق لم تتم الإشارة إليه في السجل العقاري [30]
فظهير 12 غشت 1913 يعد شريعة عامة للقوانين المنظمة التحفيظ في ظل التحديد الإداري ما هي إلا واحدة من هذه المساطر الخاصة للتحفيظ والتي تعرف بعض الخصوصيات المسطرية عند عملية التحفيظ وهي التي سوف تخصص لها هذا المبحث بالدرس والتحليل على أن يكون تركيزنا منصبا بالخصوص على تحفيظ املاك الدولة الخاصة كذا تحفيظ الأراضي السلالية والعقارات المستخرجة من الملك العمومي
مع التركيز كذلك على خصوصية هذه المساطر الخاصة مقارنة مع المساطر العادية للتحفيظ
المطلب الأول : تحفيظ الاملاك الخاصة للدولة المحددة تحديدا إداريا
إن العملية المتعلقة بالمصادقة على مسطرة التحديد الإداري لا تظهر العقار بصفة نهائية من مجمل التحملات التي يمكن أن ترد عليه ، على غرار الأثر التظهيري للتحفيظ العقاري المنصوص عليه بموجب الفصلين 2 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري والإنما الحاجة لظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتفيظ العقارات السابق تحديدها إداريا ؟
ثم إن التصفية القانونية للأملاك الخاصة للدولة عن طريق المسطرة العادية للتحفيظ قد تأخذ وقتا طويلا خصوصا إذا تعلق الامر بعقارات شاسعة كالغابات مثلا ، مما جعل المشرع يقر آلية جديدة لضمانة هذه الأملاك من خلال تحديدها تحديدا إداريا وفقا لظهير 3 يناير 1916 بمثابة النظام الخاص لتحديد ملك الدولة ثم بناء على ذلك إخضاع هذه الاملاك لنظام التحفيظ العقاري وفقا لمسطرة خاصة أقرها ظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتحفيظ الأملاك المخزنية المحددة وفق المسطرة المقررة بمقتضى ظهير 3 يناير 1916[31].
وتنص المادة 3 من ظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتحفيظ الأملاك الخاصة للدولة المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه على انه يمكن تحفيظ العقارات المخزنية التي صدرت في شأنها قرارات وزيرية بالمصادقة بناء على طلب الدولة [32]
هذا في حالة ما إذا لم يتم تقديم أي مطلب لتحفيظ نفس العقار من طرف الخواص وكذا تسجيل أية تعرضات على مطلب الأملاك المخزنية حيث تتم المصادقة على مطلب الأملاك المخزنية حيث تتم المصادقة على محضر التحديد الإداري بالتالي يحفظ العقار موضوع هذا المحضر[33] وفي الحالات المخالفة فإن الأمر يرفع إلى القضاء المختص للبث في النزاع [34] .
وباستقراء للاجتهاد القضائي المغربي في مادة تحفيظ أملاك الدولة الخاصة ، نلاحظ أن قضاء المجلس الأعلى مستقر على ترجيح كفة إدارة الأملاك المخزنية متى اثتبت أن العقار موضوع التحفيظ يؤول لها إما بنزع ملكيته لفائدة المنفعة العامة او بمصادرته لفائدتها باقتناءه بالتراضي [35]
وقد نصت المادة 48 من نفس الظهير على أن التحفيظ لا يمكن إجراؤه إلا بعد القيام بإشهار بالجريدة الرسمية لمدة أربعة أشهر إذا كان الأمر يتعلق بطلب تحفيظ مقدم من طرف شخص تنازلت له الدولة عن قطعة أرضية مشمولة في مدار التحديد الاداري أو مقدم من طرف دوي حقوقه بموافقة الإدارة [36] .
ويستنتج من ذلك ان العقارات المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه يمكن تحفيظها إما وفق مسطرة خاصة بدون إشهار أو وحق مسطرة خاصة بإشهار
الفقرة الأولى: مسطرة التحفيظ بدون إشهار
يتم وحق هذه المسطرة الخاصة بدون إشهار تقديم الطلب من طرف مديرية الأملاك المخزنية أو من طرف إدارة المياه والغابات [37] بالإشارة إلى أن المطلب قد تم إيداعه في إطار المسطرة الخاصة المنصوص عليها في ظهير 24 ماي 1922 ويتعين تأييد المطلب المذكور بنسخة من محضر التحديد الإداري والتصميم المؤقت ونسخة من مرسوم المصادقة كما أنه يتعين التحقق من ذكر الحقوق العينية والتحملات العقارية المعترف بها لفائدة الغير خلال مرحلة التحديد الإداري ومباشرة بعد تخصيص رقم للمطلب المذكور يتعين إيفاد مهندس مساح لعين المكان للتحقق من حدود العقار والتأكد من تواجد العلامات ( الإنجاز) من مكانها وعند الاقتضاء غرس علامات جديدة إذا كان ذلك ضروريا وذلك بحضور ممثل عن الإدارة المعنية بالأمر ولا يستدعي إلى حضور هذه العملية أي شخص آخر لا يمكن قبول أي ادعاء كيفما كان نوعه غير أنه يمكن استدعاء إدارة الأشغال العمومية عند الاقتضاء بعد موافقة الاملاك المخزنية والمياه والغابات وذلك لضبط أقسام الملك العمومي المشمولة في التحديد الإداري او التي تخترقه كالطرقات والمسالك [38]
وبناء على محضر التحديد والتصميم العقاري الذي تنجزه مصلحة المسح، العقاري يعمل المحافظ على تأسيس الرسم العقاري مباشرة في اسم الدولة ( الملك الخاص ، أو الملك الغابوي ) وفقا للشكليات العادية المتبعة في تأسيس الرسوم العقارية
الفقرة الثانية : مسطرة تحفيظ بإشهار
عندما يتعلق الأمر بطلب تحفيظ مقدم وفق المادة 4 من ظهير 24 ماي 1922 يتعين نشر خلاصة خاصة للمطلب يذكر في بدايتها أن هذا النشر قد تم تطبيقا لمقتضيات المادة 4 المذكورة [39]
وتختم في آخرها بعبارة مكتوبة بحروف كبيرة مفادها أن أجل تقديم التعرضات أو الطلبات التقييد سينصرم بعد أربعة أشهر من نشر الخلاصة بالجريدة الرسمية
غير أن التعرضات التي يمكن تقديمها في هذا الباب يجب أن تنصب على الحقوق المستمدة من طالب التحفيظ شخصيا أما التعرضات التي تنصب على استحقاق الملك فلا يمكن قبولها باعتبار أن مثل هذه التعرضات كان يتعين تقديمها داخل الأجل القانونية خلال مسطرة التحديد الإدارية [40]
وخلال أجل الأربعة أشهر المذكورة يتعين إجراء عملية التحقق من الحدود في بين المكان اللهم إلى إذا وردت تعرضات قانونية حيث يثم إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة المختصة للبث في النزاع وفقا للمسطرة المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 [41].
ويمكن القول في نهاية هذا المطلب أن مسطرة تحفيظ العقارات التي كانت موضوع عملية تحديد إداري سابقة تتلخص في قيام المحافظ التابع له العقار المحدد إداريا باتخاذ قرار التحفيظ بناء على المرسوم المصادق على عملية التحديد الإداري المنشور بالجريدة الرسمية علما أن اتخاذ قرار المصادقة بواسطة المرسوم المذكور قد كان مستندا على شهادة صادرة عن المحافظ مفادها عدم وجود قطع أرضية محفظة أو إيداع مطلب تحفيظ بخصوص قطعة داخلة في إطار المناطق المشمولة بعملية التحديد الإداري [42]
علما أن المحافظة على الاملاك العقارية سبق وأن احيطت علما بعملية التحديد الإداري من طرف لجنة التحديد من خلال إلزام الفصل الأول من ظهير 24 ماي 1922 لهذه الأخيرة بايداع بنسخة من تقرير التحديد ونسخة من الرسم البياني الملحق به لدى إدارة المحافظة على الأملاك العقارية [43].
