منتدى ثقف نفسك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثقافة عامة، تاريخ إسلامي ، موسوعة الأساطير ، حكايات شعبية ، حقائق حول الماسونية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مــــــن مفكّـــــرتــي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
recflow
موسوعة ثقافية
موسوعة ثقافية



عدد المساهمات : 1746
تاريخ التسجيل : 06/06/2012

مــــــن مفكّـــــرتــي Empty
مُساهمةموضوع: مــــــن مفكّـــــرتــي   مــــــن مفكّـــــرتــي Emptyالأحد سبتمبر 02, 2012 5:33 am

مــــــن مفكّـــــرتــي

كنت صغيراً مثلكم، في سن الثامنة أو دونها بقليل، وكنت تلميذاً في مدرسة ابتدائية اسمها: نور الدين الشهيد.. بين بيتي ومدرستي هناك: زقاق ضيق هو زقاق المئذنة، وسوق مسقوف يسمونه سوق الطويل، ثم ساحة مترامية الأطراف يدعونها ساحة جورة حوّا... عليّ إذن أن أقطع على الأقدام مسافة شاسعة، ففي أيامنا تلك.. لم نكن نعرف سيارات مخصصة لنقل التلاميذ، ولم يكن في مقدور آبائنا تحمل مصاريفها الباهظة!..
صباح كل يوم.. أستيقظ باكراً؛ أغسل وجهي، وأرتدي ثيابي، وأتناول فطوري.. ثم أتأبط محفظتي؛ وأهرع إلى تلك المدرسة الغالية.
وذات يوم من أيام شباط الباردة.. استيقظت كعادتي؛ فوجئت بأن ضوء النهار يملأ الغرفة!.. وتلفتّ حولي فلم أجد أحداً!. أخي الكبير (سهل) لم يكن يذاكر.. كعادته في ذلك الوقت، أختي الصغرى (هنا) لم تكن أمام المرآة تسرح شعرها.. كما تفعل كل يوم، وبقية أخوتي وأخواتي لم أسمع لهم حسّاً ولا حركة، ولم أعرف في أي مكان هم؟!!
- أين ذهبوا جميعاً؟!.
تساءلت بيني وبين نفسي، ثم تسلّلت من فراشي، وقد انتابني شيء من القلق.. تناهى إليّ أصوات قادمة من غرفة مجاورة، سرتُ بخفة حتى وصلت بابها، فتحته قليلاً.. فوجدتهم جميعاً متحلّقين حول (المذياع)، وقد علا البشر وجوههم، وارتسمت البسمة على شفاههم.. وكان صوت المذيع يطل بين حين وآخر، يهنئ المستمعين، ويزفّ إليهم بشائر لم أدرك ما هي!!. وقفتُ دقائق أنظر من شقّ الباب، دون أن ينتبه أحد إلى وجودي.. وعندما فتحتُه على مصراعيه، نظروا إلي باستغراب، ثم صاحوا بصوت واحد:
- صحّ النوم يا (موفق).. تعال.
قلتُ وأنا أدلك عيني:
- لماذا لم توقظوني؟! ألا ترونَ أن موعد المدرسة قد فاتني؟!.
قالوا: لقد تركناك نائماً.. فاليوم عطلة.
توقفتُ عن دلك عيني، قلت دهشاً:
- عطلة!!. وما المناسبة؟!.
قال أخي (وليد) وهو يضمّني إليه:
- اليوم عيد.. والمدارس تغلق أبوابها في العيد.. أليس كذلك؟.
سألته والدهشة ماتزال تتملكني:
- وأي عيد هذا ؟!!.
أجاب؛ وهو يضع في كفي قطعة نقدية كبيرة:
- إنه عيد الوحدة يا موفق، أتريد (عيديتك) أم أسترجعها؟.
تلمّست النقود بين مصدق ومكذب، أطبقت عليها كفي الصغيرة، وأنا أنظر إليه واجماً وكأنني أقول: أي عيد، وأية وحدة؟!!!.
أردف أخي:
- أصبحنا و(مصر) دولة واحدة.. أليس هذا عيداً؟!.
لم أفهم معنى هذا الكلام، ولكنني تذكرت -وقتئذ- حكاية قرأتُها في كتاب (قراءتنا): الشيخ الذي جمع أولاده حوله، وأمرهم أن يكسروا حزمة عصي.. فلم يتمكنوا!. وعندما أعطاهم كل واحدة على حدة؛ كسروها بسهولة.. فقال لهم:
- الوحدة قوة، والتفرقة ضعف!!.
* * *
أواه.. ما أحلى اجتماعَنا ذلك اليوم!.
وما أشهى فطورَنا الذي بُسط أمامنا!!.
مع ذلك.. تناولتُه على عجل، وهُرعت إلى الشارع القريب، وقد جذبتني الأغاريد والأهازيج والموسيقا العسكرية.
حلقاتٌ للدبكة، ألعابٌ للسيف، أعلامٌ ترفرف، أقواسٌ تُقام، حلوى تُوَزّع، رصاصٌ يلعلع، حناجرُ تردد:
- شعبٌ واحد لا شعبان، علم واحد لا علمان..
عرسٌ حقيقي، جموعٌ مندفعة من غير إجبار، وقد امتلأت نفوسها بآمال عظيمة!.
يومئذ استغربت هذا الاندفاع، ودهشت لهذه الحماسة.. ولكن -مع مرور الأيام- أدركت سرّ فرحتهم وبهجتهم، وعرفت قيمة عيدهم واحتفالهم.. وشيئاً فشيئاً غدت أحلامهم أحلامي، وآمالهم آمالي.. فما أرقَّها وأعذبَها وقد ملأت كياني!!.
* * *
لقد مر على ذلك اليوم أربعون عاماً، وماتزال صوره ماثلة في خيالي، لا أستطيع لها دفعاً!. أذكرها وقلبي يكاد يتفطّر، لأن هذه الوحدة لم تبق، ولأن وحدة مثلها لم تأت بعد!!!!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مــــــن مفكّـــــرتــي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ثقف نفسك :: ثقافة عامة :: الركن الحر-
انتقل الى: