إجـــــراءات الــــوســــــاطــــــة
من مزايا الوساطة باعتبارها نسق أو ظاهرة غير قضائية أنها تتمتع بمرونة كبيرة في إجراءاتها وفي كيفية إدارتها وتوجيهها خلال المدة التي تستغرقها المراحل التي تمر بها، ومن أقوى تجليات مرونة الوساطة عدم وجود قانون إجرائي شكلي صارم يحدد صيرورتها وكيفية تسييرها بمعنى أن الوساطة في حقيقة الأمر الواقع عبارة عن نسق نظامي أو بالأصح مقارنة متعددة الأنظمة من نوع خاص تستقل بخصائص ومميزات تكسبها قوة التلاؤم مع أي نزاع يعرض عليها حله كيفما كانت طبيعته وموضوعه وأطرافه.
ومن جوانب إجراءات الوساطة وفقا للنموذج المغربي كما وضعه القانون رقم 08.05 توخيا للبساطة والاختصار.
1. إن لحملة وسداة الوساطة هو سلطان الإرادة بحيث لا يجوز اللجوء إلى الوساطة الاتفاقية في أي نزاع إلا بناء على اتفاق الأطراف الذي قد يتخذ شكل (عقد الوساطة) أو (شرط الوساطة)، وهذا ليس فيه أية غرابة مادام الأمر يتعلق بوساطة اتفاقية لا قانونية.
2. إن سلطان الإرادة في باب الوساطة يتقيد بالقيود القانونية التي تجعل بعض الحقوق غير قابلة لأن تكون موضوعا للوساطة وهي إجمالا المسائل التي لا يملك الإنسان حق التصرف فيها، كالتركة المستقبلة، وما يتعلق بالأهلية وبالحالة على سبيل المثال.
3. اتفاق الوساطة (شرطا أو عقدا) يجب أن يتضمن صراحة تعيين الوسيط أو الوسطاء أو طريقة تعيينهم، ولا يكون هذا التعيين ملزما للوسيط الذي يخوله القانون حق رفض القيام بالمهمة المسندة إليه لأي سبب كان، وعند ذلك يجوز للأطراف الاتفاق على وسيط بديل، وإلا اعتبر الاتفاق ملغى.
وعند قبول الوسيط القيام بالوساطة يتعين عليه القيام بإعلام الأطراف بذلك برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بواسطة عقد غير قضائي، ولا يجوز له التخلي عن مهمته إلا باتفاق الأطراف أو بانصرام الأجل المحدد، أو الممدد دون التوصل إلى نتيجة إيجابية، أو بأمر قضائي.
4. يلتزم الطرف الذي يرغب في تطبيق شرط الوساطة بأن يقوم بإشعار الطرف الآخر بذلك، ويرفع الأمر إلى الوسيط.
5. إذا عرض على محكمة ما نزاع اتفق الأطراف في شأنه على الوساطة تعين عليها وجوبا التصريح بعدم اختصاصها ما لم تستنفذ في شأنه مسطرة الوساطة أو ما لم يكن اتفاق الوساطة باطلا، وتقيد المحكمة بنفس الشيء إذا كان النزاع غير معروض بعد على الوسيط، ويجوز لها في هذه الحالة أن تحدد بناء على طلب الطرف المدعي المدة القصوى التي تراها مناسبة للشروع في الوساطة تحت طائلة بطلان الاتفاق، غير أن القانون رقم 08.05 لا يجيز للمحكمة في الحالتين إثارة عدم الاختصاص تلقائيا.
6. مدة الوساطة يجب ألا تتجاوز ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ قبول الوسيط إنجاز مهمته، وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بناء على اتفاق الطرفين وفق شروط اتفاق الوساطة.
7. يلتزم الوسيط بكتمان السر المهني مبدئيا، ويجوز للأطراف الاتفاق على رفع السرية عن بعض التصريحات وبعض الملاحظات إذا اقتضت مصلحتهما ذلك أمام المحكمة المعروض عليها النزاع بعد فشل الوساطة.
8. يحرص الوسيط أساسا على الاستماع للأطراف شخصيا ليتمكن من تقريب وجهات نظهرهم، ويمكنه رغم سكوت القانون رقم 08.05، استئناسا بالقوانين المقارنة، أن يستمع إلى محامي الطرفين كذلك لنفس الغاية.
يجوز للوسط ـ لكن بشرط موافقة الطرفين ـ الاستماع إلى أي شخص يكون تدخله مفيدا، كما يجوز له بناء على شرط اتفاق الطرفين كذلك الالتجاء إلى أية خبرة تكون مفيدة في النزاع أو الخلاف موضوع الوساطة.
9. يخضع الحل الذي تسفر عنه الوساطة لأجل صحته وآثاره لنفس المقتضيات التي يخضع لها التحكيم.
ويكتسي الصلح المتوصل إليه عن طريق الوساطة قوة الشيء المقضي به بين الأطراف بصفة انتهائية ويكون قابلا لأن يذيل بالصيغة التنفيذية عند الاقتضاء وذلك من طرف رئيس المحكمة المختصة أصلا للنظر في موضوع النزاع موضوع الوساطة، وتراعى قواعد الاختصاص المكاني كذلك عند تقديم طلب التذييل بالصيغة التنفيذية.