ثم إن قيام المحافظ بالتحقق من وضع علامات الحدود ورسم الخريطة المتعلقة بالعقار حسب الفصل الثالث من الظهير محل الدراسة لا يتعلق بعملية التحديد كما هو منصوص عليها بموجب ظهير 12 غشت 1913 ولا سيما منه الفصول من 17 إلى 23 وإنما مجرد رقابة بعدية لعمل إدارة الأملاك المخزنية حتى تتأتى للإدارة المحافظة العقارية المقارنة بين الوضعية القانونية للعقار المحدد إداريا من خلال محضر التحديد الإداري ووضعيته المادية على أرض الواقع
وعندما تتضح للمحافظ سلامة إجراءات التحديد الإداري ومطابقتها لما هو كائن على أرض الواقع يتخذ قراره بتحفيظ هذا العقار باسم الدولة في شخص إدارة الأملاك المخزنية وهنا يمكن الحديث عن المناعة المطلقة والأثر التظهيري لتحفيظ العقار
ولعل أهم ما يلاحظ في إطار تحفيظ املاك الدولة الخاصة المحددة تحديدا إداريا هو محدودية دور المحافظ على الملاك العقارية [44] إذ يقتصر دوره فقط على المراقبة البعدية لأعمال لجنة التحديد الإداري معززا بمهندس مساح طبوغرافي تابع للوكالة الوطنية للمحافظة على الملاك العقارية
المطلب الثاني : الأراضي السلالية والعقارات المستخرجة من الملك العمومي
الفقرة الأولى : تحفيظ الأراضي السلالية المحددة تحديدا إداريا
إذا كان لكل مالك عقار ما الحق في المطالبة بتحفيظه وإقامة رسم عقاري له، فإن المشرع لم يستثنى الأراضي الجماعية من هذه الميزة العقارية وعلى هذا الأساس نص المشرع في ظهير 1924 المعدل بظهير 16 فبراير 1933 على أنه " يمكن بطلب من الوصي على الجماعات الإعلان عن تحفيظ أراضي جماعة مصادق على تحديدها بقرار وزاري وذلك يعد كشف جديد للأنصاب ووضع تصميم عقاري لهذه الأراضي تقوم بها مصلحة المحافظة على الاملاك العقارية
ونعرف الأراضي الجماعية على أنها مجموعة من الأراضي تعود ملكيتها إلى جماعات وعسائر ودواوير لها علاقات مرتبطة فيما بينها . يؤطر هذا النظام ظهير 27 أبريل 1919 الذي نص على ضرورة خضوع هذه الاراضي الوصاية الدولة.
نظرا لاتساع رقعة الأملاك الجماعية داخل النظام العقاري المغربي كان لابد من التفكير جيدا في إيجاد نظام قانوني لهذه الأراضي يعمل على مراعاة خصوصياتها وجعلا ميكانيزما يساهم في تنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا خصوصا النهوض بأوضاع العالم الضروري وكذا محاولة الحد مما تقرره هذه الأراضي من مشاكل تؤثر سلبا على الجماعات السلالية [45]
وعلى غرار أملاك الدولة فإن المحافظة على هذه الأراضي وضبطها يتم بواسطة التحديد الإداري والتحفيظ العقاري وظهير 18فبراير 1924 يعتبر بمثابة النظام الخاص لتحديد أراضي الجموع الذي يتضمن في نفس الوقت مسطرة التحديد الإداري ومسطرة التحفيظ العقاري خلافا للأملاك الخاصة للدولة التي شهدت صدور ظهيرين يتعلق أولهما بالتحديد الإداري لأملاك الدولة وثانيهما بتحفيظ هذه الأملاك كما سبق الإطلاع
تنص المادة 10 من الظهير 18 فبراير 1924 على أن الأراضي الجماعية المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه بمقتضى مرسوم يمكن تحفيظها بنا على طلب من الوصي على الجماعات السلالية، وذلك بعد التحقق من حدود الملك وتأسيس تصميم نهائي من طرف مصلحة المحافظة العقارية
وتنطلق مسطرة التحفيظ بإيداع مطلب التحفيظ من طرف وزير الداخلية الوصي على الجماعات السلالية معضدا بمحضر التحديد الإداري والتصميم المؤقت [46]
وتتميز هذه المسطرة بكونها لا تخضع لأي شكل من أشكال الاشهار ولا يتم في شأنها إجراء التحديد، بل فقط إيفاد مهندس مساح بحضور ممثل عن الجماعة للتحقق من الحدود ووجود الانصاب في مكانها طبقا للتصميم الذي سبق إعداده في إطار مسطرة التحديد الإداري كما هو الحال بالنسبة لتحفيظ أملاك الدولة المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه ويلاحظ أن تحفيظ أراضي الجموع المحددة تحديدا أداريا مصادقا عليه يتم فقط وفق مسطرة بدون إشهار خلافا لتحفيظ أملاك الدولة كما سبق ذكره حيث أقر المشرع كذلك ضرورة نشر خلاصة بالجريدة الرسمية هذه أربعة أشهر إذا تقدم بطلب التحفيظ شخص تنازلت الدولة عن قطعة أرضية مشمولة في مدار التحديد الإداري وهذا راجع إلى منع التفويت الذي يطال أراضي الجموع
ومن خلال هذا تتجلى خصوصية مسطرة تحفيظ الأراض السلالية المحددة تحديدا إداريا عن المسطرة العادية للتحفيظ
الفقرة الثانية : تحفيظ الاراضي المستخرجة من الملك العمومي
عندما يتم استخراج عقار من الأملاك العامة وضمه إلى ملك الدولة الخاص فإنه يتوضع المسطرة تحفيظ خاصة نص عليها ظهير 29 يونيو 1927 [47] بحيث أن تحديد ملك الدولة العام وفقا بظهير 1914 [48] لا يعفي هذا العقار من سلوك مسطرة التحفيظ الخاصة عند استخراجه من الملك العمومي وضمه إلى ملك الدولة الخاص [49].
تنص المادة 5 من الظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العمومي للدولة أنه إذا ثبت أن إجراء من الملك العام قد أصبحت غير قابلة للاستعمال العمومي فيمكن فصلها وإعادتها الملك الخاص للدولة بمقتضى مرسوم تتخذ باقتراح من وزير الأشغال العمومية.
وقبل فصل هذه الإجراء لابد من الترعف عليها وضبط حدودها ومساحتها ولذلك أكدت المادة 7 من الظهير المذكور [50] أن ضبط حدود الملك العمومي يتم عند الاقتضاء بمقتضى مرسوم يتخذ بعد إجراء بحث عمومي باقتراح من وزير الأشغال العمومية وخلال أجل ستة أشهر من تاريخ اتخاذ المرسوم يمكن للعموم تقديم كل المطالبات المبنية على وجود حقوق ملكية أو استعمال كانت موجودة قبل صدور الظهير المذكور أو على عدم القبول بحدود الملك العمومي التي وضعتها الإدارة وقياسا على المسطرة الخاصة التي تم وضعها لتحفيظ الأملاك المخزنية وأراضي الجموع المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه ( ظهيري 24 ماي 1922 و 18 فبراير 1924 المذكورين ) فقد صدر ظهير 25 / 06 / 1927 المتعلق بتحفيظ الأملاك المخزنية المتأصلة من الملك العمومي اغلذي تبنى نفس المبادئ باعتبار أن هذه الأملاك قد تمت تصفية وضعيتها المادية والقانونية بناء على مسطرة خاصة للتطهير المتبثلة في مسطرة التحديد الإداري[51] على غرار المسطرة المتبعة لتحفيظ الاملاك الخاصة للدولة المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه فإن القطع الإراضية المخزنية المتأصلة من الملك العمومي وفقا للمسطرة المذكورة يمكن تحفيظها وتأسيس رسوم عقارية لها بطلب من الدولة ( الملك الخاص) مباشرة طبقا لمسطرة خاصة بدون إشهار تحفيظها طبقا لمسطرة خاصة مع ستر خلاصة بذلك لمدة أربعة أشهر بناء على طلب الستفيد من القطعة الأرضية أو دوي حقوقه بعد موافقة الإدارة وذلك لفسح المجال أمام التعرضات خلال هذا الأجل وفقا للشروط والشكليات التي سبق دكرها
وفي كلتا الحالتين فإن قبول طلب التحفيظ العقاري يبقى مشروطا بإنجاز التحديد الإداري والمصادقة عليه وصدور المرسوم القاضي بفصل القطعة الأرضية من الملك العمومي وإدماجها في الملك الخاص للدولة بالإضافة إلى الإدلاء بمحضر التسليم إلى مديرية الأملاك المخزنية [52]
وتجدر الإشارة هنا أن المتعرضين على التحديد الإداري المنجز طبقا لمقتضيات المادة 7 من ظهير فاتح يوليوز 1914 ليسوا ملزمين بتأكيد تعرضهم بشكل من الأشكال خلافا للتعرضات المنصبة على التحديد الإداري للأملاك المخزنية أو أراضي الجموع والتي لا تتيح أثارها إلا بتأكيدها بواسطة إيداع مطلب التحفيظ داخل الآجال القانونية المذكورة سابقا
وعموما فإن مصلحة المحافظة العقارية تبعا لإيداع مطلب التحفيظ تقوم بإجراء عملية تحقيق للحدود دون استدعاء أحد كدا إدارة الأملاك المخزنية ثم يتم وضع تصميم عقاري للعقار ولا يتم سلوك مسطرة الإشهار والتعرضات ويتولى المحافظ إقامة رسم عقاري للعقار باسم ملك الدولة الخاص
أما إذا تم تفويت العقار لأحد الخواص فإن عملية التحفيظ تتم بعد نشر خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة بالجريدة الرسمية لهذه أربعة أشهر لا تقبل خلالها أي تعرضات ماعدا تلك الناتجة عن الحقوق لخاصة الراجعة لطالب التحفيظ حيث يجري خلالها تحقيق الحدود ووضع التصميم النهائي وإقامة الرسم العقاري [53]
بقي أن نشير في ختام هذا المبحث إلى أن مسطرة ظهير 24 ماي 1922 هما إحدى المساطر الاستثنائية لم يجعل المشرع سلوكها إجباريا ومن تم فغن عملية تحفيظ العقارات المسبوقة بعملية التحديد الإداري ذات الطبيعة الخاص اختيارية [54] على اعتبار أن نص ظهير 24 ماي 1922 ولا سيما منه ديباجته لا يوجد به ما يفيد إجبارية مسطرة التحفيظ هذه عكس ما يلاحظ على مستوى الظهائر المنظمة لمساطر التحفيظ الإجباري التي تأتي بعبارات واضحة وصريحة تفيد الإجبارية في التحفيظ .
خاتمة :
في نهاية مقاربتنا لهذا الموضوع ملاحظة هامة تفرض نفسها أن مسطرة التحديد الوزاري تصم مجموعة من المقتضيات غير الكافية ولمحاولة معالجتها على السلطة المحلية وكذا المحافظة العقارية أن تتجاوز المقتضيات المنصوص عليها في ظهيري 1916 و 1924 أو بالأحرى خرقها ، ذلك لقبول تعرضات أو مطالب خارج الآجال القانونية التي بالضرورة سينتج عنها حالات توقف وتجميد تهم التحديد الإداري والتحفيظ العقاري
وبالحديث عن ظهيري 1910 و 1924 فإن هذه الأخيرة تم نشرها في بداية القرن 20 بالمغرب للاستجابة لمتطلبات وإكراهات تلك المرحلة وفي الوقت الحالي ما يمكن أن يعاب عليها هو .
أنها نصوص وقوانين قصيرة ومختصرة ومجردة من الآجال والتفاصيل الضرورية وذلك كله لفسخ المجال أمام الإدارة وحدها للمبادرة والحرية في التنفيذ
- غياب استراتيجية واقعية تأخذ بعين الاعتبار الحالة على أرض الواقع عوض الاستناد إلى حدس يرجع أصله إلى قبل سنوات عدة
- أن اللجنة المكلفة بالتحديد لا تضم ممثلين عن الساكنة المعنية على منوال لجنة النضم مثلا
- الاشهار غير كاف والآجال القانونية قصيرة جدا مما يترك الامتياز للإدارة على حساب الأفراد
- عدم تكيف وعتاقه هذه القوانين التي نفس صياغتها في سياق سوسيو سياسي قد مضى
- ويمكن معالجة هذه المشاكل في نظر المحافظين العقاريين من خلال :
- اعتماد وسائل الإشهار وآجال قانونية ملائمة ومعقولة ترامي الوضع الاجتماعي
- التقييد في عين المكان أثناء عملية التحديد للمطالب التأكيدية للتعرض لمصلحة الأشخاص المحتجين
- إمكانية إيداع المطالب التأكيدية للتعرض لدى المحافظة العقارية مادام أن الشهادة المرفقة بملف المصادقة لم تصدر بعد عن المحافظ
- مجانية الإجراءات المتعلقة بإيداع المطالب
- تحسين النصوص المعنية
الفهرس
مقدمة :
المبحث الاول : التحديد الإداري
المطلب الأول: طبقا لظهير فاتح يوليوز 1914
الفقرة الأولى: الملك العام
الفقرة الثانية : أملاك الدورة الخاصة المتأصلة من الملك العمومي
المطلب الثاني : طبقا الظهيري
الفقرة الأولى : عمليات ومراحل التحديد الإداري
الفقرة الثانية : آثار التحديد الإداري
المبحث الثاني : الخصوصيات المميزة لمسطرة التحفيظ
المطلب الأول : تحفيظ الاملاك الخاصة للدولة المحددة تحديدا إداريا
الفقرة الأولى: مسطرة التحفيظ بدون إشهار
الفقرة الثانية : مسطرة تحفيظ بإشهار
المطلب الثاني : الأراضي السلالية والعقارات المستخرجة من الملك العمومي
الفقرة الأولى : تحفيظ الأراضي السلالية المحددة تحديدا إداريا
الفقرة الثانية : تحفيظ الاراضي المستخرجة من الملك العمومي